3 لاءات بقمة القاهرة حول غزة ورفض فرنسي لأي دور لـ «حماس»
قبل ساعات من لقاء الرئيس دونالد ترامب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في واشنطن، حيث سيكون الوضع في غزة على جدول أعمالهما، تمسكت «قمة القاهرة»، التي جمعت، اليوم، الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مع الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي والعاهل الأردني الملك عبدالله الثاني بثلاث لاءات: لا لاستمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، ولا لتهجير سكانه، ولا لضم الضفة الغربية، في حين شدد ماكرون من العاصمة المصرية على رفض أي دور مستقبلي لحركة حماس في إدارة القطاع الفلسطيني.
وبعد القمة، أفاد بيان للديوان الملكي الأردني بأن القادة الثلاثة أكدوا ضرورة أن يقوم المجتمع الدولي بالدفع باتجاه وقف الحرب على غزة والعودة الفورية لاتفاق وقف إطلاق النار وضمان تنفيذه. كما شددوا على ضرورة استئناف وصول المساعدات الإنسانية الكافية للحد من الأزمة المتفاقمة في القطاع.
وأكد القادة أهمية وجود مسار سياسي يفضي إلى قيام الدولة الفلسطينية عاصمتها القدس الشرقية، والتوصل إلى سلام دائم في المنطقة، وتجنب تصعيد الصراع.
وفي مؤتمر صحفي جمع السيسي وماكرون في قصر الاتحادية قبيل القمة الثلاثية، قال السيسي إنه بحث مع ضيفه الفرنسي «الخطة العربية لإعمار غزة وسبل تدشين أفق سياسي ذي مصداقية، لإحياء عملية السلام وإقامة الدولة الفلسطينية».
من ناحيته، جدد ماكرون: «دعمنا لخطة إعمار غزة وأحيي مصر لفتحها درباً واقعياً لإعادة بنائها، وفتح المجال أيضاً أمام حكم فلسطيني جديد للقطاع بقيادة السلطة الفلسطينية، دون أن تشارك حماس، وألا تستمر في تهديد إسرائيل».
ميدانياً، شنت «حماس» ليل الأحد- الاثنين أكبر هجوم صاروخي على إسرائيل منذ انتهاء وقف إطلاق النار في 18 مارس، مؤكدة أنها ردت على مجازر الاحتلال المتواصلة للأسبوع الرابع، بإطلاق وابل من الصواريخ على تل أبيب وعسقلان وأسدود، ما تسبب في إصابة 3 إسرائيليين وأضرار مادية.
ومع تأكيد السلطات الصحية في القطاع اليوم استشهاد 57 فلسطينياً، بينهم صحافي واحد على الأقل، توعد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه يسرائيل كاتس «حماس» بدفع ثمن باهظ، وأوعزا بتوجيه ضربة قوية لها ومواصلة العمليات المكثفة وتوسيعها، مع إصدار أوامر بإخلاء 5 أحياء في مدينة دير البلح والتوجه إلى منطقة المواصي.
وفي الضفة الغربية، عمّ إضراب دعت إليه فصائل فلسطينية في مقدمتها «حماس» جميع المدن تنديداً بجرائم الإبادة في غزة ومخيمات الداخل الفلسطيني، وشمل كل جوانب الحياة من المؤسسات الرسمية والأهلية إلى القطاعات التجارية والتعليمية ووسائل النقل، إضافة إلى المدارس والمصارف، وخلت الشوارع من المركبات والمارة، كما أغلقت المصانع والمعامل. ونظمت تظاهرات مؤيدة لغزة في دول إسلامية خصوصاً في بنغلادش وموريتانيا، تلبية لدعوة «حماس».
من ناحية أخرى، أصدرت منظمة حقوقية إسرائيلية اليوم، تقريراً روى فيه جنود إسرائيليون تفاصيل عن الأساليب القاسية التي انتهجتها القوات الإسرائيلية لفتح ما وصفوه بأنها «منطقة قتل» حول قطاع غزة من خلال تدمير أراض زراعية وإخلاء أحياء سكنية بأكملها في القطاع بشكل مقصود.
يستند التقرير الصادر عن منظمة «كسر الصمت» الحقوقية الإسرائيلية إلى شهادات جنود خدموا في غزة وشاركوا في عملية المنطقة العازلة، التي تم توسيعها ليكون عمقها ما بين 800 و1500 متر داخل القطاع بحلول ديسمبر 2024، والتي عملت القوات الإسرائيلية على المزيد من التوسيع لها منذ ذلك الحين.
ماكرون في مصر: استقبال بـ «الرافال» وتناغم إقليمي
وقع الرئيسان المصري عبدالفتاح السيسي والفرنسي إيمانويل ماكرون اليوم، عدداً من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم في مجالات الصحة والتعليم والنقل والطاقة والاستثمار، إضافة إلى إعلان مشترك لرفع مستوى العلاقات إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية. جاء ذلك على هامش زيارة للرئيس الفرنسي إلى مصر، التي أظهرت تناغماً مصرياً - فرنسياً حول عدد من القضايا الإقليمية.
واستهل ماكرون، الذي وصل إلى القاهرة بمرافقة «طائرات رافال المصرية»، زيارته بجولة نادرة مع السيسي وسط الحشود في قلب العاصمة، وتناول العشاء في سوق خان الخليلي التاريخي، وزار المتحف المصري الكبير المطل على أهرامات الجيزة. واستكمل الزيارة اليوم بتفقد جامعة القاهرة وخط مترو الأنفاق الذي تشغله الشركة الفرنسية RATP، ثم المشاركة في جلسة منتدى الأعمال المصري الفرنسي، قبل التوجه في اليوم الثالث إلى سيناء للالتقاء في ميناء العريش، الذي يعتبر قاعدة خلفية لجمع المساعدات بغية إدخالها إلى غزة عبر معبر رفح، مع أفراد من طواقم منظمات فرنسية وأممية غير حكومية والهلال الأحمر المصري وعناصر أمن فرنسيين يعملون ضمن بعثة الاتحاد الأوروبي لمراقبة الحدود والتي يُفترض أن تُنشر في رفح.
وأوضح السيسي أن مباحثاته مع ماكرون تناولت العلاقات الاقتصادية وتوسيع الشركات وتوطين الصناعات ومكافحة الهجرة، مرحباً بدعم اعتماد الشريحة المالية الثانية من الاتحاد الأوروبي.
وأكد السيسي أنه توافق مع ماكرون على أهمية الحفاظ على وحدة سورية ودعم المرحلة الانتقالية وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي لأراضيها، ودعم الرئيس اللبناني جوزيف عون لتحقيق تطلعات شعبه وتنفيذ اتفاق وقف الأعمال العدائية والامتثال الكامل للقرار الأممي رقم 1701.
وبيّن السيسي أنه تناول مع ماكرون الأوضاع في السودان، إلى جانب التطورات الإقليمية في منطقتي الساحل والقرن الإفريقي والتطورات الخاصة بملف الأمن المائي كونه شريان الحياة لمصر.
ونوّه السيسي بحرص مصر وفرنسا على استعادة المعدلات الطبيعية لحركة مرور السفن في قناة السويس، وتفادي اتباع مسارات بحرية بديلة، أطول مسافة وأكثر كلفة، مشيراً إلى أن هجمات مضيق باب المندب تسببت لمصر بخسارة نحو 7 مليارات دولار في 2024، إلى جانب تأثيرها السلبي المباشر على حركة التجارة الدولية وسلاسل الإمداد العالمية.
وأشار ماكرون إلى أنه استعرض مع السيسي تطورات المنطقة والأحداث في سورية ولبنان والسودان، والملف النووي الإيراني، وأيضاً الحرب الروسية - الأوكرانية.
وشدد ماكرون على «ضرورة استقرار الأوضاع في مصر كمنطقة غير مستقرة»، مؤكداً أن مصر هي شريك تاريخي واستراتيجي وأن فرنسا لديها رؤية مشتركة معها لتطوير العلاقات وإرادة قوية لوضع أجندة للاستقرار الإقليمي.
ووعد ماكرون ببذل كل الجهود، معتبراً فرنسا صديقاً مشتركاً لمصر وإثيوبيا، للعب دور إيجابي في تقريب وجهات النظر حيال ملف سد النهضة والمياه، إدراكاً منه لأهمية مياه النيل للمصريين.