وجهة نظر: الرئيس ترامب والتعرفة الجمركية... سؤال وجواب

بتاريخ 2/4/2025 أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب فرض تعرفة جمركية تبادلية بنسبة 10٪ - على الدول جميعها – بما فيها الكويت – مع فرض نسبة أعلى وبمقدار متفاوت على 60 دولة أخرى. هذا القرار دخل حيز التنفيذ في 5 أبريل 2025. وقد أثار إعلان الرئيس الأميركي فرض التعرفة الجمركية ردود أفعال دولية وفقاً لما أوضحه عدد من المختصين التداعيات الاقتصادية للتعرفة، وفي هذه المقالة أركز على الجانب القانوني لقرار الرئيس الأميركي.
ما هي التعرفة الجمركية؟ ولماذا تفرضها الدول؟
التعرفة الجمركية ضريبة تُفرض على البضائع أو المواد الخام المستوردة عند دخول البضائع إلى الحدود الجمركية للدولة. وتُحْسَب التعرفة من خلال: (1) فرض مبلغ نقدي ثابت على كل وحدة من البضائع المستوردة. أو/و (2) معدل مئوي بحيث تُحسَب كنسبة مئوية من قيمة السلعة المفروض عليها الضريبة. فعلى سبيل المثال، فإن فرض تعرفة جمركية بنسبة 5٪ على منتج بقيمة 100 دينار، يعني أن قيمة التعرفة الجمركية المدفوعة هي 5 دنانير، وهذه الطريقة الأخيرة هي التي ستحسب بها التعرفة الجمركية وفقا لقرار الرئيس الأميركي.
للتعرفة أهداف متعددة، فعلى سبيل المثال تمثل التعرفة مصدراً من مصادر الإيرادات العامة للدولة، كما تستخدم كوسيلة لحماية الصناعات أو المنتجات المحلية، فغالباً تؤثر قيمة التعرفة على سعر بيع البضائع المستوردة داخل الدولة فترفعها لأن التاجر المستورد يحاول تعويض قيمة التعرفة المدفوعة من خلال تحميلها للمستهلك، لذا فرفع معدل التعرفة قد يشجع على استهلاك السلع المصنعة محلياً، والتي قد تكون أرخص بالمقارنة.
هل تطبق أميركا التعرفة الجمركية؟ ومن المختص بفرضها داخلها؟
فرض التعرفة الجمركية على السلع المستوردة ليس بالأمر المستحدث، فلعقود طويلة فرضت أميركا تعرفة جمركية على السلع المستوردة. ويعطي الدستور الأميركي الاختصاص للكونغرس بفرضها، إلا أن الكونغرس يمكنه تفويض بعض سلطاته بفرض التعرفة إلى الرئيس بقيود معينة كتحديد حد أعلى لمعدل التعرفة المفروضة أو مدة قصوى لتطبيقها أو اتخاذ بعض الإجراءات الإلزامية قبيل فرض أو تعديل التعرفة كإجراء تحقيق حول مبررات وأسس رفع التعرفات.
وهناك قانونان يمنحان صراحة الحق للرئيس بفرض تعرفة بشرط إجراء تحقيق سابق لقرار فرض التعرفة هما:
1. قانون التوسع التجاري والذي يعطي الرئيس الحق بفرض التعرفة الجمركية لمجابهة التهديد بزعزعة الأمن القومي، وقد اُستُخدِم لفرض ضريبة على الألمنيوم والفولاذ بنسبة 25٪ حديثاً.
2.قانون التجارة الذي يسمح للرئيس بفرض تعرفات جمركية إذا كانت زيادة الواردات تسبب أو تهدد بإلحاق ضرر خطير بصناعة محلية أميركية.
ما هو الأساس القانوني لفرض الرئيس ترامب التعرفة الجمركية؟
لم يؤسس الرئيس الأميركي الأمر الصادر بفرض التعرفة على قانون التوسع التجاري أو قانون التجارة، بل أسسه على قانون « International Emergency Economic Powers Act» والذي ترجمته بعض وسائل الإعلام العربية بقانون الصلاحيات الاقتصادية الطارئة الدولية، وهذا القانون يمنح الرئيس صلاحيات اقتصادية واسعة لتنظيم المعاملات الاقتصادية بعد إعلان حالة الطوارئ الوطنية بما في ذلك تنظيم أو حظر الواردات.
إن هذا القانون لا يمنح الرئيس الأميركي صراحة الحق بفرض التعرفات الجمركية، فعلى الرغم من استخدام الرؤساء السابقين لقانون الصلاحيات الاقتصادية الطارئة الدولية في مناسبات عديدة لفرض عقوبات مثل تجميد أصول بعض الأجانب، إلا أن هذا القانون لم يستخدم قط لفرض التعرفة الجمركية لمواجهة حالة الطوارئ الوطنية حيث تعتبر التعرفة التي فرضت على كندا والصين والمكسيك في فبراير الماضي هي المرة الأولى في تاريخ أميركا التي يستخدم فيها القانون لفرض التعرفة الجمركية لمواجهة حالة الطوارئ الوطنية.
ويمكن قانون الصلاحيات الاقتصادية الطارئة الدولية الرئيس من اتخاذ الإجراءات للتعامل مع أي تهديد غير عادي واستثنائي - من داخل أو خارج الولايات المتحدة - للأمن القومي أو السياسة الخارجية أو اقتصاد الولايات المتحدة. وفق تصريحات البيت الأبيض الرسمية المنشورة في موقعه الإلكتروني فقد أوضح الرئيس دونالد ترامب أن التجارة الخارجية والممارسات الاقتصادية من الدول الأخرى والضرائب الباهظة التي تدفعها الشركات الأميركية للحكومات الأجنبية – على سبيل المثال تقدر ضريبة القيمة المضافة المدفوعة من الشركات الأجنبية أكثر من مئتي مليار دولار سنوياً تمثل حالة طوارئ وطنية، لذا ففرض التعرفات الجمركية يعتبر إجراء ضرورياً لخفض العجز التجاري وضمان التجارة العادلة ولتعزيز المكانة الاقتصادية الدولية للولايات المتحدة وحماية العمال الأميركيين.
إن قانون الصلاحيات الاقتصادية الطارئة الدولية – وعلى عكس قانون التوسع التجاري وقانون التجارة – يمنح سلطات واسعة للرئيس الأميركي لاتخاذ الإجراءات للتعامل مع حالة الطوارئ المعلنة. فعلى سبيل المثال لا يضع أياً من القيود الزمنية أو يتطلب إجراء تحقيق سابق على اتخاذ أي إجراء مناسب يراه الرئيس. وبتطبيق ذلك على موضوع التعرفة الجمركية المفروضة بقرار من الرئيس الأميركي الأسبوع الماضي يتضح أنه لا يوجد تحديد للفترة الزمنية التي يتوقع أن يستمر بها تطبيق التعرفة الجمركية بها كما لا يوجد حد أعلى للتعرفة التي يمكن أن يفرضها الرئيس.
هل ستخضع جميع السلع المستوردة للتعرفة الجمركية؟
لا، فقد استثنى القرار بعض السلع ومنها منتجات الفولاذ أو الألمنيوم والسيارات أو قطع غيار السيارات الخاضعة بالفعل للتعرفة، كما استثنى النحاس والأدوية وأشباه الموصلات والأخشاب وبعض السلع غير متوفرة في الولايات المتحدة.
إلى متى سيستمر فرض التعرفة استناداً إلى حالة الطوارئ؟
كما بينت، وفقاً لقانون الصلاحيات الاقتصادية الطارئة الدولية، فلا مدة زمنية محددة للإجراءات المتخذة، لذا نظرياً يمكن أن تستمر هذه التعرفة لسنوات، إلا أن تصريحات البيت الأبيض الرسمية المنشورة في موقعه الإلكتروني أكدت أن التعرفة الجمركية ستظل سارية المفعول حتى يقرر الرئيس ترامب أن التهديد الذي يشكله العجز التجاري قد تم معالجته أو تخفيفه.