«الخارجية» وسفيرتنا ووزير التجارة الأميركي!
سُئل وورن بافات، أحد أشهر أثرياء العالم الأميركان: كيف سيكون تأثير «التعرفة الجمركية» على الاقتصاد؟ فقال: هي من أعمال الحرب.
ويقصد ما قام به الرئيس الأميركي دونالد ترامب من زيادتها على أهم دول العالم بأوروبا، والصين، وآسيا، وكندا، وكذلك دول الخليج، التي قد تتعرَّض إيراداتها النفطية إلى ضربة مباشرة لانخفاض الطلب، بسبب تداعيات اقتصاد الدول المستهلكة للنفط، وهو ما سيُشعل حرباً تجارية ستعود بأضرارها على الولايات المتحدة، لفرض الدول المتضررة تعرفات جمركية انتقامية ستخلف تضخماً وقطيعة للمنتجات الأميركية، التي لم تكد تتعافى من لعنة غزة، فضلاً عن احتمال انهيار الدولار.
ولك أن تتخيَّل أن رونالد ريغان قد حذَّر من هذا السيناريو في الثمانينيات، ورفض رفع التعرفة الجمركية.
رئيس وزراء كندا هدَّد بقطع التيار الكهربائي الواصل منهم لأميركا، جرَّاء رفعها للتعرفة الجمركية، وأثار انتباهنا توجيه خطابه للشعب الأميركي، قائلاً: «أشعر بالأسى على الشعب الأميركي، لأن الشعب الأميركي ليس هو الذي بدأ هذه الحرب التجارية، بل شخص واحد مسؤول، وهو الرئيس ترامب....»، لأن الشعب هو الرأي العام، ويؤثر بسياسة البيت الأبيض، ويستطيع تغييرها، من خلال ممثليه في البرلمان ضد الرئيس، ويستطيع في المستقبل عدم إعادة انتخابه.
أما حين قام وزير التجارة الأميركي هوارد لوتنيك بتوجيه سهام انتقاده للكويت، بدعوى إنفاقهم مئة مليار لتحريرنا، وأننا نفرض على الولايات المتحدة أعلى تعرفة جمركية، كتهديد مُبطن أدَّى فعلاً إلى زيادة التعرفة الجمركية لاحقاً، فقد جاء تحرُّك وزارة خارجيتنا للرد على هذه التصريحات متأخراً عبر سفيرتنا بواشنطن.
وثانياً، فقد أصدرت سفارتنا في واشنطن بيان خبر لقاء السفيرة مع وزير التجارة الأميركي عبر وكالة الأنباء الكويتية (كونا)، والتي صرَّحت بأن أميركا لم تتحمَّل أي أعباء مالية في حرب تحرير الكويت، وأننا نحافظ على أدنى معدلات تعرفة جمركية بنسبة 5 في المئة.
وسؤالنا لوزير الخارجية: هل صرَّحتم في الإعلام الأميركي؟ وكيف سيصل خبر صادر بـ «كونا» للشعب الأميركي، ليقوم بتصحيح معلوماته المغلوطة التي وصلت إليه من وزير التجارة الأميركي؟! والذي صرَّح بها في مقابلة شخصية عبر محطة «أول-إن-بودكاست» بـ «يوتيوب» تحدَّث فيها الوزير عن زوجته، وإعادة تجهيز بيتهما، ثم عن صداقته بدونالد ترامب عندما كان عُمره ثلاثين عاماً، وراح يُبدي إعجابه بمرحه وشخصيته، ثم توجَّه مسار المقابلة نحو السياسة، كونه جزءاً من حملة ترامب، ثم نجاحه بالانتخابات، فتوجهاتهم السياسية، فأعطى مثالاً عن الكويت، وأدلى بمعلوماته المغلوطة، وعن التعرفة الجمركية، وتكلفة التحرير.
والمضحك أنه استقاها من مقابلة قديمة لترامب.
ورغم أن المقابلة كانت عفوية، فقد وصلت للشعب الأميركي، وانتشرت عبر المحطات والقنوات ووسائل تواصل.
لقد كان باستطاعة وزارة الخارجية الوصول إلى نقاط التقاء مع سياسيين أميركيين سابقين، من خلال علاقة السفيرة بالوسط السياسي، لتحفيز بعضهم للرد على وزير التجارة الأميركي، بل حتى التواصل مع الحاليين بمجلس الشيوخ الأميركي، الذي صوَّت فيه أعضاء من حزب ترامب الجمهوري ضده لأول مرة لإسقاط قراره ضد كندا، أو ترتيب مؤتمر صحافي لوزيرالتجارة الكويتي، بحضور وكالة رويترز، ليفند فيه مغالطات نظيره الأميركي.
نحن نعتقد أنه لا يزال مُتاحاً أن تقوم سفيرتنا بواشنطن بمقابلة تلفزيونية على نفس القناة الإعلامية التي استضافت هوارد لوتنيك، لتبعث من خلالها رسالة للشعب الأميركي عن العلاقة التاريخية، ولتعيد الثقة بين البلدين، ولتفند من خلالها ما ورد من أخطاء على لسان وزير التجارة الأميركي.
***
إن أصبت فمن الله، وإن أخطأت فمن نفسي.