بدون مجاملة: نَكَـد مُـفتَـعل!
تأتي على الفرد أوقات يختبر فيها ظروفاً ثقيلة، وضغوطاً متتالية تجعله في مزاج سيئ، وقلق وانزعاج، فيأمل زوال هذا الضيق، ويترقب الفرج والانشراح والإقبال مجدداً على الحياة.
وأحوال الحياة متقلبة دائماً، وفي هذا التقلب رحمة، فالليل والنهار والصيف والشتاء كلها تغيرات وتقلبات ضرورية في قضاء الحوائج، وتغير النفسيات، وتنوع المقاصد والأنشطة.
وما من إنسان بيننا إلا وله نصيبه من الأفكار التي تشغله، والتطلعات التي تراوده، والهموم التي تثقله.
ثم تنقضي وتزول وكأنها لم تكن.
إلا أن بعض الأشخاص لديهم استياء دائم لكل المواقف والأوقات، تعكير وتعسير، وتعليق سلبي لأي حدث أو قضية، يشكو الزحام، يشكو الطقس، يشكو الأسعار، صبره نافد، لا يحترم الدور، يذم بلا سبب، يرى أن الخلل في كل ما حوله، «مهتاج» طوال الوقت، لا يجد الإبداع في أي شيء، يستحقر النعم، يتصيد في أي حوار فقط ليحتم نظرته المتشائمة تجاه مختلف المواضيع!
إن الإحساس بالضيق لحدوث خلاف أو مشكلة، وإبداء رأي مختلف، والنقد البناء، أو حتى الغضب... كلها مواقف تحدث لجميع البشر، لكنها ضمن إطار ما، مرتبطة بشأن معين، ثم ينتهي الأمر ويمر الموقف. لكن أن يبقى الفرد مشدود الأعصاب، متذمراً، ساخراً متهكماً، فهذا ليس وضعاً طبيعياً - عارضاً- إنما هو مفتعل، إما للفت الانتباه أو للتوهم بقوة الشخصية، أو كنوع من تفريغ الضغوطات بصورة غير صحية.
في هذه الأيام نشهد موسماً انتقالياً... بدأ الموسم الزراعي، والطقس دافئ نهاراً، معتدل ولطيف ليلاً، ثم تجد من يشكو الحر بمرارة، طوال الشتاء كان يستهزئ بأنه لم يبدل ملابسه الصيفية، وعند حلول الصيف ستسمع الشكاوى مجتمعة.
النكديون يستنسخون أيامهم ويسحقون مشاعرهم، يتقدم التاريخ ويتغير الطقس وتستجد الأمور وهم على ذات حالهم، وضجرهم.
عِش أيامك، استمتع بالفصول، استبشر، استغفر، تفهم أخطاءك، لا تحزن على ما فات، مارس هواياتك، ناقش وعبّر، تأمل النعم، واجه المشكلات، تواصل مع أحبائك... الأيام تمضي والمشاعر كثيرة والخير موجود واستعن بالله ولا تعجز.
فإما حياة متجددة... وإما حياة النكد.