مرافعة: إدارة للمرافق القضائية
تفتقد وزارة العدل إدارة تُعنى بتشغيل وإدارة مرافق القضاء، وصيانتها، والحفاظ على استمرارها، بما يعكس حداثتها لأطول فترة ممكنة، أسوة بالعديد من الوزارات والمؤسسات العامة التي أوكلت مهام ذلك الأمر إلى جهات متخصصة، ولو كانت بعُهدة القطاع الخاص لفترات انتقالية إلى حين إنشاء الإدارات المعنية بذلك.
ونظراً لكون معظم المباني القضائية حالياً حديثة البناء، وكلَّفت الدولة ما يقارب 350 مليون دينار منذ بناء المحاكم في محافظة الفروانية كمبنى محكمة الرقعي، ومبنى محكمة محافظة الجهراء، وبناء مبنى النيابة العامة في منطقة الشويخ الإدارية، ثم مبنى محكمة محافظة حولي الجديد، ومبنى قصر العدل الجديد، وقريباً البدء في إنجاز تجديد مبنى قصر العدل القديم، وهي تكاليف عالية على الدولة في البناء والتجهيز، فإنها تستدعي المحافظة عليها باستمرار، ولا يتأتى ذلك إلا من خلال إسناد إدارة تلك المباني القضائية إلى جهات مختصة في الإدارة، وعلى نحو يضمن المحافظة عليها، وعدم تشويه مداخلها وممراتها، مع الصيانة المستمرة لها.
ونظراً لغياب الإدارة عن المباني القضائية والصيانة المستمرة، يعاني مبنى كمجمع المحاكم في الرقعي غياب الصيانة والترميم المستمر، رغم عدم إكماله مدة 8 سنوات، وهو المبنى الذي تم افتتاحه عام 2017 بتكلفة مالية تقارب 77 مليون دينار.
وإزاء حالة الإهمال الكبير لمبنى محكمة الرقعي ولأدواره وقاعاته وخدماته، كدورات المياه، التي باتت واضحة، فإن مظاهر التلف والتكسير لبعض أبواب قاعاته، وبعض الحوائط الزجاجية الداخلية والأرضيات، تُشعِر المتجوِّل بداخله بأنه ليس في مبنى قضائي حديث، بل في مبنى مهمل غلبت على مداخله الفوضى، وكثرت بممراته الأكشاك والبنرات المشوَّهة.
ليس ذلك فحسب، بل إن ذلك المبنى وباقي المباني القضائية تعاني ظاهرة عدم الالتزام بقوانين منع التدخين، وفقدانها للتنظيم الداخلي، وبتجوُّل المراجعين بداخلها، جهلاً بالإجراءات أو المعلومات التي يرغبون في الوصول إليها، في ظل عدم وجود أقسام متخصصة لاستقبال المراجعين وإرشادهم وتوجيههم لكيفية متابعة أعمالهم أو مراجعاتهم.
وما لم تقدم الوزارة على استعجال إنشاء إدارة متخصصة للمرافق القضائية أو التعاقد مع الشركات المختصة في هذا المجال على نحو يحافظ ويعمل على صيانتها ويلبي متطلباتها التقنية وكل لوازمها، ووضع أنظمة لمتابعة أعمال المراجعين، فإنها ستتسبَّب في أضرار كبيرة للمرافق القضائية، وهو ما يؤدي بالتالي إلى هدر الأموال العامة التي صُرفت لتشييد وبناء تلك المرافق المهمة.
أخيراً، فإن إيجاد الإدارات المعنية بالإدارة هو السبيل في المحافظة عليها، ولم تعد فكرة إسنادها لبعض شركات الحراسة والأمن والسلامة والمناولة اليوم، كما يحدث في العديد من المباني القضائية، نموذجاً يحقق المُبتغى من الإدارة، لاسيما أن كثيراً من تلك النماذج العملية محدودة القدرات، ولا تملك الخبرة في التعامل مع الجمهور، ولا حتى في إدارة تلك المرافق.