استنفار إيراني تحسباً لمفاجأة أميركية أو غدر إسرائيلي

• طهران برمجت ألف صاروخ فرط صوتي لرد فوري بضرب «ديمونا» والقواعد الأميركية
• قادة عسكريون يطالبون خامنئي بالانسحاب من «حظر النووي» ويحذرونه من ضغوط ترامب
• تخوف إيراني من حملة اغتيالات تشمل شخصيات حساسة... واعتقالات لتفادي «سيناريو حزب الله»

نشر في 02-04-2025
آخر تحديث 01-04-2025 | 19:46
خامنئي يؤم المصلين بصلاة عيد الفطر في طهران أمس الأول (دي بي أيه)
خامنئي يؤم المصلين بصلاة عيد الفطر في طهران أمس الأول (دي بي أيه)

مع عودة الحرب الكلامية بين طهران وواشنطن إلى ذروتها بتهديد الرئيس الأميركي دونالد ترامب بقصف غير مسبوق على الجمهورية الإسلامية وتوعّد المرشد علي خامنئي برد قاسٍ على أي اعتداء مباشر من الولايات المتحدة أو حليفتها إسرائيل ضد منشآت بلده النووية، كشف مصدر رفيع المستوى في قيادة الأركان بإيران، أن قيادة القوات المسلحة أمرت برفع حال التأهب وتجهيز ردود انتقامية فورية ومماثلة، تشمل القواعد الأميركية بالمنطقة والمنشآت الإسرائيلية.

وقال المصدر لـ «الجريدة» إن التقييمات الإيرانية بشأن التهديدات الأميركية بالقيام بعمل عسكري، في حال رفضت طهران التفاوض بشأن تسوية دبلوماسية حول أنشطتها النووية المثيرة للقلق، تذهب في اتجاهين.

الأول، وفق المصدر، وهو السائد لدى السياسيين، يرى أن ترامب لا يريد حرباً ولن يبادر إليها مادام هناك مسار دبلوماسي محتمل، أما الثاني، وهو السائد لدى العسكريين، فهو يعتبر أنه في مثل هذه الظروف يكون الخطر الأكبر لأن الاحتمال مرتفع بأن يستغل الأميركيون هذه الحسابات الإيرانية لتنفيذ هجوم مباغت، أو أن يقوم الإسرائيليون بضربة غادرة.

وتحدث المصدر عن تجارب كثيرة معظمها لم يخرج إلى العلن، حول نسف إسرائيل تفاهمات بين واشنطن وطهران، مضيفاً أن هناك بالفعل معطيات لدى الأجهزة الإيرانية عن تحضيرات إسرائيلية للقيام بتحرك ضد طهران يجبرها على رد يحتم على واشنطن الاصطفاف إلى جانب الدولة العبرية.

وكشف أن أحد السيناريوهات المطروحة لدى الأجهزة الأمينة هو قيام الإسرائيليين بحملة اغتيالات لشخصيات سياسية وعسكرية وأمنية وعلمية إيرانية، أو بهجمات تخريبية ضد منشآت عسكرية ونووية. ولا تستبعد هذه الأجهزة عملية أميركية ـ إسرائيلية ضخمة ضد طهران، مع حشد واشنطن تعزيزات عسكرية كبيرة بالمنطقة.

وفي إطار خططها للتصدي لهذه الاحتمالات، أكد المصدر أن قيادة الأركان أمرت القوات المسلحة بتركيب آلاف الصواريخ البالستية على بطارياتها لتكون جاهزة للانطلاق، وتم إصدار الترخيص للقادة الميدانيين بإطلاقها بمجرد حصول أي هجوم دون الحاجة لانتظار أوامر عليا.

وقال إنه شخصياً لا يعتقد أن الأميركيين مستعدون للمغامرة، وهم يعلمون أن مثل هذا الهجوم سيكون مكلفاً عليهم، لكن الحشود الأميركية بالمنطقة تُجبر طهران على رفع جاهزيتها الحربية.

وأضاف أن ما يزيد على ألف صاروخ بالستي فرط صوتي من العيار الثقيل تم تصويبها تجاه منشآت نووية إسرائيلية، وهذه الصواريخ لم يتم برمجتها على إحداثيات منشآت «ديمونا» فقط، بل على عدد آخر من المنشآت الموجودة في وسط الدولة العبرية، حيث تؤكد المعلومات الاستخباراتية أن الإسرائيليين نقلوا برامجهم الاستراتيجية الحساسة إليها، كما صوّبت القوات الإيرانية صواريخها باتجاه قواعد عسكرية أميركية بالمنطقة.

ولفت إلى أن قادة القوات المسلحة أجمعوا على مطالبة المرشد الأعلى بتغيير فتواه والسماح بتصنيع السلاح النووي، والانتهاء من هذا الجدل الذي تثيره واشنطن، في رسالة سُلِّمت لمكتبه بمناسبة ذكرى تأسيس الجمهورية الإسلامية أمس.

وطالب القادة في رسالتهم بالانسحاب من معاهدة حظر الانتشار النووي في ظل الضغوط والتهديدات والظروف الحالية، ووجود رئيس بواشنطن يمكن أن يقوم بأي مغامرة غير محسوبة.

وذكر أن القوات الإيرانية تمتلك القدرة على استهداف قاعدة «ديغو غارسيا» عبر طائرات مسيّرة بعيدة المدى، بالإضافة إلى صواريخ نُشرت على جزر نائية وسط المحيط الهندي، بعد أن نقل الجيش الأميركي قاذفات شبحية بعيدة المدى من طراز «بي 2» القادرة على حمل رؤوس نووية إليها بهدف زيادة الضغط على طهران.

من جهة أخرى، اعتقلت القوات الأمنية الإيرانية أكثر من 1250 شخصاً، بينهم أكثر من 200 ينتمون للقوات المسلحة، خلال الأسبوعين الماضيين، بسبب شبهات في تخابرهم أو تواصلهم مع إسرائيل.

وبعد «عملية البيجر» التي استهدفت «حزب الله» في لبنان، تتخوف طهران من سيناريو مماثل، خصوصاً أن هناك ارتفاعاً في وتيرة المحاولات الإسرائيلية لتجنيد عملاء إيرانيين عبر تطبيقات التواصل الاجتماعي.

الاجتماعات الأميركية ــ الإيرانية السرية بدأت بمسقط

كشف مصدر في المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني لـ «الجريدة»، أن اجتماعاً غير رسمي وغير علني عُقد بين ممثلين عن الولايات المتحدة وإيران بهدف التحضير للقاءات رسمية بين الجانبين، موضحاً أنه عُقِد في مسقط الجمعة الماضي، وشارك فيه 3 ممثلين عن كل جانب.

وأضاف المصدر أن هذا النوع من اللقاءات كان مقترحاً من روسيا، لافتاً إلى أن الأميركيين أبلغوا الإيرانيين استعدادهم لإجراء بضع جولات من تلك اللقاءات عبر العراق، على أن تتحول هذه الاجتماعات إلى لقاءات رسمية ومباشرة وعلنية فيما بعد.

وأوضح أن إجراء لقاء الجمعة جاء بطلب من الأميركيين بعد أن سلّمت طهران إلى مسقط رسمياً ردها على رسالة ترامب، وأبدت استعدادها لإجراء مفاوضات مع الأميركيين، رغم إعلانها رفض الدخول في مباحثات مباشرة على لسان وزير خارجيتها عباس عراقجي في ظل استمرار الضغوط والتهديدات الأميركية.

وذكر أن الجانب الإيراني اختار المشاركة في تلك اللقاءات بواسطة شخصيات غير رسمية بتفويض من خامنئي لجس النبض الأميركي، وتفادي الحرج في حال مشاركة شخصيات رسمية، وهو ما ردت عليه واشنطن بالمثل.

وقال إن رئيس الجانب الإيراني المشارك في اللقاء أبلغ أمين «المجلس الأعلى للأمن» علي أكبر أحمديان أن الاجتماع كان إيجابياً جداً، قبل أن يقدم تقريراً مفصلاً بشأنه، لافتاً إلى أن مهمة الاجتماع انحصرت في وضع بنود أي مفاوضات مستقبلية مع التأكيد على ضرورة حصر تلك المفاوضات في المسألة النووية، وبالحصول على ضمانات مقنعة بعدم تكرار واشنطن لانسحابها من أي اتفاق محتمل.

وفي تفاصيل الخبر:

رصدت أوسط عبرية ما وصفته بأنه مؤشرات متزايدة لاحتمال تنفيذ هجوم واسع النطاق ضد إيران في المستقبل القريب في ظل تناغم تهديدات الرئيس الأميركي دونالد ترامب لطهران، التي ترفض التفاوض معه مباشرة بشأن برنامجها النووي، وتوجهات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الرامية لـ «تصفية الحسابات» مع الجمهورية الإسلامية في ظل تقديرات بتفكك قدرات «حزب الله» وحركة حماس وتعرض الحوثيين لضربات أميركية موجعة خلال الأسابيع الماضية.

وبحسب تقرير للقناة الـ14 العبرية، فإن القوات الجوية والتشكيلات الخاصة الإسرائيلية أنهت استعداداتها وتنتظر فقط «الضوء الأخضر» لتنفيذ الضربة، التي قد تكون الأعنف ضد دولة ذات سيادة منذ الحرب العالمية الثانية، وقد تؤدي إلى إسقاط النظام الإيراني.

وتشير القناة إلى أن الهجوم المرتقب قد تنفذه إسرائيل وحدها، أو الولايات المتحدة بمفردها، أو من خلال خطة مشتركة، وهو السيناريو المفضل لدى الدولة العبرية.

وتؤكد القناة أن تهديدات ترامب المتكررة بشأن إيران لا تترك مجالاً للشك حول وجود نية حقيقية لتنفيذ الضربة، خصوصاً إذا لم تطرأ تطورات سياسية كبرى تحول دون ذلك.

وتوقعت مصادر عسكرية في حال تنفيذ الهجوم، أن ترد طهران بإطلاق آلاف الصواريخ والطائرات دون طيار باتجاه إسرائيل، مشيرة إلى أن نظام الدفاع الجوي الإسرائيلي سيخضع لاختبار قاسٍ، وسيتعين على الجبهة الداخلية الإسرائيلية التحمل والصمود رغم التوقعات بوقوع خسائر بشرية ومادية نظراً لحجم الترسانة الصاروخية والمسيرات المتطورة التي تملكها إيران.

وقدرت المؤسسة العسكرية الإسرائيلية أن الحوثيين سيحاولون زيادة معدل إطلاق الصواريخ باتجاه إسرائيل وتحدثوا عن احتمال شن إيران لهجوم ضد بلدهم بسبب شعورها بالتوتر جراء الضغوط والحشود العسكرية الأميركية التي وصلت بالفعل إلى المنطقة والتي تضمنت نشر مقاتلات استراتيجية شبحية يمكنها حمل أسلحة نووية بالمحيط الهندي أخيراً.

تهديد وشكوى

في المقابل، حذر «الحرس الثوري» الإيراني «الأعداء من ارتكاب أي خطأ في الحسابات ومن أي أوهام شريرة تجاه أراضينا»، معتبراً أن «الحقائق الدولية تدل على استعداد العالم لتطورات كبيرة وهذه الأمور تتطلب التأمل والتفكير».

في موازاة ذلك، أكد مجلس «صيانة الدستور» الإيراني أنه «ينبغي للأعداء، وخصوصاً أميركا المجرمة، أن يتذكروا بأن اختبار الشعب الإيراني العظيم سيكون خطأ كبيراً غير قابل للإصلاح بالنسبة لهم، وعليهم أن يتحدثوا باحترام وكرامة مع شعب الجمهورية الإسلامية الإيرانية».

وأمس الأول، اشتكت إيران إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، من تهديدات الرئيس الأميركي «المتهورة والعدائية»، واصفة إياها بأنها «انتهاك صارخ للقانون الدولي» وميثاق الأمم المتحدة.

وفي رسالة اطلعت عليها وكالة «رويترز»، كتب سفير إيران لدى الأمم المتحدة أمير سعيد إيرواني، أن طهران «تحذر بشدة من أي مغامرة عسكرية، وسترد بسرعة وحزم على أي عمل عدواني أو هجوم من جانب الولايات المتحدة أو وكيلها، النظام الإسرائيلي، ضد سيادتها أو سلامة أراضيها أو مصالحها الوطنية».

وتضمنت المذكرة الرسمية تحذير إيران من أي «إقدام عدواني» تجاهها، وتصميمها على الرد «بشكل حاسم وفوري على أي تهديد قد تتعرض له».

وجاءت الشكوى بالتزامن مع تعهد المرشد الإيراني علي خامنئي بتوجيه «ضربة شديدة» إلى من يعتدي على بلاده رغم استبعاده تعرضها لعمل عدائي وشيك من الخارج.

ويأتي هذا في وقت حذّر ترامب الحوثيين في اليمن والإيرانيين، من أن «الآتي أعظم» إذا لم تتوقف الهجمات على السفن في البحر الأحمر، بعدما نفذت الولايات المتحدة ضربات مكثفة ضد مواقع لـ «أنصار الله» في صنعاء والحديدة وصعدة.

وفي أول تعليق منذ رفض طهران إجراء مفاوضات مباشرة مع واشنطن، هدد ترامب في لقاء مع شبكة «إن. بي. سي نيوز» بقصف إيران وفرض رسوم جمركية ثانوية عليها إذا لم تبرم اتفاقاً بشأن برنامجها النووي. وقال: «إذا لم يتوصلوا إلى اتفاق، فسيكون هناك قصف... سيكون قصفاً لم يروا مثله من قبل».

تحذير روسي

في غضون ذلك، حذرت روسيا على لسان نائب وزير خارجيتها سيرغي ريابكوف من أن توجيه ضربات للبنية التحتية النووية الإيرانية ستكون له عواقب «كارثية».

وقال ريابكوف في تصريحات أمس إن «التهديدات تُسمع بالفعل، والإنذارات تُسمع أيضاً»، مضيفاً «نعتبر مثل هذه الأساليب غير لائقة ونستنكرها ونعتبرها وسيلة للولايات المتحدة لفرض إرادتها على الجانب الإيراني».

ورأى أن تصريحات ترامب في الآونة الأخيرة لم تُؤد إلا إلى «تعقيد الوضع» فيما يتعلق بإيران. وتابع: «بينما لا يزال هناك وقت والقطار لم يغادر بعد، علينا مضاعفة جهودنا مجدداً للتوصل إلى اتفاق على أساس معقول. روسيا مستعدة لمساعدة واشنطن وطهران وكل من يهمه الأمر».

وعرض الكرملين التوسط بين إدارة ترامب وإيران التي وقّعت معها روسيا اتفاقية شراكة استراتيجية في يناير الماضي.

back to top