الاعتداءات الإسرائيلية مستمرة

نشر في 30-03-2025
آخر تحديث 29-03-2025 | 16:11
إذا كانت الانتهاكات الإسرائيلية الفادحة تصدمنا جميعاً، فإن ما يصدمنا أيضاً عجز المجتمع الدولي، عن كبح هذه الانتهاكات والحد منها والأخذ بعين الاعتبار معاناة ضحاياها الذين يزدادون يوماً بعد يوم دون أن تظهر في الأفق نهاية لمعاناتهم وآلامهم وتضحياتهم.
 د. محمد أمين الميداني

شهدت أراضٍ عربية اعتداءات إسرائيلية خلال الأيام الماضية كان آخرها الهجوم الجوي في 21 مارس على قواعد عسكرية في الأراضي السورية، وقبلها في 17 مارس شنت الطائرات الإسرائيلية غارات على جنوب لبنان أسفرت عن استشهاد شخصين، فضلاً عن الغارات الإسرائيلية المستمرة والتوغل في قطاع غزة والتي يذهب ضحيته مئات الأشخاص ومن بينهم أطفال ونساء.

لايزال المجتمع الدولي يراقب ويتابع وهو مكتوف الأيدي ولا توجد لديه إرادة حقيقية وفعلية لوقف هذا الاعتداءات، واتخاذ خطوات عملية للحد منها لننتقل بعدها للحديث عن معاقبة مرتكبيها.

بالطبع نحن ننتظر حكم محكمة العدل الدولية بخصوص الدعوى المرفوعة من قبل جنوب إفريقيا، ودول أخرى ضد إسرائيل لارتكابها جريمة الإبادة الجماعية وانتهاكها لأحكام اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها الصادرة عام 1948.

وننتظر أيضا الرأي الاستشاري لهذه المحكمة بخصوص النتائج القانونية الناتجة عن سياسات إسرائيل في الأراضي الفلسطينية المحتلة، ومن بينها مدينة القدس الشرقية، وما تقوم به من ممارسات وأعمال.

ولكن يجب الإشارة، وعلى الرغم من صمت المجتمع الدولي ممثلاً بمنظمة الأمم المتحدة، إلى الأصوات التي تخرج من هنا وهناك لتتحدث عن فداحة ما يجري وتبيان مدى الانتهاكات الإسرائيلية التي تقع وتوصيف خطورتها.

وخير مثال تصريحات المفوض السامي لحقوق الإنسان والتي أدلى بها أمام مجلس حقوق الإنسان بتاريخ 18 مارس، وقوله بأن الاستيطان جريمة حرب مشيراً إلى الاستيطان الإسرائيلي للضفة الغربية.

كيف يتم توصيف جرائم الحرب؟ يمكن العودة تاريخيا إلى محاكم مدينة نورمبورغ الألمانية التي تم تأسيسها بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية لمحكمة مجرمي الحرب النازيين، حيث اعتبرت هذه المحاكم أنّ الانتهاكات المتعلقة بقوانين وأعراف الحرب البرية أو المعروفة أيضا بلائحة لاهاي، ترقى إلى درجة جرائم الحرب كون هذه القواعد التي جاء النص عليها في المعاهدات قد تبلورت في القانون العرفي زمن الحرب العالمية الثانية. فالقصد أن انتهاكات القانون العرفي تعّد أساساً لجرائم الحرب.

ويتم التأكيد اليوم أيضا وبالإضافة للقانون العرفي على أن جرائم الحرب تُعّد انتهاكات للقانون المكتوب التعاقدي.

ويمكن أن نعطي مثالاً آخر على اعتبار انتهاكات القانون العرفي التي تقوم بها إسرائيل أساساً لجرائم الحرب، القرار الذي تم اعتماده بالإجماع في لجنة حقوق الإنسان (أصبحت تُعرف بهذا الاسم منذ عام 2006)، والذي ينصّ على أن «الخروقات الجسيمة» من قبل إسرائيل لاتفاقية جنيف الرابعة والبروتوكول الإضافي الأول تُعّد جرائم حرب.

لم تصادق إسرائيل على هذا البروتوكول الإضافي الأول، مما يؤكد أن ما تقوم به هذه الدولة المعتدية يشكل انتهاكات يمكن اعتبارها جرائم حرب بمقتضى هذا القانون الدولي العرفي.

تمثل الأعمال التي تقوم بها إسرائيل من قتل وقصف وتدمير جرائم حرب وانتهاكات صارخة وفعلية لقواعد القانون الدولي، والقانون الدولي الإنساني العرفي ولاتفاقيات جنيف الأربع وبروتوكولها الأول.

وإذا كانت هذه الانتهاكات تصدمنا جميعا، فإن ما يصدمنا أيضا هو عجز المجتمع الدولي، عن كبح هذه الانتهاكات والحد منها والأخذ بعين الاعتبار معاناة ضحاياها الذين يزدادون يوما بعد يوم ولا يكاد يبين نهاية لمعاناتهم وآلامهم وتضحياتهم.

* أكاديمي وكاتب سوري مقيم بفرنسا

back to top