جاء دور الغش التجاري وغسيل الأموال
وحتى تنتهي التحقيقات المتسارعة لمزيد من المفاجآت فنحن نواجه جرائم بالسوق المحلي تفوق السحوبات حجما واستشراءً كالغش التجاري والتلاعب بالأسعار وغسيل الأموال والتي كتبنا عنها خلال العشرين عاما الماضية وجمعنا الأدلة ونشرناها، ولكن لا حياة لمن تنادي. لقد حذرنا من ذلك وعلاقته بتنامي سيطرة الوافدين، بشركاء مواطنين صوريين أحيانا، على قطاعات تجارية مختلفة، ومنهم جماعة وافدة كتبنا عنها مقالاً في 2007 وانتشارها بالمحافظات وعلى تجارة التجزئة وقطع غيار السيارات والكماليات المزيفة، يجتمعون كطائفة دينية ويزورهم زعيمهم بمناسباتهم، ورتبوا له لقاء مع القيادة السياسية السابقة فازداد نفوذهم.
وبعد عشر سنوات في 2018 أجرينا تجربة شراء ساعة فاخرة مزيفة من محلاتهم بالمباركية لنقيم عليهم دعوى غش تجاري فرفض البائع تسليمنا فاتورة، لعلمهم بممارستهم للغش، فاشتكينا لحماية المستهلك بالمباركية وصُدمنا لعدم أحقيتنا كمواطنين الشكوى ضد التزييف، فحرر مفتش البلدية مخالفة امتناع تقديم فاتورة، فتوجهنا ببلاغ للنيابة وأصبحنا طرفا بدعوى قضائية جنح تجارية رقم 2018/1980، كسبنا الدعوى بتغريمهم ألف دينار تؤول للدولة وإغلاق المحل، ودفعنا رسوماً قضائية لدعوى تعويض أخرى مدنية كدليل قانوني لنخاصم بها الجمارك لإغراقهم السوق بالبضائع المزيفة واستندنا لقانون يجرم الغش التجاري 62/2007، بينما يصرح مسؤولو الجمارك بـ «أن العلامات المقلدة لا تقل خطورة عن المخدرات»! فكتبنا مقالين بديسمبر 2018 ويونيو 2019 تحدينا فيهما «الجمارك» لتفسر كيفية دخول أطنان البضاعة المزيفة بكونتينرات عبر الميناء وليس عبر «مخمة الساحرة الطائرة»، ولم ترد!
نعتقد أن سوقنا يغرق ببضاعة مزيفة تجرمها أسواق العالم الأول، وقد أخبرنا فريق تفتيش بالبلدية كيف لاحقوا بالزمانات أكبر تاجر قطع غيار سيارات مزيفة وهروبه لدولة خليجية ليتم تكريم رئيس الفريق بالبلدية من أكبر صانع للسيارات بأميركا. وعوداً على الحكم الصادر لصالحنا ضد أحد جماعة البهرة فقد صارت محلاتهم تقدم الفاتورة والكفالة على البضاعة المزيفة ولكن يكمن النصب بعدم تسجيل نوع الساعة المزيفة بالفاتورة كوسيلة للتحايل والاستمرار بالغش التجاري إلى يومنا هذا!
لقد توقفنا عن متابعة هذه القضية بالمحاكم أو الضغط على «الجمارك» بسبب «كورونا» علاوة على اعتقادنا أن مسؤولية الكاتب يجب أن تتوقف عند تسليط الضوء على المشكلة وليس إقامة الحرب التي هي مسؤولية أجهزة الدولة، والمضحك المؤسف أنه حتى تاجر قطع الغيار المزيفة رتبوا له لقاء مع القيادة السياسية السابقة التي أخذ معها صوره سلفي ليستعيد نفوذه.
إن الغش التجاري وغسيل الأموال وجهان لعملة واحدة، ونشكر فهد اليوسف لمقولته: «ملف غسل أموال المشاهير لم يغلق حتى يفتح مجدداً» فالغسيل يستهدف أقذر الأموال الناتجة عن تجارة مخدرات تقدر بمئات الملايين عبر صفقات مشبوهة عقارية وبوسائل التواصل ومحلات تجزئة ويخوت وسيارات وكماليات، ولعلنا نلاحظ محلات بالأسواق وبالمجمعات التجارية الضخمة لا تبيع شيئا يمكن أن يغطي رواتب العاملين فكيف بالخلوات والإيجارات الخيالية، ونفس الشك يحوم حول بعض الأكشاك المودرن الموجودة بممرات المجمعات الراقية والتي تصل إيجاراتها للآلاف، مما يستوجب وضع آلية كالموجودة بالدول الضريبية، لنتمكن من رقابة الأعمال التجارية والتي بعضها لوافدين يستأجرون رخص كويتيين، لتقدم المؤسسات والشركات والفردية منها ميزانيات مدققة مدعمة بكشوف الحسابات البنكية، وفرض رسوم حكومية بحدود الدينار على كل تحويل خارجي، حتى للأفراد، والتي تقدر بمئات الملايين سنوياً لترصد الدولة حركة السيولة والغش التجاري وغسيل الأموال.
***
إن أصبت فمن الله وإن أخطأت فمن نفسي.