بالقلم الأحمر: التجنيس الأخلاقي... وشرف البنت!
بعد عقود طويلة من التعامي عن كرامة المرأة والتركيز على ثأر «الجنس»، أعراف لا أساس ولا سند لها، سلوكيات إجرامية لا يؤاخذ عليها المجتمع ولا حتى القوانين. تتساقط ضحية تلو الأخرى جميعهن من النساء، والتهمة: جريمة تُطبّق على جنس واحد، في قضية يطلق عليها «التجنيس الأخلاقي»، أي تجنيس الأخلاق لجنس واحد دون الآخر.
في مسار جديد وخطوة تصب في مصلحة العدالة الإنسانية، صدر رسمياً في الجريدة الرسمية المرسوم بقانون رقم 9 لسنة 2025 بإلغاء نص المادة 153 من قانون الجزاء الصادر بالقانون رقم 16 لسنة 1960، التي تنص على: «من فاجأ زوجته حال تلبُّسها بالزنى، أو فاجأ ابنته أو أمه أو أخته حال تلبّسها بمواقعة رجل لها، وقتلها في الحال أو قتل من يزني بها أو يواقعها، أو قتلهما معاً، يعاقب بالحبس مدة لا تجاوز 3 سنوات وبغرامة لا تتجاوز 3 آلاف روبية (45 دولاراً) أو بإحدى هاتين العقوبتين».
يُعد إلغاء المادة 153 من قانون الجزاء الكويتي خطوة جادة نحو تحقيق العدالة الاجتماعية والإنسانية وحماية حقوق المرأة وكرامتها - دون تمييز- وهو قرار طال انتظاره، بعدما تسببت هذه المادة بهدر دماء آلاف من النساء الأبرياء دون وجه حق تحت عذر «الشرف»، وتبرئة القتلة بشكل كارثي، بذريعة حماية «الشرف». فهذه المادة كانت وصمة العار الحقيقية في المجتمع المدني.
أثير - طوال العقود الطويلة الماضية - جدل مجتمعي واسع حول المادة 153، امتد إلى نطاق حقوق الإنسان العالمي، حيث كانت يُمنح الرجل «حق الدفاع عن تطرّفه» بطريقة «الغاب»، أي اللجوء إلى العنف ضد المرأة حتى تلفظ أنفاسها الأخيرة، حتى لو لم ترتكب جرما، أو كانت الجريمة واقعة تحت أي سبب آخر - لا مبرر له - فقد جاء قرار إلغاء هذه المادة في وقت حاسم، ليعكس التوجه الإصلاحي الجديد للكويت الذي يسعى إلى خلق بيئة قانونية عادلة تراعي كرامة الإنسان وتحمي حقوق الأفراد، ونخص بها النساء، حيث إن استمرار تطبيق هذه المادة لم يعد يتماشى مع التطور الحضاري والتشريعي والتوجه الإصلاحي الجديد في المجتمع الكويتي.
وبإلغائها اليوم، تكون الكويت قد أحدثت تغييرًا جوهريًا في فلسفة العدالة الجنائية، حيث تؤكد للعالم أجمع أن العنف تجاه المرأة ليس مبررًا تحت أي ظرف، وهو - بمنظورنا - نقلة نوعية تسهم في بناء مجتمع أكثر تسامحًا وأكثر انصافا وعدالة.
حماية حقوق المرأة تعد جزءاً أساسياً من النهضة المجتمعية، وهو حق أصيل لها، حيث يعزز ذلك من الأمن الاجتماعي، ويسهم في انخفاض حالات العنف الأسري والعنف ضد المرأة وجرائم «الشرف»، والتي كانت تُشترى وتُباع. ويمثّل ذلك انتصارًا للقيم الإنسانية التي تضمن احترام كرامة الأفراد، وتعزز من مبدأ المساواة أمام القانون. وهذا القرار الحصيف أصبح يتماشى والمواثيق الدولية في حماية حقوق الإنسان، بما فيها حقوق المرأة، وهو قرار انتظرناه طويلا.
بالقلم الأحمر:
الأخلاق التي تنطبق عَالمرأة تنطبق عَالرجل كذلك... ولا أحد شايل عيبه بـ «مخباته» ولا بـ «جنطته»!