الصين: سياسات ترامب عودة إلى قانون الغاب
• جددت التزامها بالعولمة والتعددية والمنافسة وفق القواعد
• أكد أنها تهدف إلى تحقيق العدالة في التعاملات التجارية... ولا تعني التراجع عن المبادئ
في انتقادات للسياسات الاقتصادية التي يتبعها الرئيس الأميركي دونالد ترامب، قال رئيس الوزراء الصيني لي تشيانغ، أمس، إن «العودة إلى قانون الغاب ستكون مأساة للبشرية»، مشدداً على أن بلاده «تكافح لتكون قوة للاستقرار واليقين».
وأضاف لي، في كلمته أمام المنتدى السنوي لرجال الأعمال في بكين الذي شارك فيه مديرون تنفيذيون أجانب كبار، بمن فيهم الرئيس التنفيذي لشركة آبل تيم كوك، إن بكين: «ستلتزم الاتجاه الصحيح للعولمة الاقتصادية، وتمارس تعددية حقيقية تكافح لتكون قوة للاستقرار واليقين»، محذراً من أن «التشرذم الاقتصادي العالمي يتفاقم اليوم»، في إشارة ضمنية إلى الاضطرابات التجارية التي أثارتها سياسة ترامب الحمائية.
وأكد ضرورة أن تفتح كل دولة أسواقها، محذراً، أمام أوليفر زيبسي من شركة بي. إم. دبليو، وأولا كالينيوس من «مرسيدس بنز»، من أن «فصل سلاسل التوريد وتعطيلها لن يؤديا إلا إلى تفاقم الأزمة».
وشدد على أن الصين ليس لديها أي شيء ضد المنافسة مادامت قائمة على قواعد، ولا تعمل على إعاقة الآخرين.
وتسعى بكين إلى تأكيد دورها كمدافع قوي عن النظام الاقتصادي المتعدد الأطراف، في حين يفتح ترامب مواجهات مع شركاء تجاريين رئيسيين للولايات المتحدة مثل الصين وكندا والمكسيك، على خلفية زيادة التعرفات الجمركية على صادراتها.
وأعربت الصين في الأسابيع الأخيرة عن موقف منفتح تجاه الدخول في محادثات تجارية مع ترامب.
وعلى هامش المنتدى، التقى لي أمس السيناتور الجمهوري الأميركي ستيف داينز، المؤيد القوي لترامب بحضور سبعة مسؤولين تنفيذيين أميركيين، في محاولة حذرة لكسر الجمود في العلاقات.
وتمثل زيارة داينز، وهو عضو في لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ، وشارك بشكل كبير في المفاوضات التجارية بين واشنطن وبكين خلال ولاية ترامب الأولى، أول زيارة لسياسي أميركي للصين منذ تولي ترامب منصبه في يناير الماضي.
وخلال اللقاء دعا رئيس الوزراء الصيني إلى «اختيار الحوار بدلاً من المواجهة، والتعاون المربح للجانبين بدلاً من المنافسة الصفرية».
وشهدت العلاقات بين أكبر اقتصادين في العالم توتراً في الأسابيع القليلة الماضية على خلفية فرض ترامب رسوماً جمركية على بكين بذريعة عدم مواجهتها تدفق مخدر الفانتنيل إلى أميركا. وتأمل الصين التوصل إلى اتفاق لتجنب حرب تجارية تشدد على استحالة أن يخرج منها أي طرف منتصراً.
وفي تفاصيل الخبر:
أكد الرئيس الأميركي دونالد ترامب أن هناك مجالاً للمرونة في خطته لفرض رسوم جمركية متبادلة، رغم رفضه تقديم استثناءات فردية، مبيناً أن المرونة لا تعني التراجع عن المبادئ، بل تهدف إلى تحقيق العدالة في التعاملات التجارية، مشدداً على أن الأساس هو المعاملة بالمثل.
وأشار ترامب إلى أن تطبيق الرسوم سيبدأ في 2 أبريل، واصفاً هذا اليوم بـ «يوم التحرير» الاقتصادي لأميركا، حيث ستُفرض رسوم على الدول التي تفرض بدورها رسوماً على السلع الأميركية، وأعلن نيته التحدث مع الرئيس الصيني، وسط تصاعد التوترات التجارية، بعد أن ردت بكين بفرض رسوم على المنتجات الزراعية الأميركية.
من جانبه، حث رئيس وزراء الصين لي تشيانغ الدول على فتح أسواقها لمكافحة «تزايد عدم الاستقرار وحالة الضبابية» في منتدى سنوي للأعمال في بكين اليوم، في وقت تتأهب الصين لمزيد من القيود الجمركية الأميركية.
ونقلت وسائل إعلام رسمية عن لي قوله أمام عشرات من الرؤساء التنفيذيين الأجانب والسيناتور الجمهوري الأميركي ستيف داينس، في منتدى التنمية الصيني، «في عالم اليوم الذي يتعاظم الانقسام، ومع تزايد عدم الاستقرار وحالة الضبابية، أصبح أكثر ضرورة أن تفتح الدول أسواقها وشركاتها... لمقاومة المخاطر والتحديات».
وقالت مصادر لـ«رويترز»، في وقت سابق، إن منتدى التنمية الصيني يعقد يومي الأحد والاثنين، بمشاركة رؤساء تنفيذيين أجانب، منهم تيم كوك من شركة أبل، وكريستيانو آمون من «كوالكوم»، وباسكال سوريو من «استرازينيكا»، وأمين الناصر من «أرامكو» السعودية، ومن المتوقع أن يلتقي بعضهم الرئيس شي جين بينغ الجمعة.
وتحرص بكين على جذب الاستثمارات الأجنبية في ظل تصاعد التوتر الجيوسياسي، إذ يسعى صانعو السياسات إلى تعزيز الاستهلاك المحلي لتعويض التداعيات السلبية الجديدة للرسوم الجمركية الأميركية.
ونقلت وكالة أنباء الصين الجديدة (شينخوا) عن لي القول: «سنركز على الجمع بين تكثيف السياسات وتحفيز قوى السوق» دون الخوض في تفاصيل إجراءات تحفيز محددة، مضيفا أنه يأمل أن يكون رواد الأعمال «مدافعين شرسين عن العولمة ومروجين لها... وأن يقاوموا النهج الأحادي والحمائي».
وأفاد أحد المصادر بأن عدد الرؤساء التنفيذيين الأميركيين الذين حضروا المنتدى انخفض مقارنة بالعام الماضي، بسبب تصاعد التوتر الجيوسياسي بين بكين وواشنطن. وأظهر جدول الأعمال أنه لن يتم عقد اجتماع مغلق بين لي ومسؤولي الأعمال الأجانب للعام الثاني على التوالي.
والتقى السيناتور الأميركي ستيف دينز، الداعم القوي للرئيس دونالد ترامب، السبت مع نائب رئيس مجلس الدولة الصيني خه لي فنغ، المسؤول الاقتصادي الرئيسي للبلاد، في أول زيارة لسياسي أميركي لبكين منذ عودة ترامب إلى البيت الأبيض. وذكر دينز: «في هذه الزيارة، نمر بمرحلة من النقاش حول قضايا مهمة بين بلدينا، لطالما آمنت بأهمية الحوار البناء، وهذه هي طبيعة جميع زياراتي للصين على مدار سنوات عديدة».
وقبل زيارته، قال دينز لشبكة فوكس نيوز إنه سيتحدث مع القادة الصينيين حول «ما يمكنهم فعله» بشأن الفنتانيل، متابعا: «بإمكانهم بذل المزيد من الجهود لوقف تدفق هذه المواد الكيميائية التي تذهب إلى المكسيك ثم يدخل الفنتانيل إلى الولايات المتحدة»، وأضاف أنه يعتزم الحديث عن العجز التجاري للولايات المتحدة مع الصين، وما يمكن فعله لتغيير «الممارسات التجارية».
كندا
من جانبها، أكدت وزيرة الخارجية الكندية ميلاني جولي أن بلادها قادرة على الفوز في المواجهة التجارية مع الولايات المتحدة، مشيرة إلى أن كندا تعد أكبر شريك تجاري لواشنطن، حيث تشتري منها أكثر مما تشتريه الصين واليابان والمملكة المتحدة وفرنسا مجتمعة.
وجاءت تصريحات جولي رداً على الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأميركي دونالد ترامب بنسبة%25 على واردات الصلب والألمنيوم من كندا، متعهداً بفرض مزيد من الرسوم في 2 أبريل، في المقابل، توعد رئيس الوزراء الكندي مارك كارني بإجراءات انتقامية.
وأوضحت جولي أن الاقتصادين الأميركي والكندي مترابطان بشكل وثيق، ما يمنح كندا نفوذاً قوياً في هذا النزاع، مؤكدة أن الأميركيين أنفسهم قد يكونون مفتاح الحل عبر الضغط على مشرعيهم لإنهاء الحرب التجارية، نظراً لتأثير الرسوم على الوظائف في البلدين.
وأضافت في تصريحات أدلت بها لـ«بي بي سي» اللندنية أن الناخبين الكنديين، قبيل الانتخابات المقبلة، يبحثون عن قيادة حازمة لمواجهة هذه التحديات، مشددة على أن الحزب الليبرالي يسعى إلى الحصول على تفويض واضح للتعامل مع تهديدات ترامب الاقتصادية.
وحذر وزير الخزانة الأسترالي جيم تشالمرز من تأثير «مدمر» للسياسات الأميركية الجديدة على الاقتصاد العالمي، قبيل إصدار الموازنة الوطنية الثلاثاء المقبل، وستشمل الموازنة دعماً موسعاً لفواتير الكهرباء بقيمة 1.8 مليار دولار أسترالي (1.1 مليار دولار أميركي) للأستراليين.
دول الكاريبي
وقال رئيس غيانا عرفان علي، السبت، إن زعماء مجموعة الكاريبي «كاريكوم» سيبلغون وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو الأسبوع المقبل أن الغرامات التي اقترحتها الولايات المتحدة على سفن الشحن المصنعة في الصين ستضر بقطاعات النفط والغاز في المنطقة، فضلاً عن رفع تكاليف النقل، موضحا أن زعماء المنطقة ناقشوا القضية في اجتماع عبر الإنترنت الجمعة للتخطيط لاجتماع الأربعاء المقبل مع روبيو في جامايكا. وأشار علي إلى أن الضريبة التي اقترحتها الولايات المتحدة على سفن النفط والغاز المصنعة في الصين، وكذلك سفن الشحن الأخرى، ستؤثر سلباً على صناعات النفط والغاز في غيانا وترينيداد وتوباغو وسورينام، وقال للصحافيين: «بالطبع سيكون لذلك تأثير على تكلفة السلع الواردة إلى المنطقة، وكذلك التنقل إلى المنطقة».