لوزير العدل: حان وقت «القضاء عن بعد»

نشر في 23-03-2025
آخر تحديث 22-03-2025 | 17:02
 بدر خالد البحر

نحن على ثقة هذه المرة أيضاً بما جاء بخطاب سمو أمير البلاد خلال لقائه مع السلطة القضائية الأسبوع الماضي الذي أعاد فيه رسم خارطة السلطة الثالثة، خطاب سادت فيه نبرة الوالد وحزم القائد، فكان واضحاً دون مواربة جليّاً دون مداهنة كعادة سموه في خطاباته. على ثقة لأننا شاهدنا كيف نفذ سموه خطاب الحزم الأول بجلسة قسمه بمجلس الأمة الذي رسم فيه خارطة طريق السلطتين، التنفيذية والتشريعية، بادئاً بتعليق البرلمان لإزالة أول عائق أمام الإصلاح والتنمية.

لقد أكد سموه على استقلال القضاء وأبدى ملاحظاته على بعض مجرياته، مشدداً على ضرورة نزاهته، وأمر بسرعة تكويت القضاء والوظائف المساندة، طالباً منهم تقوى الله ومخافته، راجياً بكل تواضع سرعة بت الأحكام، وتجنب المصالح وتعارض الأحكام المتشابهة في الوقائع، ثم وضَع حداً ساطعاً للعيان واضحاً في البيان مؤكداً أن «القضايا والمسائل المتعلقة بالجنسية من صميم أعمال السيادة». لقد أبدى سموه فخره واعتزازه بمشاركة المرأة في القضاء، رافضاً تأبيد المناصب، مطالباً بضرورة تأهيل وتدريب مزيد من الكوادر الوطنية، وترسيخ التعاون مع الدول الشقيقة.

لقد كان خطاباً مقتضباً مكتملاً في جوانبه المهمة معطياً الحلول لتحقيق الإصلاح، وهو ما جعلنا نتوقف عند مسألة غاية في الأهمية في خطابه وهي «ضرورة استكمال التحول الرقمي في مرفق القضاء والنيابة العامة»، حيث قالها بينما كان يأمر بإيجاد تشريعات وأنظمة تطور العمل القضائي وتسهل إجراءاته لتسريع البت في القضايا، وعليه ومن منطلق تحقيق رغبة سمو الأمير فإننا ندعو وزير العدل إلى استعجال وضع البنية التحتية الرقمية والإلكترونية للعمل بآلية ما يسمى «القضاء عن بعد»، التي ستكون إحدى الأدوات التي تسرع الجلسات لصدور الأحكام بالسرعة المطلوبة.

لقد كانت أزمة كورونا في جميع الدول سبباً للتحول الإلكتروني في إجراءات معاملات الجهات الحكومية، كما هو معمول لدينا ببرنامج «سهل»، إلا أنه في دول شقيقة طال هذا التحول أيضا مرفق القضاء ليقر فيه «القضاء عن بعد» الذي تستطيع من خلاله الحضور والمرافعة بالجلسات دون التواجد بمبنى المحاكم، والذي يشمل جميع الدوائر من الأحوال الشخصية متضمنة إجراءات الطلاق إلى الدوائر المدنية والتجارية بما فيها الجنح وبعض الجنايات.

لقد اطلعنا على بعض إجراءات التقاضي عن بعد والمعاملات ذات العلاقة من خلال مواقع وزارات العدل بدول خليجية، كما تواصلنا مع بعض قرائنا هناك لنستوعب الآلية من تجاربهم العملية، فبدت من خلال الشرح أمراً غاية في السهولة، حيث يتم إرسال رابط إلكتروني إلى هاتفك النقال يحدد موعد الجلسة، سواء كنت مدعياً أو مدعى عليه، أو حتى شاهداً، لتقوم بفتح الرابط على برامج مشابهة للتعليم عن بعد مثل «تيمز»، وبإجراءات متقنة لتأكيد الخصوصية والهوية بسرية، بحيث تستطيع الأطراف تحميل جميع المستندات من صحف دعوى وحافظات مستندات، كما يسمح هذا النظام بحضور الأطراف للجلسات، حتى وهم خارج البلاد، وما يزيده روعة، نقلاً عن محامٍ خليجي، إمكانية حضور المحامين وترافعهم بالجلسات في أقاليم مختلفة، بينما هم جالسون في مكاتبهم!

لقد كتبنا على مدى العشرين عاماً الماضية عن ضرورة تكويت الجهات الحكومية، ومنها مرفق القضاء الذي أشار إليه سمو أمير البلاد الأسبوع الماضي، والذي إذا ما تزامن تكويته مع تطبيق القضاء عن بعد وتفعيل الاجراءات الإلكترونية لجميع معاملات وزارة العدل، فإنه سيؤدي لتخفيض هائل لجيش الموظفين الوافدين، وخلق وظائف للشباب المتخصصين بعلوم البرمجة والحاسوب التي ستكون عصب البنية التحتية الرقمية لوزارة العدل ومرفق القضاء، وذلك كله إذا ما بدأنا بالدرجة الأولى بتطبيق «القضاء عن بعد».

***

إن أصبت فمن الله وإن أخطأت فمن نفسي.

back to top