عبد الرحمن الصالح... مؤلف «حبابة» و«بس يا بحر» تلقيت لقاء كتابة نص فيلم «بس يا بحر» 150 دينارا

نشر في 23-08-2009
آخر تحديث 20-03-2025 | 13:46

يعتبر الفنان والكاتب الإماراتي عبد الرحمن الصالح من رواد السينما الخليجية، فهو كاتب قصة الفيلم الكويتي الروائي الطويل «بس يا بحر» من إخراج خالد الصديق، إضافة إلى ريادته في الفنون الأخرى مثل المسرح والإذاعة والتلفزيون. عمل عبد الرحمن في بداياته صحافيا ثم مؤلفا دراميا ومعدا للبرامج في إذاعة وتلفزيون الكويت، في ما بعد انضم إلى فرقة مسرح الخليج العربي. لدى عودته إلى الإمارات شغل منصب مدير المركز الثقافي التابع لحكومة الشارقة ومدير المراكز الثقافية التابعة للحكومة الاتحادية، كذلك عمل مديرا في وزارة الثقافة والإعلام سابقا. كتب الكثير من المسرحيات من بينها: «دوائر الخرس»، «القصة التي لم تسردها شهرزاد»، عرضت هذه الأخيرة في «المهرجان المسرحي الأول لدول مجلس التعاون الخليجي». يسرد الصالح ل«الجريدة» قصته مع الفن.

متى كانت الخطوة الأولى في انطلاقتك؟

في العام 1962 كتبت تمثيلية «أحر ما عندهم وأبرد ما عنده» وقصدت التلفزيون مع رفيقي كاظم القلاف، كنت أثناءها طالبا في المدرسة، وعرضتها على الإدارة. كان من بين الموجودين حينها: عادل صادق، المرحوم صلاح العوري، محمد عباس «مخرج مصري»، كمال أبو العلا «مراقب البرامج»، فوافقوا عليها وسجلناها على الفور وأمر محمد السنعوسي بنقلها على شريط سينمائي لأنها وثيقة. كذلك أنجزت حينها توثيق الألعاب الشعبية الكويتية من تقديم الراحل عبد العزيز المسعود، وكتبت برنامج «رمضان في الكويت» وصورت حلقاته الأربع في بيت البدر واستعنت بالفنانة عودة المهنا وفرقتها، من ثم حققت «زلابية والغريب على الجاي والحليب».

قدمت في سبعينيات القرن العشرين برنامج «مع الناس» وكان له وقع مميز لدى الجمهور لأنه عالج مشاكله، حدثنا عن أبرز المشاكل التي أبرزها البرنامج؟

في إحدى السنوات اختفى «البيشاور» من السوق وأصبح يباع في السوق السوداء بعدما أخفى التجار البضاعة، فتطرقنا لهذه القضية ورصدنا رأي الشارع، وفي أثناء تجوالنا صادفنا رجلا بدويا في سوق الصفاة يريد أن يبيع سيارته ليطعم أبناءه، وعندما اقتربنا منه قال كلاما خطيرا، فنقلناه بحذافيره في الحلقة وكان محمد ناصر السنعوسي وكيلا للتلفزيون، اتصل بي مدير مكتب سمو ولي العهد الشيخ جابر الأحمد طيب الله ثراه في ذلك الوقت وطلب مني أن أعلن في حلقة الأسبوع التالي قيام الجمعيات التعاونية وأن الحكومة ستدعم المواد الغذائية.

ما قصة اسكتش «شلون تمشي الحمسه»؟

قدمت سهرة تلفزيونية بعنوان «لكل الناس» وكانت موادها خاصة لم يسبق أن أذيعت، كتب صديقي الشاعر بدر بورسلي مجموعة أعمال من بينها ما هو جديد فكرة وموضوعا، فطلبت من الملحن غنام الديكان تلحينها وغنتها الفنانة سعاد عبد الله ولم يبق لدينا غير صوت «المطرِب»، فطُلب مني أن أؤديه، رفضت لأنني لا أستطيع، عندها استغل الديكان وجود بورسلي وطلب منه أن يسجل صوته على مقطع «يا من عين الضالة جزاه الله خير»، وأسندت إلي مهمة تجسيد الشخصية. هذه قصة «شلون تمشي الحمسه، ها ما تستحون، شلون تمشي الحمسه، ها ما تنتخون، شلون تمشي الحمسه، أظن جذي»، حتى إن شادي الخليج غنى «هولو» بعد انقطاع طويل عن الغناء، أعتبر الأغنية أول محاولة فيديو كليب في الكويت إذ أضفت إليها بعض الفلاشات في «الفريج» والأطفال.

هل انتسبت إلى جمعيات نفع عام؟

كنت عضوا في جمعية الصحافيين الكويتية ورابطة الأدباء وعضوا في فرقة مسرح الخليج.

ماذا عن بداية المسلسل الإذاعي الخالد «حبابة»؟

كان العنوان في الأصل «ألف ليلة وليلة»، كنت أهدف إلى تقديمه بالأسلوب الشعبي، ذلك أن عنصري الجذب والتشويق قويان جدا في حكاياتها، فعرضت هذا المسلسل الإذاعي على المخرج منصور المنصور، الذي اقترح تغيير الاسم إلى «حبابة». تعني كلمة «حبابة» الجدة عند العراقيين، في الكويت يقولون «ايدييده»، ما أذكره في الإذاعة الشعبية التي تسمى اليوم إذاعة البرنامج الثاني، أن المؤلف صالح موسى قدم عملا بهذه النوعية وفيه شخصية الجدة «الحزاوي» لكنه لم يكمله، فأخذ منصور كلمة حبابة على أساس الجدة، لم أعترض عليها، ومقولة «لي يانا وياكم خير لفانا ولفاكم وشر تعدانا وتعداكم زور ابن الزرزور اللي عمره ماحلف ولا جذب زور» تقال في الكويت عند كل الجدات، فتم استخدامها في المسلسل، وفي اثناء عملي على «ألف ليلة وليلة» غيرت ما أريده واخترت «الحزاوي» التراثية الشعبية الكويتية والخليجية وأعدت صياغتها ووظفتها دراميا، كذلك اخترت من الأدب العالمي مثل أعمال الفرنسي موليير. لله الحمد ترك العمل بصمة في تاريخ الدرما الإذاعية الكويتية وبُث في شهر رمضان المبارك، وبعودتي إلى الإمارات كتبت حلقات حبابة لمدة سنة.

وكيف جاءت فكرة تحويل «حبابة» إلى مسلسل تلفزيوني؟

طلب مني توفيق الأمير تحويل العمل إلى مسلسل تلفزيوني، فكتبته لمؤسسة النورس التي انتجت المسلسل وحققت أرباحا منه لأنها باعت الحلقة لتلفزيون ابوظبي في أوائل ثمانينيات القرن العشرين بخمسة آلاف درهم وهذا مبلغ ضخم في تلك الفترة، إضافة إلى محطات تلفزيونية عديدة.

كيف وقع الاختيار على الفنانة الرائدة الراحلة مريم الغضبان لتجسيد «حبابة»؟

كانت أم عبد القادر رحمها الله، توحي بأنها جدة، فهي إمرأة هادئة وحنونة وطيبة وتعكس بكلامها صورة المرأة الكويتية القديمة.

كيف كانت البداية مع مسرح الخليج العربي؟

انطلق مع منصور المنصور وعبد العزيز الفهد وعبد الرحمن الهادي وسالم الفقعان ومحمد الشمالي وغيرهم من الشباب الذين يعملون في إذاعة الكويت، ثم انضم في فترة لاحقة عبد الله خلف ومجموعة أخرى. قبل ذلك قدم صقر الرشود رحمه الله مسرحية «فتحنا» (1961) وشارك في التمثيل معه الصحافي محبوب العبد الله بدور امرأة «حصينة»، فاتصلت المجموعة بالرشود وعقدوا العزم على تأسيس فرقة مسرح الخليج. في ركن التوجيه المعنوي في الجيش كان هناك رباعي «بوجسوم»، «جسوم»، «حديب»، و«أم جسوم» ثم أضيفت شخصية «خنين» وهي كراكترات تمثيلية جميلة، عرض عليهم الموضوع فوافقوا على الانضمام إلى المشروع المسرحي.

كيف انضممت إلى الفرقة؟

طُلب من الفنان مكي القلاف استقطاب عناصر أخرى يعرفها فقال لأخيه كاظم القلاف أن يعرض الأمر على وعلى عبد المحسن الخلفان فرحبت بالفكرة.

متى كان الاجتماع الأول الرسمي للراغبين في الانضمام؟

في النادي العربي الرياضي لأن منصور وعبد العزيز ومحمد المنصور كانوا ضمن فريق كرة القدم في النادي، وناقشنا الفكرة والغايات والأهداف واتفقنا على اجتماع آخر لانتخاب مجلس الإدارة وكنت من بين المرشحين، وكانت الفنانة حياة الفهد من العناصر النسائية الأساسية المؤسسة وكذلك منى طالب وعصرية الزامل.

من كان الداعم الأول للفرقة؟

بعد انتخاب مجلس إدارة فرقة مسرح الخليج العربي، كنا بحاجة لمن يدعمنا لذا اخترنا الشيخ جابر عبد الله الجابر كرئيس فخري للفرقة، ونظمنا حفل استقبال وتعارف له في النادي العربي وتبرع بمبلغ كبير دعما للفرقة، فاستأجرنا مقرا لنا في نقرة الحداد منزل والد اللاعب الدولي السابق فيصل الدخيل.

ما كان العمل الأول الذي أطليتم عبره على الجمهور؟

كتب مكي القلاف مسرحية «الخطأ والفضيحة» وعندما قرأها صقر لم تعجبه فقرر إعادة صياغتها باسم اللجنة الثقافية، فترك مكي الفرقة ثم لحق به شقيقه كاظم والخلفان، وبقيت أنا. اشتغلنا المسرحية التي لا تتجاوز ساعة من الزمن وحاولنا أن نشرك فيها كل من له علاقة بالفن مثل المطربين والموسيقيين من بينهم أحمد عبد الكريم الذي كان يقلد محمد قنديل في «جميل وأسمر» ومصطفى أحمد، وقدمت دويتو مع حياة الفهد قلدنا فيه فؤاد المهندس وخيرية أحمد، فنجحنا في الحفل الذي قدم في نادي العمال لأسبوع كامل في موقع جمعية المعلمين الحالي في الدسمة. صنعنا خشبة مسرح وجلبنا الكراسي من إدارة المعارف إضافة إلى معدات الإضاءة، كانت هذه الأخيرة غنية بكل مستلزمات المسرح لأنها تشرف على المسرح المدرسي. كان معي الشاعر علي الربعي شقيق الراحل الدكتور أحمد الربعي، بعد ما جهزنا المكان، استرحنا قليلا وكان الهواء يحرك الباب فقال علي: «ياهلي من عاش ما ذاق الغرام، أشهد انه في حياته مستريح، كل ما هب الهوا بالباب قام يفتحه في شوق يحسبه المليح».

من انضم من المثقفين إلى الفرقة؟

الدكتور سليمان الشطي، سليمان الخليفي، خالد سعود الزيد، محمد الفايز، علي السبتي، مجموعة من الصحافيين أمثال عبد الله الشيتي وسامح الحاج ونجيب عبد الهادي رحمهم الله.

هل يمكن القول إن الفرقة كانت تجمعا للمثقفين؟

نعم، كانت تجمعا لكل المثقفين والحالمين بالقومية العربية وكان الفكر السياسي القاسم المشترك بين أعضاء الفرقة، وقد آزرتنا الصحافة ووقفت معنا وفرضتنا، بالإضافة إلى جهد يحسب للفرقة إذ كنا نعرض ثلاث مسرحيات طويلة في الموسم الواحد.

أُطلِق على مسرح الخليج «مسرح المعقدين» لماذا؟

لأنه يطرح الهم الاجتماعي بسوداوية، اذكر عندما عقد مؤتمر الصحافيين العرب في الكويت قدمنا مسرحية «الطين» من بطولتي ومنصور المنصور واسمهان توفيق، تحمس محمود أمين العالم للمواضيع التي تطرحها المسرحية، كذلك محمود السعدني واحمد حمروش واستغربوا وجود هذا الفكر وهذه الرؤية في بلد مثل الكويت، هكذا توطدت العلاقة بين الفرقة بعناصرها وبين المحيط العربي.

هل مثلت الكويت في الخارج؟

فرقة مسرح الخليج العربي الأولى التي مثلت الكويت في الخارج، شاركت في بغداد واستقبلت بحفاوة هناك، هكذا استمرت بتميزها.

ما عدد المسرحيات التي شاركت فيها مع الفرقة؟

كتبت مسرحية واحدة هي «مهفة ولا كنديشن» ومثلت فيها، كممثل شاركت في «أنا والأيام» بدور «حمار» يدعى بوعيسى، «الطين» بدور بو مرزوق الشخصية الرئيسة، «الحاجز» بدور مهرج، «الجحلة» لبرانديللو، «نعجة في المحكمة» أديت فيه دورا مميزا هو البدوي وقد استفزيت الراحل محمد السريع فرماني بالمطرقة، «حفار القبور» مع المرحوم علي المفيدي.

ما الذي دفعك إلى الكتابة؟

لجأت إلى الكتابة كردة فعل، كانت إذاعة الكويت في بدايتها إذاعة عربية بحتة، وكانت الدراما التي تقدم فيها بالفصحى والكتاب في غالبيتهم من العرب، فقال الراحل عابدين بسيسو ومجموعة أخرى: «نحن لا نعرف البلد ولا اللهجة الكويتية ولم ننخرط في المجتمع». أثارني هذا الكلام وحفزني على الكتابة، فكتبت مسلسلا إذاعيا بعنوان «حياة بحار» وافقوا عليه وأخرجه عبد العزيز الفهد، لاقى العمل صدى طيبا وكتب عنه باقر خريبط على مدى ثلاثة أسابيع في الصحافة. هكذا تابعت الكتابة للإذاعة والتلفزيون في برامج قصيرة منوعة.

تتسم أعمالك بطابع تراثي لماذا؟

لأنني أعشق التراث بطبعي.

ما حكاية فيلم «بس يا بحر»؟

أعرف خالد الصديق منذ عام 1962 وتوطدت بيننا علاقة أخوة وتعاونا في أعمال عدة، قرر أن يخوض تجربة الانتاج السينمائي، فطلب مني مجموعة من الأعمال الجاهزة ووقع اختياره على نص إذاعي انتهيت من كتابة سبع حلقات منه، قلت له: «لا أعرف الكتابة للسينما»، فرد: «أكتب ما تراه مناسبا». كان والد صديقه ولاء الدين من بشوات مصر وعمل في تلفزيون الكويت، فوجهني وكتب جزءا كبيرا من العمل، وبعد تصوير ثلثي الفيلم سافرت إلى القاهرة مع عبد الرحمن الهادي ومنصور المنصور وسكنت معهما، اتصل الصديق بالهادي فأبلغه أنني لم أكمل الفيلم، عندها حبسني في الشقة إلى أن انهيت ما تبقى من الفيلم، وأرسل النص عبر السفارة الكويتية. للأمانة خالد الصديق له الدور الأول في كتابة السيناريو باعتباره صاحب حرفة سينمائية.

هل توقعت نجاحه؟

لا، فوجئت باستقبال الكويت له، عرض في سينما الحمراء حوالى شهر، كان الافتتاح في سينما الأندلس برعاية سمو ولي العهد آنذاك الشيخ جابر الأحمد، وأناب عنه صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد. يعتبر «بس يا بحر» أول فيلم يعرض فترة طويلة في الكويت وبنجاح كبير. نال شهرة محلية وعربية وعالمية، وحاز الجائزة الأولى مناصفة مع فيلم جزائري في «مهرجان سينما الشباب» في دمشق، ولاقى استحسانا وقبولا من النقاد لدى عرضه في القاهرة.

ما الأجر الذي تلقيته لقاء كتابة النص؟

دفعت لي وزارة الإعلام 150 دينارا.

ما رأيك بالجيل السينمائي الخليجي الجديد بحكم اطلاعك على أعماله في «مهرجان الخليج السينمائي2»؟

تغير رأيي المتشائم بعد مشاهدتي عروض الشباب الروائية الطويلة والقصيرة، إنهم واعدون من حيث الطموح والرغبة والتقنية وعملوا باجتهاد وتمويل شخصي، لذلك أعتبر أن وجود جهة تحتضنهم وترعاهم وتقدم لهم الجوائز أمر جميل ويبشر بالخير.

back to top