بالقلم الأحمر: زيلينسكي... والدَّراعة!
في اجتماع تاريخي جمع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي والرئيس الأميركي دونالد ترامب، والذي كان من المفترض أن يُناقش الصراع الدائر بين روسيا وأوكرانيا وقضية الحرب - بشكل عام - وبدلاً من مناقشة المساعدات الأميركية والدعم المالي والعسكري واتفاق السلام، بدأ الصراع - الفعلي - خلال المؤتمر الصحافي المشترك، والذي جمع الطرفين، عندما طرح الصحافي الأميركي برايان جلين سؤالاً للرئيس الأوكراني زيلينسكي، بعيداً عن الحدث الأبرز، قائلاً: «لماذا لا ترتدي بدلة؟». حينها رد زيلينسكي بأسلوب ساخر: «سأرتدي بدلة عندما تنتهي هذه الحرب... ربما ستكون مثل بدلتك، أو ربما أفضل، أو ربما أرخص».
قبل أيام قليلة - في شهر رمضان المبارك - بينما كُنت أتبضَّع في أحد المحال التجارية، الذي كان يعج بالمتسوقات المرتديات «الدراعة»، كُنت حينها مرتديةً اللباس العادي (الجينز والقميص)، وإذا بإحدى المُتسوقات بعد نظرات استغراب وتعجب تتساءل - على ما يبدو مع صديقتها - «هذه ليش مو لابسة دراعة؟».
راودني ذات الشعور أو الموقف الذي مر به زيلينسكي «لماذا لا ترتدي البدلة؟!» في شهر من المفترض أن التركيز يصب على أمور أكثر أهمية، وأعمق روحانياً، وبعيداً عن السطحية.
ومع هذا التحوُّل، يبرز التساؤل: هل أصبحت الدراعة ضرورة عملية تواكب روح الشهر الكريم وتسهل الحركة، أم أنها مجرَّد موضة وجاهة اجتماعية تدفع البعض إلى ارتدائها بحثاً عن التميز؟
نعم، في السنوات الأخيرة، بات لبس الدراعة العصرية مشهداً مألوفاً في الأسواق والمرافق العامة، خصوصاً خلال شهر رمضان المبارك- وبعيداً عن رأيي الشخصي في الموضوع- هذه القطعة التقليدية، التي كانت تقتصر سابقاً على المنزل والتجمعات العائلية، باتت خياراً مفضلاً للكثير من الفتيات في التجمعات العائلية والتسوق والغبقات، وحتى المقاهي. فالتصاميم الحديثة، التي تمزج بين الراحة والأناقة التي تواكب الموضة الجديدة، جعلت من الدراعة «Trend» ووسيلة للتعبير عن الذوق والأزياء، مما ساهم في انتشارها الواسع بين مختلف الأعمار والأطياف.
لكن تناسينا الحدث الأبرز، وهو شهر رمضان، وأهمية التغيير الداخلي، وإعادة ترتيب حياتنا اليومية، والتغيير للأفضل، ومساعدة الآخرين، والانشغال بذاتنا بعيداً عن الآخرين، وركَّزنا على «الدراعة».
ما بين الراحة والأناقة، تبقى الدراعة رمزاً تراثياً يتجدَّد مع الزمن، ولست - شخصياً - ضد ارتداء الدراعة من عدمه، فهذا شأن خاص وحُرية شخصية بالدرجة الأولى، وخيار حُر لكل فتاة وامرأة، سواء في المنزل أو خارجه.
آخر كم تساؤل: هل تعتبر هذه الدراعات إعادة إحياء للزي التراثي بطرق مبتكرة؟ أم أنه «فاشن» جديد بموجة مؤقتة؟ وهل سيتحوَّل موضوع الدراعة مستقبلاً من خيار إلى عادة إجبارية؟
بالقلم الأحمر: ارتدين ما تشأن، لكن لا تصبحن كالصحافي الأميركي برايان جلين وزيلينسكي، هالنوبة مع الدراعة!