إسرائيل تستأنف الحرب على غزة
• ترامب يمنح نتنياهو الضوء الأخضر لـ «فتح أبواب الجحيم»
• أكثر من 400 قتيل في ساعات وإدانة دولية لعودة الكابوس
بعد 58 يوماً من الهدوء الهش، ورفض تل أبيب الانتقال إلى المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى والرهائن، استأنفت إسرائيل، أمس، حربها على غزة، بضوء أخضر من الرئيس الأميركي دونالد ترامب، وشنت سلسلة من الغارات الجوية العنيفة، أسفرت عن مقتل وإصابة أكثر من 400 شخص في ساعات قليلة، متوعدة بفتح «أبواب الجحيم» على حركة حماس، وهي عبارة دأب الرئيس الأميركي على استخدامها أخيراً في تهديداته.
وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إنه أصدر تعليمات للجيش باتخاذ «إجراء قوي» في غزة، رداً على رفض حركة حماس إطلاق سراح الرهائن ورفضها كل مقترحات وقف إطلاق النار. وذكر مكتبه أن «إسرائيل ستتحرك من الآن فصاعداً، لمواجهة حماس بقوة عسكرية متزايدة».
وشدد وزير الدفاع يسرائيل كاتس على أن العملية بغزة ستكون من الجو والبحر، ولن تشمل الدخول البري، وتعهد بأن «القتال سيتواصل وأبواب الجحيم ستفتح طالما لم تتم إعادة الرهائن».
ونقلت صحيفة وول ستريت جورنال عن مسؤول إسرائيلي أن ترامب أعطى إسرائيل الضوء الأخضر لاستئناف هجماتها على غزة. وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارولاين ليفيت، إن إدارة ترامب كانت على علم مسبق بهذه الهجمات، وان تل أبيب تشاورت معها، وبينت أن ترامب «لا يتردد في دعم إسرائيل، ولا يخشى ذلك».
وأضافت ليفيت: «ستنقلب الدنيا رأسا على عقب، وكما أوضح الرئيس، فإن حماس والحوثيين وإيران وكل من يسعى إلى ترويع إسرائيل والولايات المتحدة سيدفع ثمنا باهظا، وان أبواب الجحيم ستُفتح على مصاريعها».
في المقابل، اتهمت «حماس» نتنياهو بـ «اتخاذ قرار بالانقلاب على اتفاق وقف إطلاق النار، وتعريض الأسرى بغزة لمصير مجهول لتصدير أزمته الداخلية وفرض شروط تفاوضية جديدة»، مؤكدة حرصها على الاتفاق، ومطالبة الوسطاء بـ «استكمال بنوده وتحميل الاحتلال المسؤولية الكاملة عن عدوانه»، كما دعت المجتمع الدولي الى التحرك لوقف إسرائيل.
واعتبر الناطق باسم «حماس»، عبداللطيف القانوع، أن التنسيق المسبق يؤكد شراكة الإدارة الأميركية مع الاحتلال في حرب الإبادة على الشعب الفلسطيني وارتكاب عشرات المجازر، مشيراً إلى أن الحركة التزمت بكل بنود الاتفاق، وحرصت على تثبيته والانتقال للمرحلة الثانية، لكن الاحتلال رفض.
ونفت «حماس» الادعاءات الإسرائيلية بأن تعجيل العملية كان سببه تخطيطها لهجمات جديدة، معتبرة أنها مجرد ذرائع تستخدمها إسرائيل لتبرير استئناف الحرب.
قتلى بالمئات
وفي هجوم مباغت، أطلق عليه «العزة والسيف... حماس تحت القصف»، شنت أكثر من 100 طائرة حربية إسرائيلية غارات على مواقع مختلفة في قطاع غزة طوال ليل السبت - الأحد، مما أدى إلى مقتل نحو 414 شخصا في تقدير أولي، فيما تعهد الجيش الإسرائيلي بأن يستمر الهجوم ما دام ذلك ضرورياً، وسيتوسع إلى ما هو أبعد من الغارات الجوية، واستهدفت الغارات مخيم المغازي (وسط)، وخان يونس ورفح جنوبا ومخيم جباليا وبيت حانون (شمال).
وأشار الناطق باسم الجيش، أفيخاي أدرعي، إلى بدء هجوم قوي في بيت حانون وخربة خزاعة وعبسان الكبيرة والجديدة، ودعا سكانها إلى إخلائها والانتقال من مناطق القتال الخطيرة إلى مراكز إيواء متعارف عليها في غرب مدينة غزة وخان يونس.
وقالت الإذاعة العبرية إن «الهجوم قد يتجاوز الضربات الجوية، وقد يتم توسيعه إذا اقتضت الضرورة»، مشيرة إلى أن «الخطة العملياتية أُبقيت سرية للغاية ضمن دائرة ضيقة لمفاجأة حماس».
وقررت سلطات الاحتلال إغلاق معبر رفح ومنع سكان غزة المرضى والمصابين من الخروج عبره لتلقي العلاج بمصر، بينما أمرت بفتح الملاجئ في مدن كبرى تحسباً لرد «حماس» أو سقوط صواريخ من ناحية اليمن. وحتى مثول «الجريدة» للطباعة لم يخرج أي موقف عن حزب الله الذي تعرّض لضربات إسرائيلية أفقدته معظم قدراته، بعد أن استمر في حرب لإسناد غزة لأكثر من 10 أشهر.
وبينما أعلنت «حماس» مقتل رهينة إسرائيلي وإصابة اثنين جراء القصف، نعى المكتب الإعلامي الحكومي قيادات حكومية بينها رئيس الحكومة عصام الدعاليس، ووكيل وزارة الداخلية اللواء محمود أبو وطفة، ومدير عام جهاز الأمن الداخلي اللواء بهجت أبوسلطان.
بن غفير يعود
ورحب وزير المالية اليميني المتطرف بتسلئيل سموتريتش بالعودة الى القتال، مشددا على أن «العملية تدريجية ومختلفة، وتم التخطيط لها منذ تولي رئيس الأركان الجديد إيال زامير منصبه. في المقابل، عاد وزير الأمن القومي المستقيل إيتمار بن غفير الى الحكومة التي انسحب منها احتجاجا على توقيع اتفاق الهدنة مع «حماس».
وجاءت عودة بن غفير مع إصرار نتنياهو على إقالة رئيس الشاباك رونين بار، وهو ما قد يتطلب تصويتا في الحكومة، وقبل أيام من تصويت على موازنة جديدة في اقتراع غير مريح لنتنياهو لولا عودة بن غفير.
تنديد
وأثار العدوان الإسرائيلي ردود فعل عربية ودولية منددة. ودانت السعودية الهجوم، فيما اعتبرته مصر «انتهاكا صارخا لاتفاق وقف النار، وتصعيدا خطيرا ينذر بعواقب وخيمة على المنطقة».
ووصف رئيس الوزراء الأردني جعفر حسان عدوان إسرائيل على غزة بأنه «حرب على الإنسانية»، واتهمت تركيا إسرائيل بالانتقال إلى «مرحلة جديدة في سياسة الإبادة الجماعية»، فيما اعتبرت إيران الضربات «استمرارا للإبادة الجماعية والتطهير العرقي في حق الفلسطينيين بدعم من الإدارة الأميركية».
وعبّر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش عن «صدمته»، وتوالت التصريحات المنددة بتجدد العدوان على غزة، ورفضت الصين وإسبانيا وأستراليا وسويسرا والسويد الموجة الجديدة من العنف، وما تسببه الغارات الإسرائيلية من خسائر بشرية، وطالبت باتخاذ خطوات لمنع «كارثة إنسانية»، ووصف وزير خارجية النرويج إسبن بارث ما يجري بأنه «كابوس».