حملة أميركية على الحوثيين رسالة تحذير أم انقلاب في المشهد اليمني؟

إيران ترفض «الإملاءات» وتتبرأ من قرارات الجماعة اليمنية بعد تهديد شديد من ترامب

نشر في 16-03-2025 | 10:24
آخر تحديث 16-03-2025 | 17:15
سفينة أمريكية تطلق صواريخ على أحد مواقع «الحوثيين»
سفينة أمريكية تطلق صواريخ على أحد مواقع «الحوثيين»

أطلقت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب حملة عسكرية ضد جماعة أنصار الله الحوثية، المتحالفة مع إيران في اليمن، في رسالة مزدوجة: أولاً للجماعة التي استأنفت هجماتها ضد الملاحة في البحر الأحمر بعد هدوء نسبي منذ يناير، وثانياً لإيران التي رفض زعيمها الأعلى علي خامنئي عرضاً للتفاوض في رسالة بعثها إليه ترامب.

وأثارت الضربات، التي تعد أكبر عمل عسكري أميركي منذ تولي ترامب منصبه في يناير، تساؤلات حول أهدافها وتوقيتها خصوصاً وسط مساعي الإدارة الحالية لإنهاء «الحروب بلا نهاية» وخفض التدخل العسكري حول العالم.

وأشار مراقبون إلى أن الحوثيين أصبحوا أكثر أهمية بالنسبة للنفوذ الإيراني بعد تلقي حزب الله اللبناني ضربات قاصمة في حربه مع إسرائيل، وسقوط نظام بشار الأسد في سورية، وتعرض الفصائل العسكرية العراقية لضغوط سياسية واقتصادية شديدة شلت قدرتها على التحرك، مضيفين أن تحرك ترامب قد يكون مقدمة لانقلاب بالمشهد اليمني يوجه رسالة واضحة لإيران أنه لم يعد بإمكانها إعادة ترميم نفوذها في المنطقة، وعليها تقديم تنازلات أو تحمل العواقب.

في المقابل، يرى محللون أن الحملة الأميركية قد تكون مجرد تحذير شديد على طريقة ترامب، تشبه إلى حد بعيد فرضه رسوماً جمركية ثم التراجع عنها أو تأجيلها، معتبرين أن الحوثيين تمكنوا سابقاً من الصمود في وجه حملة جوية من التحالف العربي استمرت سنوات، كانت واشنطن منخرطة بها، وأن إدارة ترامب ليست بوارد الدخول في مستنقع مالي وعسكري بالمنطقة.

مقتل قيادات حوثية وصاروخ يسقط في سيناء وإسرائيل تدرس شن ضربات

سترون الجحيم

وكتب ترامب، في منشور على منصة «تروث سوشيال» للتواصل الاجتماعي، «إلى جميع الإرهابيين الحوثيين، وقتكم انتهى وهجماتكم يجب أن تتوقف بدءاً من اليوم. إذا لم يحدث ذلك فستشهدون جحيماً لم ترونه من قبل»، كما حذر إيران، من استمرار دعمها للحوثيين، قائلاً إنه إذا هددت إيران الولايات المتحدة «فإن أميركا ستحملكم المسؤولية الكاملة، ولن نكون لطفاء في هذا الشأن!».

وأشار ترامب إلى احتمال القيام بعمل عسكري أكثر تدميراً ضد اليمن، وقال: «لن نتهاون مع هجوم الحوثيين على السفن الأميركية. سنستخدم القوة الفتاكة الساحقة حتى نحقق هدفنا».

وقالت القيادة الوسطى الأميركية (سنتكوم) إن قواتها بدأت «سلسلة من العمليات التي شملت ضربات دقيقة ضد أهداف الحوثيين في مختلف أنحاء اليمن، للدفاع عن المصالح الأميركية، وردع الأعداء، واستعادة حرية الملاحة»، وكشف مسؤولون أن الغارات نفذت جزئياً بواسطة طائرات من حاملة الطائرات هاري إس. ترومان الموجودة في البحر الأحمر.

وكتب وزير الدفاع الأميركي المثير للجدل بيت هيغسيث، على موقع إكس، «لن نتهاون مع هجمات الحوثيين على السفن والطائرات الأميركية وقواتنا، ونحذر إيران، راعيتهم. سنستعيد حرية الملاحة».

وقال وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو: «وجه الرئيس رسالة قوية وواضحة إلى الإرهابيين الحوثيين المدعومين من إيران في اليمن. يجب أن تتوقف هذه الهجمات على السفن الأميركية والشحن العالمي، وسنحاسبكم. سنحمي شعبنا وحرية الملاحة».

وأعلنت الخارجية الأميركية، في بيان، أن روبيو تحدث، أمس الأول، مع نظيره الروسي سيرغي لافروف، وأبلغه بشأن الضربات الأميركية، وكذلك الخطوات التالية بخصوص العلاقات الثنائية في أعقاب اجتماعات بالسعودية. وأشارت الخارجية الروسية إلى أن لافروف شدد خلال الاتصال على «الحاجة إلى وقف فوري لاستخدام القوة، وأهمية أن تنخرط كل الأطراف في حوار سياسي لإيجاد تسوية تحول دون مزيد من سفك الدماء».

قتلى وتشكيك

وقال أنيس الأصبحي، المتحدث باسم وزارة الصحة التي يديرها الحوثيون، أمس، إن الضربات الأميركية أدت إلى مقتل 31 شخصاً على الأقل وإصابة 101 معظمهم من النساء والأطفال، وتحدثت مصادر عن مقتل 6 قيادات حوثية في الضربات التي استهدفت عدة محافظات، بينها صعدة معقل الجماعة وصنعاء والبيضاء وحجة.

ووصف المكتب السياسي للحوثيين الهجمات بأنها «جريمة حرب»، وقال في بيان: «قواتنا المسلحة اليمنية على أتم الجاهزية لمواجهة التصعيد بالتصعيد»، مضيفاً ان الضربات لن تمر دون رد ولن تثني الحركة عن «دعم غزة».

وقللت مصادر مرتبطة بالحكومة اليمنية الشرعية المناهضة للحوثيين من الضربات الأميركية، معتبرة أنها مشابهة للضربات السابقة إنما بوتيرة أشد وبذخيرة أقوى. وسعت الإدارة الأميركية السابقة للرئيس الديموقراطي جو بايدن إلى إضعاف قدرة الحوثيين على مهاجمة السفن قبالة السواحل اليمنية، لكن إجراءاتها كانت محدودة لتجنب فتح جبهة جديدة كبيرة في المنطقة التي كانت تشهد أصلاً حرباً في غزة وأخرى في لبنان وتبادلاً مباشراً للضربات الصاروخية بين إسرائيل وإيران.

صاروخ في مصر

وقال موقع «والاه» العبري إن جماعة الحوثي أطلقت ليل السبت - الأحد صاروخاً باتجاه إسرائيل إلا أنه سقط في شرم الشيخ بمصر، مضيفاً أن السلطات الإسرائيلية تجري تحقيقا للتأكد من أن الصاروخ كان يستهدف البلاد. وأشارت القناة 12 العبرية إلى أن الصاروخ انفجر في جنوب سيناء على بعد حوالي 250 كم من إسرائيل.

إيران في موقف حرج

وفي طهران انقسم الموقف بين رفض الإملاءات الأميركية والتبرؤ من قرارات الجماعة. ونددت وزارة الخارجية الإيرانية بالضربات ووصفتها بأنها «انتهاك صارخ لمبادئ ميثاق الأمم المتحدة والقواعد الأساسية للقانون الدولي». وقال وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي إن حكومة الولايات المتحدة «لا سلطة لها ولا شأن لتملي على إيران سياستها الخارجية».

قائد الحرس الثوري: إيران لن تشن حرباً لكن إذا نُفذت التهديدات ضدها فسترد بشكل حاسم وقاطع

من ناحيته، قال قائد الحرس الثوري اللواء حسين سلامي: «نرفض اتهامات ترامب لنا بشأن اليمن، وطالما أعلنا أن الشعب اليمني شعب حر ومستقل وينتهج سياسات وطنية مستقلة»، وأن «أنصار الله بوصفها ممثلة لليمنيين تتخذ قراراتها الاستراتيجية والعملياتية بنفسها». وكان الحوثيون أعلنوا الثلاثاء الماضي أنهم استأنفوا الهجمات في البحر الأحمر رداً على عودة التوتر في غزة، بعد هدوء نسبي منذ وقف إطلاق النار بالقطاع يناير الماضي.

وأكد سلامي، رداً على تحذير الرئيس الأميركي لطهران، أن «إيران لن تشن حرباً، لكن إذا نفذت التهديدات ضدها فسترد بشكل مناسب وحاسم وقاطع»، مضيفاً أن «الولايات المتحدة لم تتعلم الدرس التاريخي بأن الحرب لا تعتبر حلاً لمشاكلها».

وأفادت صحيفة نيويورك تايمز، أمس الأول، بأن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يضغط على ترامب، للسماح بعملية أميركية - إسرائيلية مشتركة لتدمير المنشآت النووية الإيرانية، وأن الرئيس الأميركي «يتردد في الانجرار إلى حرب كبرى، ويقاوم الضغوط من جانب الصقور في كل من إسرائيل والولايات المتحدة».

back to top