بوفيصل... إنها الكويت وأبناؤكم ومحاميات «الثامنة»

نشر في 16-03-2025
آخر تحديث 15-03-2025 | 15:05
 بدر خالد البحر

الكويت يا سادة لم تأتِ على حين غرّة، بل بنيت على مدى قرون وتصدت لأعدائها، فبعد القرن الثامن عشر كمثال واجهت قرابة العشرين حرباً ونزاعاً، فاليوم يصادف ذكرى معركة هدية قبل مئة وخمسة عشر عاماً، وغداً يصادف ذكرى معركة الصريف قبلها بتسعة أعوام.

نعم إنها أربعة قرون من البناء بسواعد رجال طحنوا الحجارة ونساء قارعن المرارة بالمرارة، فنشأت من أصلابهم أجيال نذرت أرواحها فغارت أعماقاً لضمان كسرة خبز شريفة، ومخرت هول البحار لتأمين الرزق بأنفس عفيفة، ضحوا بأرواحهم لمواجهة ألد أعدائهم، وفتتوا الصخور بأكفهم ليبنوا أسوارهم، حتى تفجرت آبار الذهب الأسود فتشكلت الحضارة على أكتافهم، بعد مخمصة تضوروا فيها جوعاً، وجفاف عطشوا فيه بلا ارتواء.

فكيف نقبل بعد هذا الشقاء وقرون العناء أن يتسلل إلينا الدخلاء والمزورون والعابثون، ممن لا يستحقون جنسيتها! فنحن نقف اليوم صفاً واحداً مع أمير الحزم لتطهير هذا الملف ومواجهة الأبواق الشاذة التي تثير الشحناء عبر الإعلام والنشر الإلكتروني كمن يبث تقارير صحف أجنبية تتدخل في سيادة الدولة، لنقول للنائب الأول، الذي لا يسعنا المقام لإيجاد عبارات شكر وثناء توفيه حقه لإنجازاته الوطنية الرائعة، إن جزءاً من الحزم يجب أن يوجه لكبح أبناء الأسرة من هذه الفئة.

ثم تأتي المسحوبة جنسياتهن بالمادة الثامنة، حيث نثمن إجراءات الحكومة بمعاملتهن كالكويتية فيما يتعلق بالخدمات العامة كالتعليم والصحة والتموين لتأمين حياة كريمة، ومنها عقود العمل ورواتب التقاعد، لكننا أشرنا بمقال ديسمبر الماضي إلى عدم إمكانية معاملتهن كالكويتية في تملك العقارات وأسهم الشركات لوجود مخالفات صريحة لقوانين مثل 20/2000 و74/1979، وقوانين إدارة التسجيل والتوثيق العقاري، لذلك يجب أن يبقين على وضعهن كغير كويتيات وخصوصاً مع إقرار قانون تملك الأجانب للعقارات ليكون لهن الوقت الكافي لتوفيق أوضاعهن بنقل الملكيات إذا أردن.

كما على معالي النائب الأول لرئيس الوزراء وقف أي محاولة لمعاملة المحاميات المسحوبة جناسيهن معاملة الكويتية بأي شكل يؤثر على إجراءات رفع الدعاوى أو يلوي أعناق مواد قانون المهنة حتى لا يدخل مرفق القضاء الشامخ بربكة طعونات وبلبلة متقاضين وموكلين، فتصريح رئيس جمعية المحامين الأسبوع الماضي، الذي ننصحه بوضع بصمة وتحويل الجمعية لنقابة حالها حال الدول الأخرى بدلاً من إضاعة وقته بموضوع سحب الجناسي، تصريح لا يبعث على الاطمئنان لبحثه مع وزارة العدل موضوع محاميات المادة الثامنة على أمل معاملتهن ككويتيات وإقرار مزايا ليتساوين مع وضعهن السابق! وهو ما لا يجب تمريره ولا يمكن تحقيقه قانوناً، فالقاعدة التي تعلمناها من خبرائنا القانونيين تنص على أنه «لا اجتهاد مع صراحة النص»، والمادة الثانية من قانون 42/1964 لتنظيم مهنة المحاماة تشترط أن يكون المحامي كويتياً، نقطة آخر السطر. أما كون إحداهن صارت غير كويتية فعليها استرداد جنسيتها، كما صرح النائب الأول بإمكانية ذلك، ليتم تقييدها بجدول المحامين غير الكويتيين حسب المادة الثالثة، لتأخذ إذناً من وزير العدل للمرافعة لمصلحة موكليها أو تقوم بتوكيل شريكها بالمكتب لمتابعة الدعاوى، مع إمكانية تحديد فترة انتقالية قبل استرجاع جنسيتها للتصرف في القضايا على النحو المشار إليه.

معالي النائب الأول وزير الداخلية، بوفيصل، لم نشد على يد أحد بعد سمو أمير البلاد كما شددنا على يدك، إنها الكويت فعليكم الحزم مع أبنائكم وعدم استثناء محاميات المادة الثامنة.

***

إن أصبت فمن الله وإن أخطأت فمن نفسي.

back to top