الدراما.. نسب المشاهدة تنسف «أوهام» الواقع الافتراضي
تناقضات قياسية بين آراء الجمهور على السوشل ميديا وذائقته الفنية الحقيقية
جدل كبير، أقرب إلى معركة، يدور الآن على صفحات التواصل الاجتماعي حول الأعمال المشاركة في ماراثون الدراما الرمضانية، بين جمهور تلك الأعمال ما بين التحيز الشديد لها أو الهجوم الضاري عليها.
وفي جولة قصيرة على تلك الصفحات، ربما تعتقد أنك وصلت إلى قياس وافٍ حول توجهات الجمهور وذائقته، إذ من المنطقي أن يعبر الانحياز أو الهجوم عن الآراء حول الأعمال محل الجدل.. لكن عفواً، أنت واهم.
فما تراه من آراء في الواقع الافتراضي، وتعتقد أنه قياس للتوجهات والذائقة، تدحضه، بل وتنسفه من الأساس، وسائل القياس الإحصائية الإلكترونية لنسب مشاهدة تلك الأعمال على المنصات والقنوات التي تعرضها.
فعلى سبيل المثال، نال مسلسل العتاولة، الذي يقوم ببطولته أحمد السقا وطارق لطفي وباسم سمرة وفيفي عبده، الحظ الأوفر من الهجوم على صفحات التواصل الاجتماعي من الجمهور والنقاد والوسط الفني نفسه، وبما يشير إلى أن المسلسل لم ينل استحسان الأوساط، حسناً!.. هل تعتقد ذلك حقاً؟ الأمر ليس كذلك، فالواقع شيء آخر.
فمع مرور أكثر من عشرة أيام على عرض المسلسل، تصدر قائمة الأعمال الدرامية من حيث نسبة المشاهدة بنسبة 65%، وذلك حسب أبحاث شركة إجابات EJABAT MARKET RESEARCH، ولم يتجاوزه في نسب المشاهدة إلا برنامج رامز إيلون مصر، وبنسبة 70%، الذي، وبالمناسبة، البرنامج ذو النصيب الأكبر من الهجوم على مدار أعوام.
ورغم أن هناك بعض القياسات المنطقية والتي تتوافق فيها التوقعات أو الآراء أو التقييم الفني للعمل مع نتائج البحث، إلا أن المفاجئات أكثر إبهاراً، فقد جاء مسلسل المداح في نسخته المكررة للمرة الخامسة في المركز الثاني على مستوى الدراما عقب العتاولة وبنسبة مشاهدة بلغت 63%، ليليه في الترتيب، مسلسل أشغال شقة جداً والذي نال الاستحسان على المستويين الفني والجماهيري، لنعود بعده إلى قائمة المفاجآت، بمسلسل سيد الناس، بنسبة 55% رغم مسواه الفني الرديء ورغم ما ناله وصنّاعه من هجوم وسخرية على صفحات التواصل الاجتماعي. ولنفس مخرج المسلسل يستحوذ محمد سامي مع زوجته النجمة مي عمر على المركز التالي وبنسبة 54% بمسلسل إش إش.
وفي المقابل، واستمراراً للمفاجآت يأتي في مراكز متأخرة بالقائمة نفسها، عدد من الأعمال الدرامية، التي كان يتوقع أن تحقق نسب مشاهدة معتبرة، حسب التقييم الفني وآراء الجمهور على صفحات التواصل الاجتماعي وكذا ارتباط الذائقة بأبطال هذه الأعمال، إذ جاء مسلسل النص للنجم أحمد أمين في مؤخرة الأعمال الدرامية من حيث نسبة المشاهدة ب5% فقط، في حين تفوق عليه بنسبة ضئيلة مسلسل الجودر 2 للنجم ياسر جلال.
ومن ضمن المفاجآت، جاء مسلسل معاوية الذي شهد جدلاً واسعاً، حتى قبل عرضه، في مركز متأخر بنسبة مشاهدة 14% ومتفوقاً بفارق ضئيل جداً 1% عن مسلسل شهادة معاملة أطفال لنجم الكوميديا محمد هنيدي، الذي، بالكاد، قد يتذكر البعض أنه يقدم مسلسلاً هذا العام.
ما تم رصده في هذا التقرير، أمثلة قليلة من التناقضات التي نراها يومياً في الواقع الافتراضي، لا تعكس حقيقة الأمر، ولا تعبر عن أي شيء، ولا يجب أن نستند إليها في تقييم الأعمال الفنية، بل ربما هي جزء من خطة لتسويق تلك الأعمال بطريقة محترفة يشترك فيها، حتى، زبائنها.
فالمؤكد أن صناعة الدراما وتجارتها، باتت كأي صناعة وكأي تجارة، لا تعترف إلا بمعيار المكسب والخسارة، وأن جمهورها بات كأي زبون لا يشتري إلا ما يرضي ذائقته، وهذه معادلة مفهومة، حتى لو كانت غير مقبولة، لكن من غير المفهوم أن يشتري الزبون ما لا يرضي ذائقته ويستفز حسه الفني والأدبي.
أما أنت، فهل ستظل تبني قناعاتك وآرائك عن الأعمال الدرامية والفنية ومدى تأثيرها وقبولها عند الجمهور من اشتباكات صفحات التواصل الاجتماعي، وهل ستظل هذا الزبون الذي تستقطبه هذ الخطة التسويقية الجهنمية؟!.