سورية: اعتماد الإعلان الدستوري واتصالات لتشكيل حكومة
• إدارة ترامب ضغطت لحصار أحداث الساحل... وتململ تركي من الاتفاق مع «قسد»
واصلت السلطات السورية بقيادة الرئيس المؤقت أحمد الشرع خطواتها لاستكمال المرحلة الانتقالية، إذ اعتمد الشرع أمس، مسودة الإعلان الدستوري، الذي سيشكل الإطار الدستوري للبلاد خلال المرحلة الانتقالية.
ولم يتضمن الإعلان، الذي نشرت «الجريدة» أمس الأول أبرز بنوده، مفاجآت كبيرة، في حين تجددت خصوصاً الانتقادات لمدة المرحلة الانتقالية التي حددها الإعلان بخمس سنوات، وهي فترة طويلة إذا ما قورنت بتجارب دولية مماثلة.
ويؤكد الإعلان الفصل المطلق بين السلطات، وحرية الرأي والتعبير والنشر، ويكفل الحقوق الاجتماعية والسياسية والاقتصادية للمرأة، مع احتفاظه بشرط أن يكون رئيس البلاد مسلماً، ويكون الفقه الإسلامي مصدراً أساسياً للتشريع.
في الأثناء، تستمر المشاورات والاتصالات لتشكيل حكومة، تفيد المعلومات بأنها، ستضم على الأرجح 22 وزيراً، بينهم 3 وزراء للمكونات الكردية والمسيحية والدرزية، في حين لم يتضح التمثيل المحتمل للعلويين. ووفق المعلومات فإن انضمام وزير درزي إلى الحكومة يتوقف على التوصل إلى اتفاق نهائي مع الدروز في محافظة السويداء، الذين لا يزالون منقسمين، بين تيار متحفظ عن الانفتاح على دمشق، وآخر يسعى بحماسة إليه.
إلى ذلك، قالت مصادر دبلوماسية لـ «الجريدة»، إن إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب تجري اتصالات مكثفة ترافقها ضغوط سياسية ودبلوماسية لتجنب انفجار الوضع السوري بشكل واسع، بعد الأحداث الأمنية التي شهدتها منطقة الساحل الأسبوع الماضي.
وأضافت المصادر أن واشنطن، التي لعبت دوراً أساسياً للتوصل إلى اتفاق بين الشرع و«قوات سورية الديموقراطية» (قسد) الكردية، تسعى كذلك للتوصل إلى اتفاق مماثل مع الدروز، وفق مبادئ أساسية في مقدمها اعتماد مبدأ اللامركزية الموسعة، مع ما يعنيه ذلك لناحية احتفاظ كل منطقة، بخصوصيتها، وتولي قوات أمنية من أبنائها الأمن فيها، وتمتعها بحد من الاستقلالية الضرائبية والمالية.
من ناحية أخرى، يظهر السلوك الإسرائيلي في سورية ارتباكاً حيال ما تريده تل أبيب، وإذا كانت ضغوطها المتواصلة بما في ذلك احتلال مناطق واسعة من الجنوب السوري، تهدف إلى دفع السلطات الجديدة في دمشق إلى التطبيع والموافقة على اتفاق سلام شامل تتخلى بموجبه سورية عن الجولان، وهو أمر تقول مصادر السلطات الجديدة إنها ليست بوارد القبول به، أم أنها تهدف إلى تقويض قدرة السلطات الجديدة على إعادة بناء البلد، وبالتالي إذكاء حالة عدم الاستقرار. وهناك مَن يذهب إلى مقاربة وسطية، بأن إسرائيل ربما تسعى إلى نسج تفاهمات مع دمشق مقابل ضمانة عدم التسبب في أي اهتزاز للاستقرار على حدودها، وأيضاً بضمان ضبط الحدود اللبنانية، ومنع أي شكل من أشكال تهريب الأسلحة أو الأموال لـ «حزب الله».
وشنّت المقاتلات الإسرائيلية أمس غارات على دمشق، في وقت أعلنت وزارة الخارجية الإسرائيلية أنها أرسلت مساعدات إنسانية إلى الدروز في سورية خلال الأسابيع القليلة الماضية.
في المقابل، يبدو أن تركيا تعتبر نفسها متضررة من الاتفاق بين دمشق والأكراد، لأنها لم تكن شريكة فيه، وهي لا تزال تشدد على ضرورة حلّ الفصائل العسكرية الكردية، ولا توافق على اندماج هذه القوات ضمن التشكيلات السورية الجديدة.
ودفع ذلك وزير الخارجية التركي هاكان فيدان إلى جدولة زيارة قريبة إلى دمشق لمناقشة هذه الملفات.
وتقول مصادر مطلعة إن بوادر التململ التركي ظهرت من خلال تراجع فصيلي «العمشات» و«الحمزات» المرتبطين بأنقرة عن الاستعداد لحل أنفسهما عسكرياً، والانضواء ضمن التشكيلات السورية.
أما إيران فتبدو الطرف الأضعف والأكثر غياباً في هذه المعادلة، فهي ربما أرادت استغلال أي فوضى في سورية، لإعادة فرض نفوذها وفتح طرق الإمداد لحلفائها، وهو ما حاولت الاتفاق عليه مع روسيا من خلال أحداث الساحل، التي تعتبر دمشق أنها أجهضتها وحصلت على دعم دولي وعربي لذلك.
وهنا يظهر تقاطع غير مقصود بين إسرائيل وإيران، بمعنى أنه إذا كانت تل أبيب تريد استمرار الفوضى في سورية، فلا بد لها أن تتوقع أن إيران هي وحدها الجاهزة للاستثمار في الفوضى وإعادة ترتيب مشروعها وهو ما يتناقض عملياً مع مصالحها. وفي دمشق، ثمة من يقول إن حسم هذا التناقض سيكون في يد الأميركيين وما يتوصلون إليه مع طهران، إما تصعيداً أو تفاهماً.