دمشق تنهي «عملية الساحل»

• إيران تنفي أي دور في التصعيد

نشر في 10-03-2025 | 15:24
آخر تحديث 10-03-2025 | 17:13
جانب من تظاهرة سلمية ضد العنف في ساحة المرجة بدمشق أمس (رويترز)
جانب من تظاهرة سلمية ضد العنف في ساحة المرجة بدمشق أمس (رويترز)

أعلنت السلطات السورية الجديدة إنهاء عملية عسكرية في منطقة الساحل السوري غرب البلاد، التي تسكنها الأقلية العلوية التي ينتمي إليها الرئيس المخلوع بشار الأسد، بعد 5 أيام من تصعيد دام أسفر عن مقتل أكثر من 1400 شخص، معظمهم من المدنيين العلويين. وجاء الإعلان مع وصول وفد أممي لتقصّي الحقائق إلى المنطقة، وسط تقارير عن انتهاكات فظيعة ارتكبتها مجموعات شبه عسكرية موالية للقوات الأمنية.

وقال المتحدث باسم وزارة الدفاع السورية، حسن عبدالغني، في بيان نشرته وكالة سانا: «نعلن انتهاء العملية العسكرية، بعد نجاح قواتنا في تحقيق جميع الأهداف المحددة للمرحلة الثانية منها». وأضاف عبدالغني: «تمكنّا من امتصاص هجمات فلول النظام البائد وضباطه، وحطمنا عنصر مفاجأتهم، وتمكنّا من إبعادهم عن المراكز الحيوية». وتابع أن الأجهزة الأمنية ستواصل عملها لضمان الاستقرار وحفظ الأمن وسلامة الأهالي، مشيرًا إلى «خطط جديدة لاستكمال محاربة فلول النظام البائد وإنهاء أي تهديد مستقبلي».

وأكد أن رسالة السلطات الجديدة إلى فلول النظام المهزوم وضباطه الفارّين هي: «إن عُدتم عدنا، ولن تجدوا أمامكم إلا رجالاً لا يعرفون التراجع ولا يرحمون من تلطخت أياديهم بدماء الأبرياء».

الأحداث في الساحل السوري تؤدي لنزوح 1476 عائلة إلى شمال لبنان

ولا تزال التفاصيل حول كيفية اندلاع العنف غير واضحة، ففي اليوم الأول من المواجهات التي بدأت الخميس الماضي، قالت السلطات إنها تواجه مجموعات مرتبطة بسهيل الحسن، (أحد أبرز ضباط الجيش السوري السابق). وفي وقت لاحق، أعلنت وسائل إعلام موالية للسلطات الجديدة أن التحرك الأمني جاء ردًا على هجمات واسعة قامت بها فصائل علوية مسلحة يقودها ضباط في النظام السابق، أعلنت نيتها «تحرير سورية». وأشار موقع المدن اللبناني إلى مخطط من أنصار النظام السابق للقيام بانقلاب، مؤكداً أن تحرُّك السلطات الجديدة كان استباقياً.

من جهته، قال المرصد السوري لحقوق الإنسان، وهو منظمة حقوقية اكتسبت مصداقيتها خلال الحرب الأهلية بالتصدي لجرائم النظام، إن التوتر بدأ الخميس في قرية ذات غالبية علوية في ريف اللاذقية، على خلفية توقيف قوات الأمن لمطلوب، ثم تطور إلى اشتباكات بعد إطلاق مسلحين علويين النار. وأورد المرصد في حصيلة جديدة مقتل «973 مدنياً علوياً على يد قوات الأمن ومجموعات رديفة»، متحدثاً عن «عمليات قتل وإعدامات ميدانية وتطهير عرقي». وبذلك، تبلغ الحصيلة الإجمالية 1454 قتيلاً على الأقل، بينهم 231 عنصراً من قوات الأمن و250 من المسلحين الموالين للرئيس المخلوع بشار الأسد. وأفاد مسؤول لبناني بأن الأحداث في الساحل أدت إلى نزوح 1476 عائلة نحو بلدات عكار في شمال لبنان.

تعهّدات الشرع

وقد تعهّد الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع، مساء أمس ، بمحاسبة كل من «تورط في دماء المدنيين». وقال في كلمة بُثّت على قناة الرئاسة السورية على «تليغرام»: «نؤكد أننا سنحاسب، بكل حزم وبدون تهاون، كل من تورط في دماء المدنيين أو أساء إلى أهلنا، أو استغل السلطة لتحقيق مآربه الخاصة». وأضاف: «لن يكون هناك أي شخص فوق القانون، وكل من تلوثت يداه بدماء السوريين سيواجه العدالة عاجلاً غير آجل».

توتر على «جبهة الأشرفية» في حلب بعد اشتباكات بين الأمن السوري والأكراد

وألمح الشرع إلى ضلوع «جهات خارجية» في العنف، من دون تسميتها، قائلاً: «نجد أنفسنا أمام خطر جديد يتمثّل في محاولات فلول النظام الساقط ومن وراءهم من الجهات الخارجية خلق فتنة جديدة وجرّ بلادنا إلى حرب أهلية بهدف تقسيمها وتدمير وحدتها واستقرارها». وأكد أن «سورية ستظل صامدة، ولن نسمح لأي قوى خارجية أو أطراف محلية بأن تجرّها إلى الفوضى أو الحرب الأهلية».

وأعلنت الرئاسة السورية تشكيل لجنة تحقيق في «الانتهاكات التي تعرّض لها المدنيون وتحديد المسؤولين عنها»، إضافة إلى تشكيل «لجنة عليا للحفاظ على السلم الأهلي» تتولى التواصل المباشر مع سكان الساحل السوري. وكان القادة الروحيون للطوائف المسيحية في سورية قد دعوا إلى وقف العنف، فيما حذّر القادة الروحيون للدروز من حرب طائفية. ودعا قائد قوات «قسد» الكردية، عبدي مظلوم، الشرع إلى وقف الانتهاكات.

تصعيد في حلب ومواقف دولية

وارتفع منسوب التوتر، اليوم، على جبهة أخرى، حيث قالت وزارة الدفاع السورية إنها تصدت لهجوم شنته قوات «قسد» على «جبهة الأشرفية» في مدينة حلب، ثاني أكبر مدن البلاد. وتحدثت تقارير محلية عن مقتل 6 عناصر موالية للسلطات الجديدة.

على الصعيد الدولي، رفضت إيران اتهامها بالضلوع في أعمال العنف في الساحل السوري، وذلك بعد تقارير صحافية ألمحت إلى دور لطهران في اشتباكات هي الأعنف في البلاد منذ الإطاحة بحليفها بشار الأسد. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، إسماعيل بقائي، في مؤتمر صحافي: «هذا الاتهام سخيف ومرفوض بالكامل، ونعتقد أن توجيه أصابع الاتهام إلى إيران وأصدقائها هو أمر خاطئ ومضلل مئة بالمئة». وأضاف أنه «لا يوجد أي مبرر للهجمات على بعض العلويين والمسيحيين والدروز والأقليات الأخرى».

من جهته، قال «الكرملين» إنه يتعين أن ينتهي العنف بسورية في أسرع وقت ممكن، في وقت دعت موسكو وواشنطن إلى مناقشات في مجلس الأمن حول التطورات. ودعت الصين إلى «الوقف الفوري» لأعمال العنف، وتوفير الحماية الفعلية للمدنيين، بينما طالب وزير الخارجية الفرنسي، جان نويل بارو، في اتصال مع نظيره السوري أسعد الشيباني بمحاسبة المسؤولين عن أعمال العنف. وطالب وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو، أمس ، الحكومة السورية بمحاسبة «المسؤولين عن المجازر بحق الأقليات». وقال في بيان إن «الولايات المتحدة تدين الإرهابيين الإسلاميين المتطرفين، بمن فيهم الجهاديون الأجانب الذين قتلوا الناس بغرب سورية في الأيام الأخيرة». وتابع: «تقف الولايات المتحدة مع الأقليات الدينية والإتنية في سورية، بما في ذلك المجتمعات المسيحية والدرزية والعلوية والكردية، وتقدّم تعازيها بالضحايا ولأسرهم».

تصاريح عمل إسرائيلية لدروز سورية

أعلن وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس، أمس ، أن بلاده ستصدر قريباً تصاريح عمل للمواطنين الدروز في سورية للعمل بهضبة الجولان المحتلة. وأشاد كاتس بـ«ولاء وشجاعة ومساهمة» المواطنين الدروز، الذين يخدم الكثير منهم في الجيش الإسرائيلي. وأضاف «سنواصل تقويتهم وحماية إخوانهم في سورية من أي تهديد».

وصادقت الحكومة الإسرائيلية على خطة خماسية شاملة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية في البلدات الدرزية والشركسية. وأشاد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو خلال التصديق على الخطة بما اسماه «تحالف الدم وتحالف الحياة» مع الدروز، مجدداً «التزام إسرائيل العميق تجاه المجتمع الدرزي الذي يشمل الدروز في المنطقة خاصة في سورية».

back to top