أعظم خطبة في تاريخ البشرية!

على الأرجح، وبعد أن راجعنا التواريخ في برنامج مطابقة «الكلندر» الهجري مع الميلادي، فإنه في مثل هذا اليوم، التاسع من مارس عام 632 ميلادي، الذي يصادف اليوم التاسع من شهر ذي الحجة في السنة العاشرة للهجرة، قال الرسول، صلى الله عليه وسلم، أعظم خطبة في تاريخ البشرية، التي سُمّيت خطبة الوداع، لكونها قيلت في حجة الوداع التي استودع فيها الرسول الكريم أصحابه حين قال: «لعلي لا ألقاكم بعد عامي هذا»، وتوفي بعدها بثلاثة أشهر، بأبي هو وأمي.
لقد ذكر الرسول، صلى الله عليه وسلم، في هذه الخطبة إحدى أعظم آيات كتاب الله: «اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا»، لتؤكد اكتمال التنزيل وقرب حلول الوعيد، وتنذر البشرية بقرب انتهاء الخليقة وقيام الساعة، فلا دين جديداً قادم، ولا نبي بعد محمد، لقوله سبحانه «... ولكن رسول الله وخاتم النبيين»، وقوله صلى الله عليه وسلم: «تركت فيكم ما إن اعتصمتم به لن تضلّوا بعدي، كتاب الله وسنة نبيه»، ليكون اتباع الرسول الكريم هو اتّباعاً لكتاب الله، مصداقاً لقوله تعالى «وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا».
إنه بعد آية اكتمال الدين هذه، صار واضحاً عدم أحقية أي مذهب أو طائفة تدّعي الإسلام أن تمارس أي عبادة أو مناسك لم يفعلها الرسول، صلى الله عليه وسلم، قبل حجّة الوداع، كما نشاهده هذه الأيام من بدع وشركيات متوارثة منذ مئات السنين، جعلت الأولياء وأهل البيت أرباباً من دون الله، يتّكلون عليهم ويعبدون قبورهم ويؤمنون بقدرتهم على الخلق وعلم الغيب، والعياذ بالله!
كما صار واضحاً أنه لا يحق لأي مذهب أو طائفة تحليل أو تحريم أي جديد بالدين، خلافاً لما جاء بالقرآن وذكره الرسول، صلى الله عليه وسلم، قبل هذه الخطبة، إلا ما يحلله ويحرّمه جمهور العلماء قياساً بالكتاب والسنّة، وعلى سبيل المثال عند ظهور محرّمات جديدة مشابهة للخمر تُذهب العقل، كالمخدرات مثلاً، أو صدور أدوات مالية في الأسواق تتطابق في تعاملها مع الربا... وهكذا.
لقد بيّن الرسول، صلى الله عليه وسلم، بهذا الخطاب مكانة المرأة في الإسلام حين قال: «استوصوا بالنساء خيراً»، ليعرف العالم قدر المرأة في ديننا، في الوقت الذي كانت تُضطهد وتُوأد بالجاهلية، وكانت توسم باللعنة والخطيئة في أديان سماوية محرفة، وينظر إليها الرجل عندهم بالدونية، وكأنها جزء من ممتلكاته.
كما أوصى الرسول، صلى الله عليه وسلم، في خطبته بأهم قواعد صلاح أمة الإسلام بقوله: «إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا... ألا هل بلغت؟»، وهي رسالة تحذير وتذكير للمسلمين الذين صار منهم من يسفكون دماء بعض ويأكلون أموالهم بينهم بالباطل، ويستبيحون أعراض بعضهم، وكل ذلك قد حدث في عهدنا بالحرب السورية لنزاعات حول السلطة ولأحقاد مذهبية. كما لم تسلم أعراض المسلمين من الطعن واللعن والغيبة والنميمة، وكذلك التعري، والإباحية التي اعتادها الناس بين العامة وعبر وسائل التواصل.
علينا أن ندعو المولى عز وجلّ في هذا الشهر المبارك، وفي ذكرى خطبة الوداع، أن يهدي القلوب ويطوّع النفوس للتوبة للاستعداد ليوم الرحيل باتّباع كتاب الله وسنّة نبيه وما جاء من وصايا في أعظم خطبة بتاريخ البشرية.
***
إن أصبت فمن الله، وإن أخطأت فمن نفسي.