عبدالكريم عبدالقادر أيقونة الشجن والرومانسية (1- 6)

• بدأ مشواره منذ الصغر وكان يغني في جلسات المقربين والأصدقاء

نشر في 09-03-2025
آخر تحديث 08-03-2025 | 15:51
منذ ولوجه عالم الغناء، لفت الفنان عبدالكريم عبدالقادر، الملقب بالصوت الجريح، الانتباه إلى عذوبة صوته وإحساسه الرائع، فكان محط إعجاب كل من يستمع إليه، فنبرة صوته لا تحتاج إلى مقدمات أو فترة طويلة لتشكل رابطة وثيقة بينها وبين المستمع، بل كان امتداد صوته ومسحة الحزن التي تميز بها بمنزلة جواز سفر إلى قلوب محبيه، ولجمال صوته أيضاً سحره الخاص ولإحساسه بريقه النافذ الذي يتسلل إلى القلب والوجدان قبل الآذان. لم يدع عبدالكريم عبدالقادر الأمور تسير مصادفة، لإعلان موهبته، حيث قرر في عام 1966، الذهاب إلى الإذاعة للخضوع لاختبار لجنة الاستماع هناك، وحينها غنى أمام أساتذة كبار وأعجبوا بأدائه واجتاز الاختبار بدرجة امتياز. اتصف الشاب النحيل بالصبر والجلد ونفاذ البصيرة، فكان حاسماً منذ خطواته الأولى في عالم الغناء، وبعد نجاح أغنيته العاطفية الأولى، لم يود أن يكرر نفسه، وبحث عن أغنية جديدة شعبية عقب اللون الشرقي الذي قدمه في «تكون ظالم»، وبعد نجاح أغنية ليل «السهارى» من كلمات الشاعر الشيخ خليفة العبدالله وألحان الملحن عبدالرحمن البعيجان، ثم بدأ الصوت الجريح بالبحث عن جديد يتواءم مع ذائقته الفنية. وفي السطور التالية، نستعرض الظهور الأول للفنان عبدالكريم عبدالقادر وما صاحبه من مواقف وذكريات، دفعت به إلى مصاف النجومية والشهرة الكبيرة، وفيما يلي التفاصيل:

ظهر المطرب عبدالكريم عبدالقادر في فترة ستينيات القرن الماضي، التي كانت زاخرة بالمطربين الكبار سواء في منطقة الخليج أو في الوطن العربي، وكان نجوم الغناء مسيطرين على المراتب الأولى في سلم النجومية، ولهم شهرة كبيرة.

عبدالكريم عبدالقادر أوجد لنفسه مكانة مرموقة بين نجوم الغناء

فترة ذهبية

وفي خضم هذه الفترة الذهبية، استطاع عبدالقادر أن يجد لنفسه مكانة مرموقة بين نجوم الغناء في الكويت، وشق طريقه إلى النجومية بكل ثقة وثبات. وبفضل حنجرته الذهبية وإحساسه الفني الراقي، وذائقته الفريدة، اعتلى السلم الموسيقى باقتدار وسهولة، وأجاد الصعود والنزول بسلاسة، فكانت نبرة صوته الجميلة تدخل القلوب وتسلب العقول وتستحوذ على الوجدان.

الحس التطريبي

منذ صغره، اكتشف عبدالقادر عذوبة صوته ورهافة إحساسه، فراح يغني للمقربين، فأنصتوا إليه بكل اهتمام، وتلمسوا مواطن القوة في صوته وكذلك حسه التطريبي، وبدأوا بالإشادة بإمكاناته، وكوَّن آنذاك رصيداً كبيراً من المعجبين، ونظراً لهذه العلاقة المميزة، اتجه عبدالكريم عبدالقادر إلى الغناء في جلسات الأصدقاء وذاع صيته بشكل أكبر.

انطلاقة من الإذاعة

وكان الراحل يؤكد أن موهبة الغناء بدأت تبرز لديه منذ بواكير حياته فبدأ يغني للمقربين ونال استحسان الكثيرين وكان يقول من هذا السياق: «منذ صغري استمع إلى المطربين العرب الكبار أمثال محمد عبدالوهاب، وفريد الأطرش، وعبدالحليم حافظ، ومن الكويت كنت أطرب إلى سعود الراشد، وعوض دوخي، ومحمود الكويتي، وأردد أغانيهم، وهنا شعرت أنني أمتلك حساً فنياً وذائقة جميلة فكنت أردد ما يعجبني من الأغنيات العربية والكويتية، وبدأت أغني ما يتواءم مع ذائقتي، وكنت أحصد حينها إشادة وثناء على ما أقدمه، وبدأت أغني للمقربين وعقب ذلك، بدأت تتسع الدائرة، وبالتوازي كانت تتضاعف كمية الإشادات، وبعد هذه المرحلة قررت خوض المجال الفني بطريقة جدية أكثر، وفي عام 1966 أردت الذهاب إلى الإذاعة الكويتية لتقييم صوتي من اللجنة المخولة بمنح التراخيص للغناء فمن تجيزه اللجنة يستطيع الغناء، وكذلك يمكنه بث أغنياته في الإذاعة الكويتية، وفعلاً خضعت للاختبار آنذاك ووفقت بدرجة امتياز، وسررت جداً لهذا التقييم، لكن واجهت عقبة لم تكن تخطر ببالي فلم أجد الملحن الذي يقدم لي الأغنية التي سأدشن فيها مشواري الفني، وأذكر أنني كنت صغيراً ومتحمساً للغناء وكنت انتظر الفرصة بفارغ الصبر، ولم يستمر الانتظار طويلاً إلى أن جاءت اللحظة المناسبة، وكانت مناسبة دينية وهي المولد النبوي فجاء الملحن يوسف المهنا، وطرح فكرة أداء أغنية شوقي سعى بي إلى المدينة.

نبرة صوته الجميلة تدخل القلوب وتسلب العقول وتستحوذ على الوجدان

ومن أجواء كلمات الأغنية:

شوقي سعى بي إلى المدينة

أزور بدر الهدى نبينا

طلبت قرب الحبيب مني

وقلت يارب لي معينا

كتمت أمري بلغت قصدي

جعلت أحدوا للسائقينا

قولوا جمعيا يا نوق سيري

وأمضي سريعا بالراكبينا

هو ابتغائي وهو مرادي

به للدين قد هدينا

وقبل موتي أراك يوما

في حمى روضة المدينة

وأقول عند اللقاء لقلبي

يا قلب أخرج هذا نبينا

سألت بالله تعفو عني

يا شفيعا في المذنبينا

وعن تجربته الأولى في الغناء، كان الراحل يقول: «بعد تقديم الأغنية للإذاعة الكويتية آنذاك، وتم اعتمادها بدأت تذاع الأغنية وحققت نجاحاً كبيراً، وعقبها بدأ اسمي يتردد في الأوساط الفنية، ويسأل الفنانون عني ومن صاحب هذا الصوت، لذلك بدأ الوسط الفني يعرف اسمي وبدأت أكون علاقات مع بعض الفنانين».

اكتشف عذوبة صوته منذ الصغر وكوَّن مبكراً رصيداً من المعجبين

فاتحة خير

كانت هذه الأغنية فاتحة خير للمطرب عبدالكريم عبد القادر حيث اتصل به الملحن عبدالرحمن البعيجان الذي كان يدرس حينها في مصر، وأخبره أنه استمع إلى أغنية «شوقي سعي بي إلى المدينة» وأعجب بها، ونظراً لهذا الأداء الجميل الذي قدمه عبدالكريم عبدالقادر خلال التجربة الأولى، أخبره البعيجان أن لديه أغنية عاطفية جديدة بعنوان «تكون ظالم»، وإن كان عبدالكريم يرغب بأدائها عليه أن يأتي إلى مصر، لأن البعيجان كان يدرس في القاهرة بالمعهد العالي للفنون الموسيقية، وعلى الفور، لم يتردد عبدالكريم عبدالقادر بالسفر إلى مصر والاتفاق مع الملحن عبدالرحمن البعيجان على أداء الأغنية، وفعلاً تم التدرب على الغناء، ثم طرحها عبدالكريم عبدالقادر، كما أنه صورها آنذاك وظهر عبدالكريم بجسمه النحيل وصوته الشجي العذب وهو يدندن بكلماتها التي كتبها الشاعر محمد محروس وتقول كلماتها:

اعتلى السلم الموسيقى باقتدار وسهولة وأجاد الصعود والنزول بسلاسة

تكون ظالم

تكون ظالم... تكون خاين

تكون مهما تكون... إنت

أنا أهواك... أنا أهواك يا روحي

ومهما راح تكون إنت حبيب غدار... أنا راضي

ومهما راح يطول البعد واحس بنار... مع الماضي

أنا صاين هواك... إنت

أنا أهوى هواك... إنت

تكون ظالم... تكون خاين

تكون مهما تكون... إنت

سمعت الناس تقول عنك كلام... ما يجي أبد منك

يحيرني كلام الناس... يحيرني

وأنا محتار في حالي... في حالي

ومع هذا أقول لا باس... حيرني

أقول يمكن يحن... يمكن ويسمعني

يحيرني كلام الناس... يحيرني

وانا محتار في حالي... في حالي

ومع هذا أقول لا باس... حيرني

حيرني بس... اصفالي

عبدالكريم وجمر الوجع

يشدو عبدالكريم في هذه الأغنية للحب، ويشكو ظلم الحبيب، ويئن من الألم لكنه برغم هذا الوجع لا يتخلى عن عشقه الذي لسعه بنار الغدر ولهيب المواربة والخداع، ولأنه متمسك بحبيبه، يقبض عبدالكريم على جمر الوجع الذي يؤرقه، ويسمو على ألمه ويقذفه إلى المجهول خارج ذاكرته، حالماً أن يبدأ صفحة جديدة، فينادي بأعلى صوته متأملاً أن يستمع إليه الحبيب ليعود إليه تاركا خلف ظهره ما دار بينهما من ألم وفراق وقطيعة، ثم يمضي متوسلاً بعدم مقدرته باستمرار ما يجري. وفي شفافية مفرطة، يعترف عبدالكريم أن الألسن بدأت تلوك بأحاديث وأقاويل عن حبيبته لكنه أوصد أذنيه في وجه كلام الناس القاسي الذي يصل إلى مسامعه فيدعو حبيبه إلى العودة إلى عشهما الحلم الذي يجمعهما.

منذ صغره كان يستمع لى محمد عبدالوهاب وفريد الأطرش وعبدالحليم حافظ

الصوت الجريح يبحث عن اللون الشعبي

بعد أغنيته من اللون الشرقي «تكون ظالم» بحث عبدالكريم عبدالقادر عن أغنية مستوحاة من التراث الكويتي والإيقاع المحلي، وعن هذه المرحلة كان يقول عبدالقادر: بعد أدائي هذه الأغنية التي حققت لي شهرة لا بأس بها وبدأ المستمع يتساءل عن هذا المطرب الجديد وطريقة الأداء وكذلك اللون الشرقي الذي قدمته ونظراً لهذه المعطيات أردت أن تكون الخطوة التالية مختلفة فكنت أريد تقديم اللون الشعبي المحلي أولاً لأن اللون الشرقي قمت بأدائه وثانيا شعرت أنه من الضروري تقديم اللون الشعبي لأنني أخاطب جمهوري في الكويت والخليج، وهذا كان تصوري للمرحلة المقبلة، وخلال العطلة الصيفية عاد عبدالرحمن البعيجان إلى الكويت، وقدم لي أغنية مشابهة لأغنية «تكون ظالم» لكن رفضت تكرار هذا اللحن الشرقي وأخبرته أني أود تقديم اللون الشعبي، وكنت مقتنعاً بهذا التوجه واقتنع هو كذلك بوجهة نظري وبعد فترة وقع اختيارنا على أغنية «ليل السهارى وهي من كلمات الشاعر الشيخ خليفة العبدالله، وألحان عبدالرحمن البعيجان، وكانت هذه الأغنية بداية انطلاقتي الحقيقية مع هذا الملحن الكبير الذي دعمني وشجعني واستمر التعاون بيننا.

كان عاشقاً لأصوات سعود الراشد وعوض دوخي ومحمود الكويتي

ليل السهارى

ودي اقول لك يا غالي اذكر ليالينا

واذكر سوالفنا وضحكنا وعيد ماضينا

بس إني خايف ودادك ما عاد يذكرنا

ولا اسهرت في عيونك دمعة تنادينا

اهو انت ناسينا

يشهد علينا ليل السهارى

اللي جمعنا داير مداره

كل يوم أقول اليوم يظهر قمر ليلي

وأعيش مع الماضي اللي يناديني

في صوتك الهامس مع رمشك الناعس

أسهر وانا حيران من شوقي للخلان

بس إني خايف ودادك ما عاد يذكرنا

ولا اسهرت في عيونك دمعة تنادينا

اهو انت ناسينا

يشهد علينا ليل السهارى

اللي جمعنا داير مداره

قولي أنا محتار وإيدي على قليبي

أمر إنكتب لي وصار مدري أنا شبيدي

من صوتك الهامس من رمشك الناعس

أسهر وانا حيران من شوقي للخلان

بس إني خايف ودادك ما عاد يذكرنا

ولا اسهرت في عيونك دمعة تنادينا

اهو انت ناسينا

ودي اقول لك يا غالي إذكر ليالينا

واذكر سوالفنا وضحكنا وعيد ماضينا

بس إني خايف ودادك ما عاد يذكرنا

ولا اسهرت في عيونك دمعة تنادينا

اهو انت ناسينا

يشهد علينا ليل السهارى

اللي جمعنا داير مداره

back to top