بدون مجاملة: أعمال غير رمضانية!
ما أسرع مرور الأيام! حتى تدور الشهور ويحول الحول فيعود رمضان... شهر الصيام والعبادة، ورجاء المغفرة والفضل والزيادة.
من المعتاد أن تكثر الأعمال المتلفزة في رمضان، ولست أدري ما السبب؟ ومَن وراء هذه الفكرة والهدف منها... هل الترويح؟ هل لتخفيف مرور اليوم؟... رمضان موسم، موسم إيماني تحديداً، فيه الإقبال على كل خير، فيه مراجعة عميقة وتهذيب خاص للنفس.
إن العادات القديمة استجدت وارتدت رداء الحداثة، في التجهيز لهذا الشهر، وهذا أمر طبيعي جداً، وهو مرتبط بالزمن وأسلوب المعيشة، وفيه تسهيل للحياة ومحافظة على الموروث الجميل، لكن ما هو غير طبيعي أن يصبح التجهيز هو الأساس، وأن يكون شغل الناس الشاغل لباسهم ومأكولاتهم قبل استشعار التوجيهات الإيمانية والروحانية والأجواء الأخوية.
نعم، نحب مائدة رمضان الخاصة، ونفرح بالاجتماع وتبادل التهاني والدعوات، نقبل ونرجو التوفيق والبركة والسعادة. رمضان بأيامه ولياليه... يعلمنا الصبر وهو من أرقى الأخلاقيات، والتغافل وهو نهج الحكمة. رمضان للاستسلام لله ومعاهدة القرآن، ولإعادة توثيق الروابط بين الأسرة والجيران.
كل عام أتساءل لماذا تحوّل هذا الشهر إلى ملهيات وماديات كثيرة ومتنوعة؟ بل وإلى أعمال لا ترتبط به، ملابس مبهرجة «ميالة» إلى الكشف أكثر من الاحتشام، سهرات واحتفالات مكلفة وتبذير، في الشكليات والتحضير، ومسلسلات تكرر الحقد والهم والخيانة والمكر، حتى بعض الإعلانات استعراض راقص، دون أدنى مراعاة لخصوصية الشهر ولا التراث ولا القيم.
كما تقع بعض الأسر في تعاملات متطرفة، من مبالغات ومقارنات... من الذي حضر، ومن الذي لم يحضر، من الذي بادر ومن الذي تأخر، منصرفين عن نعمة إدراك الشهر والأمن والطيبات، منشغلين بالتفاهات، ومتناسين أن البشر متباينون في عطائهم، وبذلك خسروا دروسا عظيمة في التسامح والشكر والكرم.
هذه أعمال ــ عامة وخاصة ــ تُربط برمضان وليس لها نصيب منه.
بعض مؤسسات المجتمع أدت دورها الاجتماعي بذكاء ومسؤولية في إعلاناتها الرمضانية بتضمين رسائل أخلاقية وإنسانية جميلة نحتاج التذكرة بها، فنجحت وتميزت.
تلفزيون الكويت الرسمي يُشكر على برنامج «مدفع الإفطار» الذي يقدم مزيجاً من الأصالة والترفيه في إطار تراثي ثقافي، بالحضور الخاص المتميز للأستاذ سعد الخلف، وبانضمام موفق وبارع للمذيع نادر كرم. فهذه الأعمال التي نسعد بها والجهود التي نجد إبداعها.
أعاننا الله وإياكم على الطاعات، وتقبل منا ومنكم...