المصفوفة الضرورة للتغيير
المصفوفة الضرورة للخروج من العجز المالي الحالي والمستقبلي تقوم على مبدأ خصخصة كل الأنشطة الإنتاجية، تعليم، صحة، قطاع الطاقة والكهرباء والماء، والموانئ والمواصلات، والاتصالات، والبريد.
وإجراء الترشيق الوظيفي في الوزارات والقطاعات التي لن يتم خصخصتها، بحيث يتم تجفيف البطالة المقنعة وفق الأسس والأساليب العلمية.
وإدراج ممنهج للعمالة الفائضة في القطاع الخاص، بعد عمليات تأهيلية مكثفة واحترافية وفق طبيعة الأعمال. وبعد هذه الخطوة يتم اعتماد أسس للرواتب والدعوم تحفظ المستوى المعيشي المرتفع وأعلى مستويات الرفاهية الممكنة.
ولتوضيح ذلك، سأضع أمامكم هذه الحقائق، وهي غاية في السطوع والسهولة.
عدد كل العمالة الكويتية 450 ألفا في القطاعين الحكومي والخاص، لو قامت الحكومة بصرف 600 دينار شهريا كدعم عمالة للجميع، بغضّ النظر عن المستوى العلمي والتخصص والخبرة ذكورا وإناثا، ستكون التكلفة 3.888 مليارات دينار، ولو قامت الحكومة بتوفير دعم المستوى المعيشي والرفاه بصرف 3 مليارات سنويا على المواطنين فردا فردا، سيكون نصيب الفرد الشهري 166 دينارا للفرد، ويكون نصيب الأسرة المكونة من زوج وزوجة و3 أبناء، وهي على الأغلب أصغر أسرة في الكويت، 833 دينارا شهرياً.
إذاً سوف يعتمد هذا كأساس ما تلتزم به الدولة لكل عامل كويتي من دعم، ويكون هذا أيضاً بديلا للأسس والاحتساب الحالي للرواتب، فلا علاوة زوجية ولا علاوة أبناء ولا علاوات وبدلات... وترك تقييم الرواتب للقطاع الخاص واعتماد مقاييسه في القطاع العام الذي لن تتم خصخصته.
أما بخصوص بقية الدعوم، فيفترض رفع أغلبها بكل أشكالها والإبقاء على بعضها مما تفرضه الضرورات التنموية والإنسانية.
وعلى ذلك، سيبدأ سلّم الرواتب لرب الأسرة المكونة من خمسة أفراد وبشهادة متوسطة أو ما في حكمها وراتبها 400 دينار كحد أدنى في القطاع الخاص 600 + 833 + 400 = 1833 دينارا، وهذا أدنى راتب.
المذهل أن الحكومة سوف تحقق وفرا وفق الآتي:
أولا قيمة الرواتب والدعوم وفق آخر موازنة كالتالي:
الرواتب والأجور: 15 مليار دينار.
الدعوم: 4.428 مليارات.
المجموع: 19.428 مليارا.
بطبيعة الحال سيبقى بدل الإيجار مؤقتا، ودعم البعثات الدراسية والعلاج في الخارج ودعم الزراعة والرياضة وغيره، ولنفترض أن قيمته 1.5 مليارا، وقلت: دعم بدل الإيجار مؤقتا، لأنني أفترض أخذ الحكومة بالمشروع الذي طرحته بتوفير السكن لعدد 90 ألف طلب خلال أربع أو ثماني سنوات، علما بأن تكلفة فقد بدل الإيجار في السنة تزيد على 300 مليون دينار.
ونذكر في هذا السياق أن هناك أنشطة لن يتم خصخصتها، وبالتالي الحكومة سوف تتكلف دفع الرواتب، وبما أن العمالة كلها يشملها دعم العمالة ودعم المعيشة 600 و166 دينارا لكل فرد بالعائلة، وقلنا إن رب الأسرة المكونة من خمسة أفراد سيكون 833 دينارا شهريا، فإن الحكومة ستدفع ما بعد هذا الالتزام 1433 دينارا يضاف لها الراتب بمعدل 1500 دينار، والمتوقع أنه لن يتجاوز 2.7 مليار، وبهذا يكون بند الرواتب والأجور إذا أدرجنا به دعم العمالة نحو 3.24 مليارات، يضاف له رواتب الجهات غير المخصخصة 2.7، ليكون المجموع 5.94 مليارات، وبذلك توفر الدولة في بند الرواتب والأجور 9 مليارات.
وبعد الخصخصة المتوقعة، ستوفر الدولة نحو 3 مليارات من خصخصة الكهرباء والماء و600 مليون من خصخصة الصحة، ومليار من خصخصة بقية القطاعات.
أما الدعوم فالوفر بها لن يتحقق إلّا إذا تم بناء المساكن للمستحقين، وخصخصة التعليم بكل مراحله، وتحميل القطاع الخاص تكلفة البعثات الدراسية، وأخيرا تكلفة العلاج في الخارج سوف تتلاشى إذا تم تغطية المواطنين بتأمين يشمل العلاج في الخارج وغرس المستشفيات العالمية في الكويت.
هذه مصفوفة عضوية تتخادم عناصرها ليس فقط للقضاء على العجز وتحقيق الوفر المالي، بل ستمتد لآفاق أرحب لتطوير العمالة الكويتية وتوفير التعليم وتغيير توجهاته وتعديل التركيبة السكانية، وتطوير الخدمات، وخلق مناخ حضاري جديد.