إدارة ترامب لزيلينسكي: التنازل أو التنحي

• بريطانيا وفرنسا تفشلان في الاتفاق على «هدنة الشهر»

نشر في 03-03-2025 | 10:56
آخر تحديث 03-03-2025 | 16:32
لافتة بتظاهرة في شيكاغو كُتب عليها بزّة بلا رجل ورجل بلا بزّة، في إشارة إلى انتقادات ترامب لملابس زيلينسكي (أ ف ب)
لافتة بتظاهرة في شيكاغو كُتب عليها بزّة بلا رجل ورجل بلا بزّة، في إشارة إلى انتقادات ترامب لملابس زيلينسكي (أ ف ب)

صعّدت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب ضغوطها على الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي لتقديم تنازلات والتخلي عن بعض المطالب، لتسهيل الجلوس على طاولة مفاوضات مع روسيا لإنهاء الحرب، أو التنحي عن السلطة، في وقت شهدت الجهود الأوروبية لدعم أوكرانيا انتكاسة بعد اختلاف بين فرنسا وبريطانيا حول مقترح دعم إعلان هدنة جزئية لمدة شهر بين موسكو وكييف، بعد أن وجد الأوروبيون صعوبة في التوصل سريعاً لخطة سلام بديلة للمسار الذي يقترحه ترامب، الذي تعتبر كييف وحلفاؤها الأوروبيون أنه يجري بشروط مواتية للرئيس الروسي فلاديمير بوتين على حساب أوكرانيا بشكل خاص والأمن القومي الأوروبي بشكل عام.

وأظهرت الأجواء في واشنطن أن الغضب لم يهدأ بعد من الفشل الذريع للقاء الجمعة في البيت الأبيض بين ترامب وزيلينسكي، والمشادة العلنية العنيفة بينهما التي منعت توقيع البلدين على صفقة المعادن، يعتبرها ترامب كافية لردع روسيا عن أي هجوم جديد ضد أوكرانيا، فيما يطالب زيلينسكي بضمانات أمنية صريحة.

وقال مستشار الأمن القومي في البيت الأبيض، مايك والتز: «نحتاج إلى زعيم قادر على التعامل معنا، والتعامل مع الروس في وقت ما وإنهاء هذه الحرب»، في إشارة الى الغزو الروسي لأوكرانيا الذي بدأ قبل 3 أعوام.

وأضاف، في مقابلة مع محطة سي إن إن التلفزيونية «إذا اتضح أن الرئيس زيلينسكي لم يعد يرغب، سواء لدوافع شخصية أو سياسية، بإنهاء الحرب في بلاده، أعتقد أننا سنواجه مشكلة حقيقية».

ورفض والتز أي حديث عن نصب «كمين» للرئيس الأوكراني، وأكد مجدداً أن على أوكرانيا أن تقدّم «تنازلات حول الأراضي» وأنه على «أوروبا إعطاء ضمانات أمنية» لكييف وليس واشنطن.

وكتب الرئيس الأميركي، أمس الأول، منشورا على منصته «تروث سوشيال» قال فيه إنه «من الآن فصاعداً، لن يكون أمام زيلينسكي من خيار سوى التراجع وقبول الشروط التي وضعها ترامب».

وكان ترامب وصف الرئيس الأوكراني الأسبوع الماضي بأنه «دكتاتور»، مشككاً بذلك في شرعيته الديموقراطية. وقال رئيس مجلس النواب الجمهوري، مايك جونسون «إما أن يعود (زيلينسكي) إلى رشده وإلى طاولة المفاوضات مع الامتنان، أو على شخص آخر تولّي رئاسة البلاد للقيام بذلك».

بدورها، انتقدت مديرة الاستخبارات الوطنية الأميركية تولسي غابارد «إلغاء الانتخابات في أوكرانيا» وفق الأحكام العرفية، فيما شارك إيلون ماسك مرافق ترامب الدائم تغريدة تنتقد «الصوت الواحد في أوكرانيا بغياب الانتخابات».

وكان السيناتور الجمهوري ليندسي غراهام المقرّب من ترامب وأحد داعمي كييف السابقين، إن «على زيلينسكي أن يغيّر موقفه بشكل جذري أو أن يرحل». وردّ زيلينسكي مقترحاً منح غراهام «الجنسية الأوكرانية ليصبح لصوته وزن أكبر». وقال خلال مقابلة مع وسائل إعلام بريطانية: «استبدالي لن يكون بهذه السهولة»، مضيفاً «لن تكون المسألة مجرد تنظيم انتخابات. بل سيتعيّن أيضاً منعي من الترشّح، وهو الأمر الذي سيكون أكثر تعقيداً بعض الشيء».

واقترح الرئيس الأوكراني الذي انتخب في 2019، وانتهت ولايته في 20 مايو الماضي، مرّة جديدة التخلي عن منصبه في مقابل انضمام أوكرانيا الى حلف «ناتو».

وفي الولايات المتحدة، أعربت شخصيات أخرى بينها عدد قليل جداً من النواب الجمهوريون عن استيائهم للدعوات إلى استقالة زيلينسكي. وقال السيناتور الجمهوري جيمس لانكفورد: «بصراحة، سيؤدي ذلك إلى إغراق أوكرانيا في حال من الفوضى».

وفي استطلاع للرأي أجرته محطة «سي بي إس»، أمس الأول، أيد 52 بالمئة من الأميركيين دعم أوكرانيا في مقابل 4 بالمئة لروسيا، فيما بقي 44 بالمئة على الحياد.

هدنة الشهر

إلى ذلك، قال وزير الدولة للقوات المسلحة البريطانية، لوك بولارد، إن فرنسا وبريطانيا لم تتفقا على اقتراح هدنة جزئية في أوكرانيا الذي تحدّث عنه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون.

وفي وقت سابق من أمس، قال وزير الخارجية الفرنسي، جان نويل بارو، إن من شأن الهدنة إذا جرى قبولها، أن تتيح لأوكرانيا وحلفائها تحديد ما إذا كان بوتين يتصرف بحسن نية ومدى استعداده لبدء مفاوضات جادة بشأن اتفاق سلام طويل الأجل. وكان ماكرون قال، أمس الأول، إن الهدنة تشمل «الجو والبحر ومنشآت الطاقة ولا تشمل العمليات البرية».

وغداة قمة لندن التي جمعت زعماء 15 دولة أوروبية وكندا وتركيا، قال زيلينسكي، أمس، إنه يعمل مع حلفائه الأوروبيين على تحديد «مواقف مشتركة» لمحاولة إقناع ترامب بأخذ مصالحهم في الاعتبار بمواجهة روسيا. وقال: «سنحدد مواقفنا المشتركة، ما نريد تحقيقه وما هو غير قابل للتفاوض، وستُعرض هذه المواقف على شركائنا الأميركيين»، مشدداً على أن الأولوية تتمثل في «سلام متين ودائم واتفاق جيد بشأن إنهاء الحرب».

وكرر استعداده لتوقيع الاتفاقية المتعلقة بالمعادن «إذا كان جميع الأطراف مستعدين»، مشدداً في الوقت نفسه على ضرورة «فهم بعض الخطوط الحُمر الأوكرانية».

وحاول حلفاء كييف في لندن توحيد صفوفهم، بعدما هزّهم التقارب بين واشنطن وموسكو. وتعهّدت القمة التي دعا إليها رئيس الوزراء البريطاني، كير ستارمر، بدعم كييف وتعزيز تسليحها في محاولة تبدو مستحيلة لتغطية الفراغ الاميركي.

وقال ستارمر إن «عدداً من الدول» قالت إنها تريد المشاركة في ائتلاف للنوايا للدفاع عن اتفاق السلام في المستقبل، مؤكداً أنه «على أوروبا أن تقوم بالجزء الأكبر من المهمة، لكن من أجل الدفاع عن السلام في قارتنا، وللنجاح في ذلك، يجب أن يحظى هذا الجهد بدعم قوي من الولايات المتحدة».

وقالت مفوضة الاتحاد الأوروبي أورسولا فون ديرلاين إنها تريد عرض خطة «لإعادة تسليح أوروبا» خلال القمة الخاصة للاتحاد الأوروبي المقررة في بروكسل بعد غد.

وباشرت واشنطن وموسكو المرتاحة جداً للتبدل الجذري في السياسة الأميركية، مباحثات الشهر الماضي في السعودية لإنهاء الحرب، من دون دعوة أوكرانيا والدول الأوروبية للمشاركة فيها. وتعليقاً على المخاوف التي أثارها هذا التقارب، قال ترامب الذي يرفض اعتبار بوتين مسؤولاً عن الحرب، عبر منصته للتواصل الاجتماعي «تروث سوشيال»، «علينا تمضية وقت أقل ونحن نشعر بالقلق من بوتين، وأن نمضي المزيد من الوقت في القلق من عصابات المهاجرين التي تضمّ مغتصبين وتجار مخدرات وقتلة، حتى لا نصبح مثل أوروبا».

back to top