لبنان لإيران: تعبنا من حروب الآخرين
• عون أكد لوفد طهران أن وحدة اللبنانيين أفضل مواجهة لأي خسارة أو عدوان
• الرئيس اللبناني: لا يحق لأي مجموعة إلحاق الضرر باستقلالنا السياسي والعسكري
• «حزب الله» يطوي صفحة نصرالله بتشييع ضخم... وخطاب قاسم يكرس «التراجع»
• إسرائيل تستفز المشيعين بطلعات جوية فوقهم بمقاتلات شاركت في الاغتيال
طوى لبنان رسمياً، أمس، صفحة الأمين العام السابق لـ «حزب الله» حسن نصرالله، الذي دفن في بيروت، في مراسم شارك فيها عشرات الآلاف من أنصاره، وذلك بعد نحو خمسة أشهر من مقتله بغارة إسرائيلية.
وفي وقت كرَّست مضامين كلمة الأمين العام الحالي للحزب نعيم قاسم، التي ألقاها عبر الفيديو، تراجع قوة الحزب وانحسار نفوذه بعد الحرب الأخيرة مع إسرائيل، خطفت الاهتمام تصريحاتٌ قوية ومعبّرة للرئيس اللبناني جوزيف عون، خلال استقباله وفداً إيرانياً رسمياً شارك في التشييع.
وقال عون المدعوم من المجتمع الدولي خلال استقباله رئيس البرلمان الإيراني محمد باقر قاليباف، ووزير الخارجية عباس عراقجي، ومسؤولين إيرانيين آخرين، بحضور وزير الخارجية اللبناني يوسف رجّي، في القصر الجمهوري ببعبدا، إن «لبنان تعب من حروب الآخرين»، في إشارة لا تخطئ إلى دعم إيران للحرب الأخيرة التي خاضها الحزب ضد إسرائيل تحت شعار «وحدة ساحات» المحور الإيراني الذي تقوده طهران من لبنان إلى غزة إلى اليمن والعراق.
وشدَّد عون على أن «وحدة اللبنانيين هي أفضل مواجهة لأي خسارة أو عدوان»، وأكد للوفد الإيراني: «نشارككم فيما أشار إليه الدستور الإيراني في مادته التاسعة التي تؤكد أن حرية البلاد واستقلالها ووحدة أراضيها وسلامتها هي أمور غير قابلة للتجزئة، كما تؤكد أن الحكومة وجميع أفراد الشعب يتحملون مسؤولية المحافظة عليها، ولا يحق لأي فرد أو مجموعة أو أي مسؤول أن يلحق أدنى ضرر بالاستقلال السياسي أو الثقافي أو الاقتصادي أو العسكري للبلاد، أو أن ينال من وحدة أراضي البلاد بحجة ممارسة الحرية».
ونوَّه عون، الذي يستعد بعد أيام للسفر إلى السعودية في أول زيارة خارجية له منذ انتخابه، «بما صدر عن قمة الرياض الأخيرة والتي شاركت فيها إيران، لا سيما تأكيد حل الدولتين بالنسبة إلى القضية الفلسطينية، وأن السلطة الفلسطينية هي الممثل الشرعي للفلسطينيين»، لافتاً إلى أن «لبنان دفع ثمناً كبيراً دفاعاً عن تلك القضية»، في وقت أعرب عن أمله الوصول إلى حل عادل لها.
وفي مدينة كميل شمعون الرياضية جنوب بيروت، شاركت حشود ضخمة في مراسم تشييع حاشدة أقيمت لنصرالله وخلفه هاشم صفي الدين الذي قُتل بعد أيام قليلة من توليه المنصب.
من ناحيته، دافع الأمين العام للحزب نعيم قاسم في كلمته عبر الفيديو عن قبول الحزب باتفاق وقف إطلاق النار، الذي يجبره على الانسحاب من جنوب الليطاني ويضع قيوداً دولية على إمداده من إيران بالسلاح والمال. وقال إن الحزب وافق «في ظل انعدام الأفق السياسي والميداني، ونحن اليوم في مرحلة جديدة تختلف أدواتها وأساليبها وكيفية التعاطي معها، ونحن قررنا أن تتحمل الدولة مسؤوليتها»، مقراً بـ «دور الجيش اللبناني بالدفاع عن السيادة».
في المقابل، شدَّد قاسم على أن «المقاومة لم تنته»، مضيفاً «إننا سنمارس العمل المقاوم بالأساليب والطرق والتوقيت انسجاماً مع المرحلة وقرار القيادة، ولا نقبل أن تتحكم أميركا ببلدنا».
وأكد «سنشارك في بناء الدولة القوية العادلة تحت سقف اتفاق الطائف، تحت 3 عناوين هي إقرار خطة الإنقاذ في أسرع وقت، تحرير الأرض وإطلاق الأسرى، وبناء ما تهدم، وبالنسبة لنا لبنان وطن نهائي لجميع أبنائه ونحن من أبنائه».
وكان لافتاً تجنب بري إلقاء كلمة أو تلاوة كلمة للمرشد الإيراني علي خامنئي. وبدلاً من ذلك، نظم تشييع رمزي لنصرالله في بغداد، تلا خلاله ممثل خامنئي في العراق كلمة تعهد فيها بمواصلة «مقاومة» إسرائيل، مضيفاً «على العدو أن يعلم أن مقاومة الاغتصاب والظلم والاستكبار لن تنتهي وستستمر حتى تحقيق غايتها النهائية».
واكتظت المدينة الرياضية والطرق المؤدية إليها منذ ساعات الصباح الباكر بعشرات الآلاف من مناصري الحزب الذين اتشحوا بالسواد، رافعين صور نصرالله ورايات الحزب الصفراء. وشقَّ نعشا نصرالله وصفي الدين، اللذين تم لفهما براية حزب الله وأحيطا بزهور حمراء وبيضاء، محمولين على شاحنة رفعت العلم اللبناني وراية حزب الله، طريقهما إلى أرض الملعب على وقع هتافات «لبيك يا نصرالله».
وتجمع عشرات آلاف آخرين في محيط المدينة الرياضية، قبل أن يسيروا خلف الشاحنة التي أقلت نعش نصرالله إلى مكان دفنه قرب طريق المطار، في وقت أحاط مقاتلون مقنعون من الحزب بالشاحنة حتى وصولها إلى مكان الدفن.
وشنت إسرائيل غارات عدة على جنوب البلاد وشرقها، في حين حلقت طائرات حربية إسرائيلية مرتين على علو منخفض فوق المشيعين، فيما وصفه وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس بأنه «توجيه رسالة واضحة: أي طرف يهدد بتدمير إسرائيل ويهاجمها سيلقى نهايته».
وقالت صحيفة «يديعوت أحرونوت» إن بعض الطائرات التي حلقت فوق بيروت شاركت في اغتيال نصرالله في 27 سبتمبر الماضي، في حين نشر الجيش الإسرائيلي صوراً جديدة لعملية الاغتيال، وقال الناطق باسمه إن لبنان اليوم بات أفضل بعد مقتل نصرالله.