نقطة: الجنسية مقابل الاستثمار

نشر في 21-02-2025
آخر تحديث 20-02-2025 | 20:35
 فهد البسام

عندما يكون المطور العقاري الذي لا يهتم إلا بالصفقات والأرباح والخسائر هو نفسه صاحب القرار والقوة، فسيكون من الطبيعي أن يتعامل مع البشر كما يتعامل مع قطع الأرض... تقييم، وتسعير، ثم بيع لمن يدفع أكثر، ولن يخطر على باله حينها أن من يتحدث عنهم ويريد التحكم في أراضيهم ومصائرهم ومستقبلهم ليسوا مجرد أرقام في ميزانية، بل هم بشر مثله لديهم حقوق ومشاعر وآمال وطموحات وأحلام وحياة يتمنون أن يعيشوها بسلام واستقرار، وبالتالي فإن الاقتراحات لا بد أن تأتي منه بهذا الشكل التسويقي الفج بتهجير أصحاب الأرض وتحويلها إلى "ريفيرا" تحتضن كازينوهات وشواطئ وملاعب غولف وفنادق سياحية تدرّ أرباحاً على ملّاكها الجدد.

هذا الاستسهال لفكرة التهجير والاقتلاع من الجذور وتكراره كما لو كان مجرد تعديل بسيط على مخطط عمراني لمنطقة نائية، ينمّ إما عن جهل بمعطيات الأرض والبشر والتاريخ، أو - وهو الأرجح - عدم جدية المشروع أساساً بحيث لا يعدو كونه مناورة لمرامٍ أخرى لم نعرفها إلى الآن، وبكل الحالات، فإن مثل هذه الاقتراحات الاستعراضية لن تفضي في النهاية إلا إلى المزيد من شعور أصحاب الحق بالظلم والاضطهاد وتزيد من صلابة تمسكهم بحقوقهم وأراضيهم.

لو كان السيد الرئيس ترامب جاداً فعلاً في مشروعه الاستثماري تحت إدارة حكومة دولته العظمى ومستثمريها كما أشار ويرى في ذلك حلاً لصراعات المنطقة المتكررة بعد فشل مشروع الأرض مقابل السلام، لكان الأسهل لمشروعه بدلاً من البحث عن طرف ثالث يتحمل مسؤولية استقبال سكان غزة، أن يعرض هو عليهم بالمقابل الجنسية الأميركية، لتتم معاملتهم مثل بورتويكو أو هونغ كونغ البريطانية سابقاً، ثم يحولها إلى ريفيرا بعد ذلك بمعرفته، ويستفيد بعدها من الأيدي العاملة لإنجاح مشروعه المزعوم مع إبقائهم في أراضيهم، وهو الحد الأدنى الطبيعي، وعندها فقط قد نعرف مدى جدية كلا الطرفين في تمسكهم بمواقفهم ومشاريعهم.

back to top