القات في اليمن... بين ارتفاع وهبوط بحسب المناخ والمزاج

نشر في 21-02-2025
آخر تحديث 20-02-2025 | 18:33
 محمد علي ثامر

يُعدّ المناخ والمزاج عنصرَي ارتفاع أسعار القات في اليمن وهبوطها، فمثلاً شهدت أسواقه تقلبات كبيرة في الأسعار، ما بين ارتفاع متعمّد، ومن ثم انخفاض متدهور، ولعل ذلك يعود إلى أسباب عدة، أبرزها تقلّبات العوامل المناخية، ففي فصل الشتاء عادة ما ترتفع أسعار القات، أو تعد السبب الرئيسي لهذا الارتفاع، نظراً لكونه يتعرّض لموجات الصقيع (الضريب) التي تتلف أشجاره كلياً أو جزئياً، وتحديداً في المناطق الجبلية - مناطق زراعته بشكل أساسي - مما يؤدي إلى تقليل المعروض منه في الأسواق، كما أن هذا الارتفاع يعود أيضاً إلى تكاليف الأسمدة والمبيدات المستوردة من الخارج، وارتفاع أسعار الوقود المتزايدة بين عام وآخر، وتكاليف نقله إلى المحافظات البعيدة من مناطق زراعته، كما أن الضرائب التي تُجنى من وراء زراعته وتجارته تُعدّ عنصراً إضافياً لارتفاع أسعاره... وفي المجمل، فقد وصل سعر الربطة الواحدة في العاصمة صنعاء إلى نحو 50 ألف ريال يمني، (أي نحو 100 دولار)، بينما في المناطق الأخرى، وتحديداً عدن، فقد بلغت أسعاراً قياسية أو خيالية وجنونية لنفس الربطة، أو التي ربما تكبرها نوعاً ما.

أما في فصول السنة الأخرى، وعلى رأسها فصل الصيف، فنجد أسعاره في معدلات انخفاض، وذلك بسبب زيادة إنتاجه، حيث يكون العرض أكثر من الطلب بمرّات كثيرة، ومنافسة التجار في بعض الأسواق، فهذا الفصل يُعد عاملاً كبيراً في سرعة إنتاج القات، نتيجة لاحتياج أشجاره إلى طقس متوسط الحرارة، وتحسُّن ظروفه المناخية، وإلى الأمطار التي تنزل في الصيف عادة، وأحياناً تصل أسعاره إلى نحو 100 ريال (0.18) دولار فقط للربطة الواحدة.

أما عامل المزاج، فيعود إلى أن القات يظلّ سلعة أساسية لنحو 70 بالمئة من الرجال في اليمن، الذين عادة ما يجتهدون في شرائه، وتحديداً الميسورين منهم، الذين يدفعون مبالغ كبيرة في أوقات ارتفاع أسعاره أو انخفاضها، نظراً لعدة عناصر يطلبونها، كالجودة، والنوعية، ومنطقة زراعته.

أما عامة الناس، فتجدهم يقبلون على شرائه عندما تكون أسعاره منخفضة ومعروضاته أكثر، أما في حالة ارتفاع أسعاره فإنك ترى عزوفاً كبيراً منهم على الشراء، نظراً لضعف قدراتهم الشرائية، بسبب انخفاض مدخولاتهم وانعدام الرواتب، وتحديداً في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون، ودخل الفرد اليمني بشكل عام لا يتجاوز بضعة دولارات فقط في اليوم.

وفي المجمل، تتفاعل العوامل المناخية والقدرة الاقتصادية وحجم القوة البشرية المتداولة له، وتعمل على تشكيل أسعار القات بين الارتفاع والانخفاض، وهذا ما ذهبت إليه العديد من الدراسات الدولية، لكونه المحصول الأكثر ربحية في اليمن، فقد تجاوز البن والقمح والمحاصيل النقدية الأخرى بكثير، حيث تصل قيمة تداوله اليومي إلى 20 مليون دولار، ويعتمد عليه آلاف المزارعين والتجار كمصدر دخل رئيسي، وخاصة مع ارتفاع نسبة البطالة إلى 60 بالمئة بين السكان، كما أنه يستحوذ على 35 بالمئة من دخل الأسر اليمنية التي ترغب بشرائه، مما يؤثر على تلبية الاحتياجات الأساسية، مثل الغذاء والتعليم، ويقلل الإنتاجية، ويعمّق معدلات الفقر المتزايدة في اليمن.

* صحافي من اليمن

back to top