إيران ترغب في طابع آسيوي للسياسة العالمية

نشر في 25-12-2022
آخر تحديث 24-12-2022 | 19:25
 إيست آسيا فوروم في زمن الصعود الصيني الواضح وزيادة العدائية الروسية، بدأت معالم النظام العالمي الجديد في حقبة ما بعد الهيمنة الغربية تتّضح في السياسة الدولية، ونشأت منظمة شنغهاي للتعاون في الأصل لإضفاء طابع آسيوي على النظام العالمي التعددي الجديد. وفي محاولة لإضعاف النفوذ العالمي الأميركي، تسعى الصين وروسيا إلى تكثيف التعاون والتحالفات مع قوى إقليمية بارزة، وفي غضون ذلك، أصبحت إيران عضواً دائماً في منظمة شنغهاي للتعاون.

اعتُبِر تحوّل إيران إلى قوة إقليمية في الشرق الأوسط (بدأ هذا الهدف يتحقق منذ عام 2003) تهديداً على جيرانها والمصالح الاستراتيجية الأميركية في المنطقة، كذلك، تزامنت سياسات طهران التوسعية مع زيادة قوتها العسكرية والنووية سريعاً، ومن الواضح أن قادة البلد ينوون استرجاع مكانة إيران كقوة إقليمية أساسية.

يسمح الانضمام إلى منظمة شنغهاي للتعاون بتوسيع تجارة إيران، وزيادة تدفق الاستثمارات إلى البلد، وتحفيز النمو في قطاع السياحة، واستعمال خيار بديل عن نظام «سويفت»، ودعم معركة الدولة ضد الإرهاب وتمكين طهران من التصدي للجماعات الانفصالية في البلد، كذلك، من المتوقع أن ينتج توسّع النطاق الجغرافي والديموغرافي لمنظمة شنغهاي للتعاون فرصاً غير مسبوقة لتجار النفط والغاز الإيرانيين، علماً أن شريحة واسعة من كبار منتجي ومستهلكي الطاقة في العالم تنتسب إلى هذه المنظمة.

على صعيد آخر، يُسهّل انضمام إيران إلى منظمة شنغهاي للتعاون توسيع البصمة الاقتصادية والسياسية الصينية في الشرق الأوسط، وتزامناً مع تراجع القوة الأميركية في هذه المنطقة، من المتوقع أن يسهم انتساب إيران إلى منظمة تخدم المصالح الصينية في زيادة الفرص التي تفيد الصين وتساعدها على توسيع نفوذها الإقليمي، كذلك تعطي الاستفادة من احتياطيات النفط والغاز الإيرانية منفعة مهمة أخرى للصين التي تسعى إلى تنويع مصادر طاقتها، وفي الوقت نفسه، تسمح عضوية إيران في منظمة شنغهاي للتعاون بوصول الصين إلى الخليج العربي المهم استراتيجياً: إنه عنصر جغرافي أساسي من «مبادرة الحزام والطريق».



من وجهة نظر روسيا، قد تتحول إيران إلى أداة للتصدي لقوة حلف الناتو عبر المشاركة في الصراعات على النفوذ الجيوسياسي في هذه المنطقة وأماكن أخرى، وقد تتمكن طهران من تأدية دور حاسم لإضعاف المصالح الأميركية في الشرق الأوسط، لا سيما في البلدان التي تملك فيها طهران نفوذاً كبيراً، ومثلما جرّت طهران موسكو إلى الحرب في سورية، بدأت روسيا تجرّها الآن إلى مستنقع الحرب الأوكرانية عبر استعمال طائرات مسيّرة إيرانية الصنع.

أخيراً، تربط عضوية إيران في منظمة شنغهاي للتعاون طهران بقوتَين عالميتَين طموحتَين، وهما تشاركان النظام الإيراني امتعاضه من الهيمنة الأميركية، ومن المتوقع أن تُرسّخ هذه العضوية مصالح إيران الجيوسياسية في الشرق الأوسط، فتزيد قدرة طهران على إضعاف النفوذ الأميركي في المنطقة، وقد تستفيد إيران أيضاً من انتسابها إلى منظمات إقليمية أخرى، مثل منتدى التفاعل وتدابير بناء الثقة في آسيا والمنتدى الاقتصادي لدول بحر قزوين، لتحقيق أهدافها السياسية والاقتصادية.

عند تقييم احتمال استعمال منظمة شنغهاي للتعاون ككتلة معادية للغرب وحلف الناتو وأداة تسمح للقوى الآسيوية الناشئة بتخريب النظام الأميركي القديم واستبداله، يُفترض ألا يشكك أحد بهذا الواقع بعد جعل إيران عضواً دائماً في المنظمة، هذه الخطوة تمنح طهران الوسائل اللازمة لإنقاذ اقتصادها، وتوسيع نفوذها السياسي، وترسيخ أمنها.

تعني مساعي إضفاء طابع آسيوي على النظام العالمي المُجرّد من المظاهر الغربية، وعدائية إيران القوية والعقائدية تجاه الغرب، واستمرار أهميتها الجيوستراتيجية، أن طهران تستطيع الاضطلاع بدورٍ محوري في عملية نقل السلطة إلى الشرق إذا تابعت الاستفادة من دعم روسيا والصين.

* عالم صالح

back to top