ترامب يلوم أوكرانيا على الحرب وموسكو تشيد
• زيلينسكي: الرئيس الأميركي يعيش في فضاء التضليل الروسي
ذهب الرئيس الأميركي دونالد ترامب بعيدا في تحويل سياسة أميركا الخاصة بالحرب الروسية في أوكرانيا، إذ وجه اللوم الى كييف بالتسبب في غزوها من جانب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، من خلال التحركات للانضمام الى حلف الناتو، الأمر الذي أشاد به وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف متفاخراً أمام المشرعين في مجلس الدوما الروسي أمس بالقول: «إنه أول قائد غربي حتى الآن، وفي رأيي، القائد الغربي الوحيد الذي قال في العلن وبصوت عالٍ إن أحد الأسباب العميقة للوضع الأوكراني كان موقف الإدارة الأميركية السابقة، وإصرارها على جر أوكرانيا إلى الناتو».
وكان ترامب هاجم بقسوة الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في معرض تأكيده أن اللقاء الأول من نوعه بين مسؤولين أميركيين وروس على مستوى رفيع، والذي عقد أمس الأول في السعودية، كان ناجحاً، رغم أن بعض المحللين اعتبروا نتائجه متواضعة، خصوصا لناحية الفشل في تحديد موعد لقمة بين ترامب والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ويُظهر الرئيس الأميركي أنه يرغب فيها بشدة وربما بأي ثمن.
وفي رده على الهواجس التي عبرت عنها أوكرانيا بشأن استبعادها من المباحثات، قال ترامب أمس الأول: «اليوم سمعت عبارة أُف، لم تتم دعوتنا. حسنا، لقد كنتم هناك لمدة ثلاث سنوات، كان يتعين عليكم إنهاؤها (الحرب)، كان يتعين عليكم ألا تبدأوها أبدا. كان بإمكانكم عقد اتفاق»، مضيفا ان شعبية فلوديمير زيلينسكي بلغت%4، مكرراً اتهامات للرئيس الأوكراني باختلاس مساعدات وبعدم إجراء انتخابات.
وزيلينسكي، الذي يبدو أنه حصل أمس الأول خلال زيارة لتركيا على بعض الدعم من حليفه القديم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الذي ساهمت مسيراته في صد الغزو الروسي فبراير 2022، وقد استضاف أول محادثات مبكرة بين البلدين لوقف الحرب في بدايتها، قال أمس في تعليق على تصريحات ترامب بمؤتمر صحافي في كييف: «لقد رأينا هذه المعلومات المضللة. نفهم أنها تأتي من روسيا»، وأضاف: «ترامب يعيش في فضاء التضليل الإعلامي».
في المقابل، جدد زيلينسكي رغبته في الحصول على «ضمانات أمنية» من قبل حلفائه الغربيين تتيح «إنهاء» الحرب مع روسيا خلال السنة الجارية، وقال: «نريد ضمانات أمنية هذه السنة، لأننا نريد إنهاء الحرب هذه السنة».
الحكومة الفرنسية: لا نفهم المنطق من التعليقات المتباينة وغير المفهومة التي يدلي بها ترامب
وتعليقاً على تصريحات ترامب، قالت متحدثة باسم الحكومة الفرنسية صوفي بريما «لا نفهم المنطق جيدا من التعليقات المتنوعة والمتباينة وغير المفهومة في كثير من الأحيان التي يدلي بها الرئيس ترامب».
وكان وزير الخارجية الأميركي، ماركو روبيو، أكد أمس للحلفاء الأوروبيين أن الولايات المتحدة ستبقي على العقوبات المفروضة على روسيا، على الأقل حتى يتم التوصل إلى اتفاق لإنهاء الصراع القائم في أوكرانيا.
وأعلن روبيو، أمس الأول، أنه لابد ان يشارك الأوروبيون في مرحلة ما في محادثات السلام حول أوكرانيا، مناقضا بذلك تصريحات لمسؤولين آخرين في إدارة ترامب قالوا إنه لا داعي لمشاركة الأوروبيين في تناغم مستغرب مع موقف موسكو.
وتزامن ذلك مع وصول مبعوث ترامب الخاص بالحرب الأوكرانية كيث كيلوغ، وهو أيضا متشكك في دعم أوكرانيا، إلى كييف للمرة الأولى. وقال كيلوغ لدى وصوله إلى كييف: «نتفهم الحاجة إلى ضمانات أمنية. نحن واضحون جدا بشأن أهمية ذلك في إطار سيادة» أوكرانيا.
ونقلت وسائل إعلام تركية عن الرئيس الأوكراني القول إن الاقتراح الأميركي بشأن صفقة معادن مهمة غير منصف، لأنه لا يشمل ضمانات أمنية، مشيرا إلى أنه لا يريد أن تصبح أوكرانيا مركزا للمواد الخام لأي قارة وانه لن يبيع بلده.
وأرسلت كييف الأسبوع الماضي إلى واشنطن مسودة منقحة لاتفاق من شأنه أن يفتح موارد أوكرانيا الضخمة من المعادن الحيوية أمام الاستثمار الأميركي، من أجل المساعدة في كسب دعم الولايات المتحدة، وسط مخاوف في كييف إزاء المسودة التي قدمتها واشنطن قبل ذلك.
وتحدث ترامب عن صفقة غامضة يريد من خلالها الحصول على معادن أرضية نادرة بقيمة 500 مليار دولار من كييف دون أن يحدد ما هو المقابل. وفي أحد التصريحات ألمح إلى أن ذلك بمنزلة تسديد أوكرانيا للمساعدات التي منحتها إياها إدارة الرئيس السابق جو بايدن، وليس مقابل مساعدات جديدة أو الاستمرار في الدعم.
وفي موسكو أشاد المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف، أمس، بمحادثات الرياض وما نتج عنها من خطوات مهمة وحاسمة نحو تسوية سلمية للصراع في أوكرانيا، واضعا الكرة في ملعب زيلينسكي، ولفت إلى أن الكرملين لا يستبعد إمكانية عقد محادثات بين بوتين وترامب قبل نهاية الشهر الجاري، معتبرا أن التعاون المشترك بين الدولتين «ما زال في مراحله الأولى».
وبعد حديث عن خلافات أوروبية حول كيفية تحرك دول الاتحاد لسد الفراغ الذي يحدثه ترامب، قال وزير الدفاع الألماني بوريس بستوريوس أمس إن حكومة بلاده «لا تستبعد» مشاركة الجيش في مهمة سلام محتملة بأوكرانيا بعد انتهاء الحرب.
وكان رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر سارع في الإعلان عن استعداد بلاده للمشاركة في مثل هذه المهمة وكذلك السويد وفرنسا. ومن الرياض، عبر لافروفامس عن رفض موسكو المطلق لهذه الفكرة، معتبرا أنها مجرد غطاء لانتشار حلف الناتو إلى أوكرانيا. وقال ترامب أمس الأول إنه لن يعارض نشر قوات حفظ سلام أوروبية بأوكرانيا، ومع ذلك أشار إلى أن الولايات المتحدة لن تشارك في هذه القوات، مبرراً ذلك بقوله: «لأننا بعيدون جدا».
ألمانيا لا تستبعد المشاركة في مهمة سلام بأوكرانيا وأوروبا تفرض حزمة عقوبات على موسكو
وفي خطوة رمزية في توقيتها، أيدت دول الاتحاد الأوروبي حزمة العقوبات السادسة عشرة على روسيا، قبل أيام من الذكرى الثالثة للغزو الروسي الشامل لأوكرانيا، طبقا لما ذكرته الرئاسة البولندية للاتحاد الأوروبي.
وتستهدف الإجراءات العقابية الجديدة قائدي ومالكي السفن التابعة لما يسمى بأسطول الظل الروسي، وهو شبكة من السفن ذات الملكية غير الواضحة، وبعضها حتى غير مؤمن عليها، ويتم استخدام هذه السفن للالتفاف على سقف الأسعار الذي فرضه الغرب على صادرات النفط الروسية إلى دول ثالثة أو لنقل الحبوب المسروقة من أوكرانيا.