المملكة المثال الذي يجب أن يحتذى

نشر في 19-02-2025
آخر تحديث 18-02-2025 | 19:21
 عبداللطيف الدعيج

اللقاء أو القمة المتوقع عقدها بين الرئيسين الأميركي والروسي في المملكة العربية السعودية، حدث عالمي لاشك أنه سيغير كثيراً في العالم وفي العلاقات بين قطبي العالم.

اختيار المملكة العربية السعودية مكاناً للقاء ربما يكون اختياراً عشوائياً أو صدفة لا أكثر ولا أقل. فاجتماع الرئيسين لابد أن يحدث ولابد لحدوثه من مكان يضمه. ربما الأمر كذلك... ولكننا لا نعتقد أن اللقاء كان من الممكن أن يكون في المملكة قبل سنوات... أو حتى أن يفكر أحد في احتماله. فالسعودية قبل عهد الملك سلمان وولي عهده الأمير محمد بن سلمان كانت من الدول المنسية، وممن لا يحظى بتأثير أو تقدير دولي مميز، رغم أنها في ذلك الوقت كانت تجتهد للتأثير في الدول وفي التدخل بالشؤون الداخلية لبعضها، من خلال التنظيمات والحركات الإسلامية التي كانت مرتبطة بالنظام السعودي في ذلك الوقت. وقد تدخلت هذه التنظيمات وأحدثت شروخاً كبيرة في المناطق التي تقصدتها، لكن مع كل هذا بقيت السعودية بلا تأثير أو حجم دولي حقيقي كما هو الحال هذه الأيام.

اليوم يختلف الوضع، فالمملكة التي كانت دولة ومنطقة عزلت نفسها عن العالم، وعزلت العالم عنها، هي اليوم دولة ومنطقة منفتحة اقتصادياً واجتماعياً وثقافياً على كل العالم، وتتعامل معاملة الند للند مع كل مَن يمد يده لها بلا تفضيل أو تقصير.

انفتاح السعودية داخلياً عكس نفسه على وضعها الخارجي، فاكتسبت دورها ومكانتها الحقيقية كأكبر الدول العربية وأكبر مصدر للنفط وأكبر المستثمرين العالميين، واستحقت مكانها الحالي المميز بجدارة.

نحن في الكويت... كنا سابقاً وفيما مضى من أعوام وقبل الردة الرجعية، الدينية والقبلية، كنا منفتحين رغم ضآلة الحجم الجغرافي محط أنظار العالم، وكان صوتنا يسمع حين لا نتكلم، ومقاصدنا تتبع حين لا نتحرك. كان العالم المحيط ينظر لنا باحترام وتقدير، وكنا نؤثر ونتأثر أيضاً بلا قيود أو شروط غير الاحترام المتبادل والمنفعة المزدوجة.

اليوم نحن منسيون، من قبل العالم ومن قبل أنفسنا، بالكاد نحس نحن أو يحس بنا أحد. الانغلاق الداخلي أدى إلى انغلاق خارجي... وتضاءل نمونا الاقتصادي والثقافي مما أدى إلى تضاؤل حجمنا الدولي... أصبحنا منسيين بعدما كنا فاعلين، وتبعاً بعدما كنا في الصدارة... والمشكلة أننا لا نزال نتضاءل.

back to top