قمتان في السعودية تعيدان تشكيل المشهد الدولي

• الاجتماع الأميركي ــ الروسي في المملكة يمهد لإنهاء حرب أوكرانيا
• دول «التعاون الخليجي» تنضم إلى خماسي الرياض لصياغة الخطة العربية لغزة

نشر في 18-02-2025
آخر تحديث 17-02-2025 | 20:42

تتجه الأنظار إلى السعودية التي تستضيف اليوم واحداً من أهم اللقاءات الدولية في السنوات القليلة الماضية، والذي سيجمع بين وفدين أميركي وروسي، للتفاوض على إعادة تطبيع العلاقات بين البلدين، وبحث شروط التوصل إلى اتفاق حول إنهاء حرب أوكرانيا التي قد تنتهي بقمة تحتضنها المملكة كذلك بين الرئيسين الأميركي دونالد ترامب والروسي فلاديمير بوتين يتم خلالها توقيع صفقة دبلوماسية، قد تعيد تشكيل المشهد الاستراتيجي القائم في أوروبا منذ غزو روسيا لأوكرانيا في فبراير 2022.

وفي خطوة تُظهر الأهمية المتزايدة للمملكة على الصعيد الدولي سيجتمع اليوم في السعودية، وفد يضم وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو ومستشار الأمن القومي مايك والتز والمبعوث الخاص للرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف، مع وفد روسي يضم وزير الخارجية سيرغي لافروف، ويوري أوشاكوف المستشار الدبلوماسي للرئيس الروسي.

ورغم أن جدول أعمال الاجتماع لم يتضح بعدُ، فإن روبيو ذكر أن هدف اللقاء هو البحث عن فرصة لمحادثات أوسع «تشمل أوكرانيا وتتضمن إنهاء الحرب»، بينما أكد الكرملين أن الهدف منه «في المقام الأول» رأب الصدع في العلاقات الثنائية، وإعادة بناء العلاقات الروسية ــ الأميركية في كل المجالات، إضافة إلى «مفاوضات محتملة حول أوكرانيا»، والتحضير لقمة بين ترامب وبوتين، قال عنها الرئيس الأميركي أمس الأول، إنها قد تكون وشيكة جداً.

وقال الوزير لافروف قبل توجهه إلى الرياض، إن بوتين وترامب اتفقا في مكالمتهما الهاتفية الأسبوع الماضي «على ضرورة ترك العلاقات غير الطبيعية تماماً وراءهما»، وشدد على رفض موسكو لأي «تجميد للقتال في أوكرانيا»، واصفاً ذلك بأنه اقتراح خبيث.

ولم يكشف ترامب أو الجانب الأميركي عن أي خطة مفصلة حول أوكرانيا، وإذا ما كانت واشنطن ستكتفي بالموافقة على شروط بوتين لإنهاء الحرب، والتي تنص على احتفاظ روسيا بالأراضي الأوكرانية التي ضمتها، وتعهد بعدم انضمام أوكرانيا إلى حلف الناتو، وإعادة تنظيم الهيكلية الأمنية في القارة الأوروبية لإبعاد قوات «الناتو» عن المجال الحيوي الروسي.

في المقابل، قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أمس، إن كييف لم يتم إبلاغها بالمحادثات المرتقبة بين روسيا والولايات المتحدة، مضيفاً أن بلاده لن تعترف بأي اتفاق يتم التوصل إليه دون مشاركتها.

وزار زيلينسكي أمس الإمارات، ووقّع اتفاقية اقتصادية شاملة مع أبوظبي، كما سيزور اليوم تركيا، حيث يلتقي الرئيس رجب طيب أردوغان الذي لعب دوراً بارزاً في دعم كييف عسكرياً في بداية الغزو الروسي من خلال إمدادها بالمسيّرات التركية.

وأكد مصدر رسمي أن زيلينسكي سيزور السعودية غداً الأربعاء بعد انتهاء الاجتماع الأميركي ـ الروسي.

وفي تطابق غريب، اتفقت موسكو وواشنطن على استبعاد الدول الأوروبية من المفاوضات.

وعقد اجتماع أوروبي في باريس أمس بدعوة من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، لبحث كيفية دعم كييف حتى لا تأتي صفقة ترامب ــ بوتين على حسابها. وعبّرت عدة دول أوروبية، بينها فرنسا وبريطانيا والسويد وألمانيا وبولندا، عن استعدادها لإرسال قوات إلى أوكرانيا لضمان أي وقف لإطلاق النار والحفاظ على «سلام دائم».

وفي خطوة تُظهر مدى اتساع الشرخ على ضفتي الأطلسي، رفضت فرنسا أخيراً عودة روسيا إلى «مجموعة السبع»، في حين أصر ترامب على أن «بوتين سيحب العودة».

إلى ذلك، توسّعت القمة العربية الخماسية المقررة بين السعودية ومصر والأردن وقطر والإمارات إلى جانب الفلسطينيين (5 +1) في الرياض لمناقشة الرد على خطة ترامب بشأن غزة، لتشمل دول مجلس التعاون الخليجي الست، وأُرجئت إلى يوم الجمعة 21 الجاري، في حين أعلن الأمين المساعد لجامعة الدول العربية، حسام زكي، تأجيل موعد القمة العربية الطارئة المقرر عقدها بالقاهرة 27 الجاري إلى موعد آخر بسبب حرص مصر على حضور أكبر عدد منهم لضمان نجاحها.

وكشفت قناة «العربية» أمس عن بعض بنود الخطة العربية حول مستقبل غزة، مؤكدة أنه سيتم عرضها على واشنطن قبل نهاية الشهر الجاري.

وبينت أن أبرز البنود هي وقف النار في غزة مدة لا تقل عن 10 سنوات، وتشكيل لجنة انتقالية فلسطينية لإدارة القطاع برقابة دولية، وإنشاء لجنة من الدول المانحة تشرف على صرف أموال إعادة الإعمار.

ومن جانبه، قال أستاذ التاريخ المساعد في جامعة الكويت، الزميل غير المقيم في شاتام هاوس ومعهد دول الخليج العربية في واشنطن، بدر السيف، لـ «الجريدة» إن استضافة السعودية للاجتماع الأميركي- الروسي لها دلالات عديدة، مبيناً أن المملكة تجني ثمار سياستها الخارجية المتزنة وريادتها الدولية كفاعل سلام مؤثر، مما يعود عليها بالنفع.

وأضاف أن السياسة الخارجية للسعودية انعكاس لسياستها الداخلية الطموحة لمنطقة آمنة مترابطة من شأنها أن تساهم في تحقيق رؤية السعودية 2030، كما ينعكس دورها إيجابياً على المنطقة برمتها، معتبراً أن الزيارة فرصة للمملكة كي تخطو خطوات محددة تجاه «فكفكة» الملف الفلسطيني-الإسرائيلي، وهو أكثر تعقيداً، من خلال اللقاءات مع الأطراف الدولية، ولا سيما الإدارة الأميركية الجديدة.

وفي تفاصيل الخبر:

على وقع زحمة اجتماعات دولية شملت المحادثات الروسية - الأميركية، والسعودية - الأوكرانية، توسّعت القمة العربية الخماسية المقررة في الرياض لمناقشة الرد على خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب بشأن غزة، لتشمل دول مجلس التعاون الخليجي الست إلى جانب مصر والأردن، وأُرجئت يوماً واحداً عن موعدها.

وأفاد دبلوماسيان عربيان بأن «مؤتمر القمة العربية المصغر في الرياض تم تأجيله من الخميس إلى الجمعة 21 الجاري»، مشيرا إلى أنه «سيضم قادة دول مجلس التعاون الخليجي الـ 6 مع مصر والأردن لبحث البدائل العربية لخطط ترامب في قطاع غزة».

وكان من المقرر أن يجتمع قادة خمس دول عربية (السعودية ومصر والأردن والإمارات وقطر) إلى جانب الفلسطينيين (5 +1) في الرياض، للتوصل إلى ردّ على خطة ترامب بشأن غزة، قبل أيام من قمة عربية مرتقبة في القاهرة.

قمة القاهرة

من جانبه، أعلن الأمين المساعد لجامعة الدول العربية، حسام زكي، تأجيل موعد القمة العربية الطارئة المقرر عقدها بالقاهرة 27 الجاري إلى موعد آخر، لأسباب «لوجستية بحتة» تتعلق بارتباطات قادة الدول، وحرص مصر على حضور أكبر عدد منهم لضمان نجاحها.

وأكد زكي، ليل الأحد - الاثنين، أن قمة القاهرة تهدف إلى صياغة موقف عربي موحد وقوي رافض لمخطط تهجير الفلسطينيين الذي طرحه الاحتلال وتبنّته إدارة ترامب لاحقاً، مبيناً أن الطرح المصري سيكون محور النقاشات، ويتضمن مقترحات لإعادة إعمار غزة من خلال شعبها نفسه، بما يضمن توفير فرص عمل دون الحاجة إلى تهجيره.

ضغوط لبدء مفاوضات المرحلة الثانية من اتفاق غزة... وإصرار إسرائيلي على عرقلة البروتوكول الإنساني

وإذ أوضح زكي أن الجامعة العربية لم تدعُ لقمّة الرياض، أشار إلى أن مصر والأردن والسعودية والإمارات وقطر تواصل تنسيقها الوثيق منذ بدء الحرب في غزة من خلال اجتماعات دورية على مستوى وزراء الخارجية والأجهزة المعنية.

وقال إن الموقف العربي تجاه خطة ترامب غزة سيتبلور بشكل كامل عند بدء الحوار الرسمي مع الجانب الأميركي على أساس احترام إرادة الشعب الفلسطيني وحقه في تقرير مصيره.

وقالت مصادر إن الرابع من مارس المقبل، يبدو هو التاريخ المحتمل لعقد القمة، موضحةً أن هذا التأجيل مرتبط بثلاثة عوامل، أولها إتاحة مزيد من الوقت لصياغة تصوّر عربي بشأن ملف غزة ومستقبلها وخطة إعادة الإعمار، وثانيها إقناع كل القادة العرب بالمشاركة في القمة بعد تردّد البعض في الحضور، إضافة إلى محاولة الحصول على تفاهمات مع الأطراف الفلسطينية الأساسية حول مستقبل غزة.

روبيو ونتنياهو

ومع وصول وزير الخارجية الأميركي، ماركو روبيو، إلى السعودية، لطرح خطة ترامب للسيطرة على غزة، واصل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو التصعيد، مؤكداً أن اليوم التالي في غزة سيكون بلا حركة حماس أو السلطة الفلسطينية.

وبعد مثوله للمحاكمة لعاشر مرة، بتهمة الفساد، شدد نتنياهو على أنه ملتزم بخطة ترامب للسيطرة على غزة، معتبراً أنها «جاءت في الوقت المناسب».

وقبل ساعات، اعتبر نتنياهو أن «خطة ترامب هي الوحيدة القابلة للنجاح، ويجب منح سكانها خيار المغادرة إذا أرادوا»، مؤكداً أن إسرائيل أمام فرصة لتغيير تاريخي يضمن مستقبلها.

وغداة محادثاته مع روبيو، ترأس نتنياهو اجتماع مجلس الوزراء المصغر (الكابينيت) لمناقشة المرحلة الثانية من اتفاق غزة، وأرسل مفاوضين إلى القاهرة لبحث مواصلة تنفيذ المرحلة الأولى، التي تتضمن إطلاق 33 إسرائيلياً منهم 8 جثث، والإفراج عن 1900 أسير فلسطيني.

واتهم مسؤول أمني إسرائيلي «نتنياهو بالعمل على تعطيل المرحلة الثانية لتحقيق أهداف سياسية على حساب حياة الرهائن».

غزة والضفة

ولليوم الـ 30، واصل نتنياهو عرقلة تنفيذ البروتوكول الإنساني، برفضه إدخال المنازل المتنقلة والمعدات الثقيلة رغم انتظارها على الجانب المصري من معبر رفح، وسط تفاقم المعاناة بالمستشفيات بسبب النقض الشديد في الأدوية والأوكسجين.

في الأثناء، أظهرت وثيقة أن الاتحاد الأوروبي يعتزم إبلاغ إسرائيل الأسبوع المقبل بأنه يجب ضمان عودة لائقة للفلسطينيين الذين نزحوا من منازلهم في غزة، وأنه سيسهم في إعادة بناء القطاع المهدم.

وفي الضفة، دفع الاحتلال، أمس، بتعزيزات جديدة إلى جنين، التي تتعرض لعدوان واجتياح منذ 28 يوماً، ودمّر أكثر من 470 منزلا ومنشأة، بشكل كلي أو جزئي في مخيمها.

وبينما واصل تجريف وتدمير المنشآت المدنية والبنية التحتية في طولكرم لليوم الـ 22، ضاعف الاحتلال الاجتياح والاعتقالات في محافظات الخليل ورام الله، واقتحم البلدة القديمة من مدينة نابلس شمال الضفة.

back to top