امتداد انخفاض الإنفاق الرأسمالي منذ 4 أعوام في الميزانية القادمة

• «الوطني»: ضبط النفقات وتيرته متواضعة في ظل التزام الحكومة بسقف مصروفات معلن مسبقاً

نشر في 17-02-2025
آخر تحديث 17-02-2025 | 19:11
No Image Caption

أقرت الحكومة مؤخراً مسودة موازنة السنة المالية 2025/ 2026، والتي تتوقع وصول مستوى العجز إلى 6.3 مليارات دينار (ما يعادل 13 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي) مقابل 5.6 مليارات دينار، وفقاً لموازنة السنة المالية 2024/ 2025. وعلى الرغم من بقاء النفقات الجارية عند مستويات قريبة من الموازنة السابقة، فإن إجمالي النفقات لايزال مرتفعاً، مما يؤكد الحاجة الملحة لتطبيق إصلاحات هيكلية تضمن استدامة المالية العامة على المدى الطويل.

من جهة أخرى، تشير التوقعات إلى انخفاض الإيرادات النفطية نتيجة افتراض تراجع أسعار النفط بما يفوق تأثير النمو المتوقع للإيرادات غير النفطية. ومن المنتظر أن يكون عام 2025 محطة مفصلية للمالية العامة، إذ تستعد الحكومة لتنفيذ عدد من الإجراءات الرامية إلى تعزيز السيولة، وزيادة الإيرادات غير النفطية، وترشيد الإنفاق. في هذا السياق، تعتبر الموازنة الحالية بمثابة خطوة تمهيدية قبل إجراء تعديلات مالية أكثر عمقاً في المستقبل.

وقال تقرير لبنك الكويت الوطني: وفقاً لموازنة السنة المالية 2025/ 2026، تبلغ النفقات 24.5 مليار دينار، بانخفاض هامشي نسبته 0.1 في المئة مقارنة بالموازنة السابقة، مما يعكس ضبط النفقات بوتيرة متواضعة، في ظل التزام الحكومة بسقف المصروفات المعلن مسبقاً.

وتظهر تفاصيل الموازنة زيادة بنسبة 1.6 في المئة في بند مكافآت الموظفين، يقابلها تراجع في مخصصات الدعوم (-2.2 في المئة)، والمصروفات الأخرى (-3.7 في المئة)، والنفقات الرأسمالية (-1.7 في المئة). ويمثل الانخفاض في الإنفاق الرأسمالي امتداداً للاتجاه الهبوطي المستمر على مدار 4 أعوام، رغم الحاجة الماسة لدفع عجلة تطوير البنية التحتية بما يتسق مع رؤية الكويت 2035. وفي ظل هذا التوجه، لاتزال التحديات الهيكلية قائمة، إذ تستحوذ النفقات المتعلقة بالأجور والإعانات على نحو 80 في المئة من إجمالي المصروفات، بينما تواصل حصة النفقات الرأسمالية تراجعها (9.1 في المئة)، مما يعكس تباطؤ وتيرة الاستثمار في المشاريع التنموية. وقد تكون لقيود السيولة دور محتمل في الحد من الإنفاق الرأسمالي خلال السنوات الأخيرة.



وأضاف «الوطني»: على صعيد الإيرادات، تتوقع موازنة السنة المالية 2025/2026 انخفاض الإيرادات النفطية إلى 15.3 مليار دينار (-5.7 في المئة على أساس سنوي) نتيجة افتراض سعر نفط أقل يصل إلى 68 دولار للبرميل مقابل 70 دولار، وفقاً للميزانية السابقة، إلى جانب الانخفاض الهامشي لإنتاج النفط إلى 2.50 مليون برميل يومياً مقابل 2.55 مليون برميل يومياً (برجاء الرجوع إلى الجدول رقم 1). في المقابل، من المتوقع أن تحقق الإيرادات غير النفطية نمواً بنسبة 9 في المئة على أساس سنوي، لتصل إلى المستوى القياسي 2.9 مليار دينار، بدعم من اتباع تدابير جديدة لتعزيز الإيرادات الحكومية، حيث شهد يناير 2024، فرض ضريبة دخل جديدة على الشركات الكبرى متعددة الجنسيات بحد أدنى 15 في المئة، بما يتسق مع مبادرة منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، لترتفع بذلك الإيرادات الضريبية إلى 250 مليون دينار، مقابل 160 مليونا في ميزانية 2024/2025، وفقاً لتقديرات وزارة المالية. كما تشمل تدابير الإصلاح المالي استحداث قانون مرور جديد، يتضمن تطبيق عقوبات أكثر صرامة على المخالفات المرورية، ومن المتوقع أن يدخل حيز التنفيذ في أبريل المقبل. بالإضافة إلى ذلك، سيتيح قانون جديد للوزارات إعادة تسعير رسوم الخدمات الحكومية، بعد موافقة مجلس الوزراء، ليشمل إيجارات الممتلكات، ورسوم الخدمات الإدارية والقضائية والصحية والحكومية.

الدين الجديد

وبيّن «الوطني» أن قانون الدين العام الجديد يقترب من مراحله النهائية، إذ من المتوقع إقراره قريباً، مما سيمهد الطريق أمام عودة دخول الحكومة إلى سوق السندات للمرة الأولى منذ انتهاء العمل بالقانون السابق في عام 2017.

وحسب المصادر الإعلامية من المنتظر أن يسمح القانون الجديد بطرح إصدارات أدوات دين تصل قيمتها 30 إلى 20- مليار دينارعلى مدى 50 عاماً، مستفيداً من انخفاض مستويات الدين العام للكويت (لا تتجاوز قيمة الديون مستحقة السداد 1.4 مليار دينار)، هذا إلى جانب تكاليف خدمة الدين المنخفضة مقارنة بدول المنطقة. كما يتوقع أن يتبع هذا القانون إصدار تشريع آخر ينظم آليات السحب من صندوق الأجيال القادمة، صندوق الثروة السيادي الكويتي، والذي تجاوزت أصوله المدارة تريليون دولار وفقاً لتقرير حديث من معهد الصندوق السيادي (SWFI).

وتأتي هذه الإصلاحات في إطار تعزيز السيولة المالية للدولة، ما سيوفر حيزاً مالياً أوسع لتمويل العجز وزيادة النفقات الرأسمالية في الميزانيات المقبلة، خصوصاً في ظل الضغوط المستمرة على خزينة الدولة، باعتبارها المصدر الوحيد لتمويل العجز خلال السنوات الأخيرة.

وأشار «الوطني» إلى انه في ظل الزيادة الهامشية لأجور الموظفين، واستقرار معدلات النفقات الجارية دون تغيير يذكر، يظل الزخم الداعم لنمو الاستهلاك الخاص محدوداً. في المقابل، يعكس التراجع الهامشي لمخصصات الإنفاق الرأسمالي تراجع الدعم الموجه للاستثمار، وذلك على الرغم من إمكانية ارتفاع الإنفاق الفعلي، خصوصا في ظل الفجوة المستمرة بين المخصصات المدرجة في الميزانية ومعدلات الانفاق الفعلية خلال السنوات الماضية. وبصفة عامة، لن تحمل هذه الميزانية طابعاً توسعياً إلا إذا تزامنت مع زيادة وتيرة تنفيذ المشاريع الرأسمالية. وعلى الرغم من ذلك، فإن ضبط النفقات، إلى جانب استحداث مصادر جديدة للدخل، حتى لو كانت متواضعة، قد يشير إلى بداية مرحلة من التعديلات المالية الأكثر تأثيراً في المستقبل.

ويبدو أن وتيرة الإصلاحات التشريعية قد تسارعت هذا العام، مما يمهد الطريق لحزمة من التعديلات المالية والاقتصادية بانتظار الموافقة النهائية من مجلس الوزراء. وتشمل هذه الإصلاحات إعادة هيكلة ودمج الوحدات الحكومية، وتحديث قانوني الخصخصة والشراكة بين القطاعين العام والخاص، بالإضافة إلى قانون الرهن العقاري. كما يتوقع أن يحمل قانون إعادة تسعير الخدمات تأثيرات مالية واسعة النطاق، خصوصا في ظل امكانية الإلغاء التدريجي لدعوم الطاقة والمياه، والتي تعد من أبرز بنود النفقات، على غرار التجارب الناجحة التي طبقتها السعودية والإمارات.

back to top