«الداخلية» على قدر المسؤولية
لم يكن إلقاء القبض على العصابة الصينية «السيبرانية» قبل أيام مجرد حدث أمني عابر، بل كان تداركاً يحول دون وقوع حدث خطير جداً كاد يودي بسمعة البلاد المالية، ويحدث، لولا لطف الله ثم جهود رجال وزارة الداخلية، كوارث مالية جراء هجمات هذه العصابة التي حاولت استهداف بنوك الكويت وشركاتها المالية وسرقة حسابات المودعين بعد تسللها إلى أبراج الاتصالات والحصول على بيانات العملاء، ليثبت رجال «الداخلية» مجدداً أنهم على قدر الثقة بهم، وأنهم العيون الساهرة على حماية مواطني هذه البلاد وممتلكاتهم من التهديدات الإلكترونية المتزايدة في عصر التكنولوجيا المتقدمة، والتي ينحدر بها بعض ضعاف النفوس إلى اللصوصية والتدمير والتخريب.
في هذه العملية، برهنت «الداخلية» الكويتية أنها قادرة على مواكبة التحديات المعاصرة من خلال تعزيز قدراتها التقنية وتدريب كوادرها، وتحقيق منسوب عال من التنسيق بينها وبين شركات الاتصالات، لتسفر هذه الجهود مجتمعة عن بث رسالة طمأنينة إلى قلوب المواطنين والمقيمين على أموالهم وممتلكاتهم وأرواحهم في هذا البلد الآمن.
في هذه العملية الأمنية الناجحة، تمكنت الوزارة من تتبع وتحليل الأنشطة المشبوهة للعصابة، والتي خططت لجرائمها قبل المجيء للكويت، ثم دخولها بمعداتها، ثم زرعها آلات التجسس والسيطرة على أبراج الاتصالات، ثم الوصول إلى بيانات العملاء، ثم إرسال الرسائل الخادعة، مستخدمة تقنيات متقدمة لاختراق الأنظمة وسرقة البيانات المالية والشخصية للضحايا، وبفضل التنسيق الفعّال بين مختلف الأجهزة الأمنية والتحليل الدقيق للبيانات، تم تحديد الأبراج المستغلة واعتقال متهمين قبل التنفيذ الفعلي للسرقة.
هذا الإنجاز لا نراه مجرد انتصار أمني وضربة قوية لمحترفي الجرائم الإلكترونية، بل هو أيضاً رسالة قوية لكل من تسول له نفسه التلاعب بأمن البلاد ومواطنيها ومقيميها، إنه شهادة عملية على أن «الداخلية» ليست فقط قادرة على مواجهة التهديدات التقليدية والجرائم المعهودة، بل أيضاً على التصدي للجرائم الحديثة التي تتطلب مهارات عالية وتقنيات متطورة.
ومثلما نقف لـ «الداخلية» أو غيرها، عند أي تقصير أو تراخٍ لنوجه أصابع اللوم محددين مَواطن الخلل، نرفع اليوم قبعة التقدير وأكف التحية إلى «الداخلية» وعيونها اليقظة وكوادرها الوطنية المتطورة، مثمنين جهودها الدؤوبة التي تتفانى في بذلها ضماناً لسلامة المجتمع، كما نؤكد أهمية دعم هذه الجهود من خلال تعزيز الوعي الأمني بين المواطنين، وتشجيع التعاون بين الأفراد والمؤسسات والأجهزة الأمنية للتصدي للجرائم الإلكترونية، فتحيةً كبيرة إلى «الداخلية» على هذا الإنجاز الأمني الكبير، وإلى مزيد من النجاحات التي تحوط الوطن بسياج من الأمن والاستقرار.