مرافعة: حتى لا يكون قصر العدل نسخة من «الرقعي»!
فعاليات الافتتاح الذي نظّمته وزارة العدل لمبنى قصر العدل الجديد، برعاية أميرية لسمو أمير البلاد، حفظه الله ورعاه، وحضور سمو ولي العهد، حفظه الله، وإن كانت بسيطة، إلّا أنّ الجميل فيها أنها جمعت رواد العمل القضائي ورؤساء مجالس القضاء السابقين وأعضاءه لحضور افتتاح هذا المقر الذي كان بمنزلة الحلم الذي ينتظره العاملون في السلطة القضائية.
ولعل جلوس رؤساء المجالس السابقين إلى جوار بعضهم في حفل الافتتاح، كالمستشارين فيصل المرشد ويوسف المطاوعة وأحمد العجيل ومحمد بن ناجي، ووجود النائب العام السابق ضرار العسعوسي، وغيرهم، يعكس مدى اهتمام هؤلاء الرجال وغيرهم ممن حضروا الأحداث المرتبطة بالشأن القضائي، والتي منها هذا الافتتاح لأهم صرح قضائي، أمس الأول.
ومثلما عكس الاهتمام من القائمين عليه بدعوة الضيوف أمثال الحاضرين من المستشارين ممن تركوا بصمات في بناء القضاء الكويتي والنيابة العامة هم ومن جاء من بعدهم من الأعضاء الحاليين في مجلس القضاء والنيابة، أرى من المهم أيضا أن يضمن المبنى الجديد توفير خدمات التقاضي كافة، قبل أن يُدشّن العمل فيه رسميا، وألا يكون نسخة من واقع عمل المحاكم في مجمّعها بمنطقة الرقعي، والتي يتضرر منها المراجع والموظف.
كما أتمنّى أن يتم توفير قسم حقيقي للاستقبال يجيب عن أسئلة المراجعين واستفساراتهم قبل دخولهم المبنى، ويعمل على توجيههم إلى الخدمة التي يودون الحصول عليها قبل أن يدخلوا المبنى ويصعدوا في كل أدواره، ويتبيّن أن ما يرغبون بالحصول عليه ليس متوافرا به!
كما أتمنى أن تُسند لهذا المبنى إدارةٌ تزيل كل السلبيات التي نعيشها في مجمع الرقعي، كأن يُمنع التدخين نهائيا، ويُمنع وضع الحقائب الخاصة بمعقبّي المحامين وملفاتهم في الممرات المجاورة للقاعات، وأن تجرى عمليات الصيانة لدورات المياه وللمصاعد والممرات دورياً، وأن تُمنع الأكشاك وآلات التصوير في الممرات.
كما يتعيّن أن يتم إنشاء أقسام للمتابعة لأمناء سرّ الجلسات في كل المحاكم، تتضمن تقديم المحامين ووكلائهم للطلبات التي يرغبون بالحصول عليها وعدم مراجعتهم لأمناء سر الجلسات، ضمانا لعدم احتكاك المحامين بأمناء الجلسات أو بالملفات، شريطة أن يوفَّر قسم لاستقبال طلباتهم للحصول على صور الأحكام أو المستندات أو المذكرات، أو غيرها من الطلبات التي تقدم للهيئات القضائية.
أيضا أتمنى أن تعمل المحاكم على تمكين المتقاضين من اتخاذ الإجراءات القضائية على نحو إلكتروني تام، خصوصا أن تلك التكاليف التي أدتها الدولة لهذا المبنى وغيرها لم تعد لتبرر اليوم أن نستمر بتجاربنا التقليدية في التقاضي، من دون مواكبة التطور الحديث لها، فلا يمكن أن يكون بيت القضاء، (وهو قصر العدل الجديد)، حائزا أفضل تصميم في الشرق الأوسط، ويكون نظامه الإداري في رفع القضايا ومتابعتها ليس له مثيل في منطقة الشرق الأوسط التي يمارس التقاضي فيها على نحو إلكتروني وعن بُعد.
وفي الختام، أتمنى أن تليق تجربة العمل في هذا المبنى بهذا الصرح القضائي، وأن يعكس السلوك الوظيفي والأداء والتنظيم الداخلي له الجمال الخارجي له، وألا يكون نسخة من واقع محكمة الرقعي السلبي، والذي يتعيّن العمل على تغييره إلى الأفضل، في ظل توفير جميع الإمكانات والعقليات التي تدير المشهد بقيادة المستشار ناصر السميط وفريقه الاستشاري، والذي ما زلنا ننتظر منه ونعوّل عليه الكثير.