اثنان في واحد
تلعب القيم الأخلاقية دوراً حاسماً في تشكيل سلوكيات القيادات الإدارية، مما ينعكس إيجاباً على بيئة العمل ويعزز الكفاءة المهنية للموظفين، حيث عرَّف علماء الاجتماع القيادة الأخلاقية بأنها القدرة على توجيه وتحفيز الآخرين بناءً على قيم ومبادئ أخلاقية، مع تحقيق التوازن بين الأهداف المؤسسية والمسؤولية الاجتماعية والأخلاقية.
يا للأسف بعض القيادات الإدارية لا تعي أهمية القيم الأخلاقية على بيئة العمل، وللأسف أيضاً هناك قيادات لا تقدر قيمة وأثر النزاهة والشفافية والعدالة عند إصدار القرارات، بل إن منهم من يستخدم سلطاته الإدارية في إيذاء الموظفين والتمتع بنتائج قراراته السلطوية، وكأنه يعاني من السادية الوظيفية.
في المقابل لا يوجد مدير ناجح إلا ويتصف ولو بالحد الأدنى من القيم الأخلاقية، لذلك جاء مفهوم القيادة الأخلاقية كصفة ملازمة عند اختيار القيادات، لذلك تجد هذا المعيار يوضع له وزن نسبي عند المفاضلة لتحديد من سيتم إسناد الوظيفة القيادية.
تداعيات وأثر الإدارة الأخلاقية على بيئة العمل كبيرة فمن خلالها يتم ترسيخ الثقة والاحترام بين الرئيس والمرؤوس والعكس صحيح تماماً، كما أن تطبيق القيم الأخلاقية يساهم في خلق بيئة عمل تحفز على التعاون والابتكار، فكلما شعر الموظفون بالتقدير والإنصاف زادت إنتاجيتهم وإخلاصهم في أداء المهام المطلوبة منهم، فضلاً عن دور الإدارة الأخلاقية في التقليل من حدوث النزاعات بين الموظفين.
خلاصة القول: تُعد القيم الأخلاقية لدى القيادات الإدارية حجر الزاوية في بناء منظومة بيئة عمل إيجابية ومحفزة تعزز الثقة وترفع مستوى التواصل والولاء المؤسسي، وتساهم في رفع الكفاءة المهنية للموظفين، مما يؤدي في النهاية إلى تحقيق نجاح مستدام للمؤسسة.
لمدير الهيئة العامة للبيئة القادم
بعيداً عن كل ما سبق، وهنا أريد أن أوجه كلامي للعاملين في الهيئة العامة للبيئة ولمن سيتولى مهام إدارتها ولكونها عانت من فراغ إداري غير مسبوق، بعد أن مرت بحالة استثنائية ولظروف أثرت بشكل سلبي على مؤشر جودة الأداء البيئي، ومن باب النصيحة المهنية ومن باب التذكير بالتحديات البيئية وتحقيق الالتزامات البيئية التي التزمت بها دولة الكويت، حيث نترقب خلال الأيام المقبلة قيادة جديدة تتبوأ إدارة الهيئة العامة للبيئة، متمنين على من يقع أو تقع عليه مسؤولية إدارتها أن يلتفت إلى أهمية سياسة الباب المفتوح، والتعامل من منطلق التسامح والاحترام المتبادل ومعالجة المشكلات الإدارية، ومن ثم وضع خطة وطنية متكاملة لمعالجة أهم التحديات البيئية التي تشتمل على الآتي:
1. الحد من التلوث الهوائي والمائي بالعمل على تقليل الانبعاثات الصناعية، عبر اعتماد تقنيات إنتاج نظيفة، وتشديد الرقابة البيئية، ومراقبة جودة الهواء في المناطق الحضرية والصناعية، واتخاذ التدابير اللازمة للحد من الانبعاثات الضارة، وتصويب استخدام مياه الصرف الصحي في الري والزراعة، وأخيراً وضع التدابير اللازمة للحد من التلوث البحري الناتج عن تسرب النفط ومخلفات السفن.
2. تعزيز الاستدامة في استخدام الموارد الطبيعية، من خلال ترشيد استهلاك المياه عبر إطلاق حملات توعية نحو استخدام تقنيات ذكية وحماية المخزون الجوفي للمياه من التلوث والاستنزاف، والتحول إلى الطاقة المتجددة لتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري.
3. مكافحة التصحر وحماية البيئة البرية، من خلال التشجيع وإطلاق المبادرات الوطنية للتشجير وزيادة المساحات الخضراء للحد من زحف الرمال وتحسين جودة الهواء، والعمل على حماية التنوع البيولوجي عبر تطوير إدارة المحميات الطبيعية وحظر الصيد الجائر، والحد من الرعي الجائر الذي يؤدي إلى تدهور التربة وفقدان الغطاء النباتي.
4. إدارة النفايات بشكل مستدام عبر تعزيز مفاهيم إعادة التدوير وتقليل إنتاج النفايات من خلال تشجيع إعادة الاستخدام، وإدارة النفايات الخطيرة مثل المخلفات الإلكترونية والنفايات الصناعية بطرق صديقة للبيئة، والتوسع في برامج فصل النفايات من المصدر لتسهيل عمليات التدوير وتقليل النفايات في المرادم.
5. السياسات والتشريعات البيئية بتحديث القوانين البيئية لضمان التزام القطاعات المختلفة بالمعايير البيئية، وتفعيل الرقابة البيئية، وتعزيز التعاون الإقليمي والدولي عبر الانضمام إلى الاتفاقيات البيئية وتبادل الخبرات مع الدول المتقدمة بيئياً.
6. التوعية والتعليم البيئي، إطلاق حملات توعوية حول أهمية الحفاظ على البيئة وأثر التغير المناخي وإدراج المناهج البيئية في التعليم لتعزيز وعي الأجيال الجديدة بالقضايا البيئية.
7. تحفيز الأبحاث العلمية في مجالات البيئة والاستدامة لإيجاد حلول مبتكرة للتحديات البيئية.
ودمتم سالمين