ترامب: غزة بالنسبة لنا صفقة تجارية... ولسنا في عجلة
• مصر تتلقى رسائل تطمين أميركية وتنتقد إساءة نتنياهو للسعودية
• قادة «حماس» يزورون خامنئي
وصف الرئيس الأميركي دونالد ترامب خطته المثيرة للجدل والغامضة والمرفوضة دوليا وعربياً بشأن غزة بأنها «مجرد صفقة تجارية»، فيما سلّمت حركة حماس الفلسطينية، أمس، 3 محتجزين إسرائيليين، في مدينة دير البلح وسط القطاع المدمر، مقابل إفراج إسرائيل عن 183 أسيراً فلسطينياً، في إطار اتفاق تبادل الأسرى ووقف النار في غزة، وسط تشكيك إسرائيلي متصاعد بالذهاب الى المرحلة الثانية من الاتفاق، والتي تتضمن خصوصاً انسحاب الجيش الإسرائيلي من غزة.
وفيما وافقت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب على بيع قنابل وصواريخ هليفاير ومجموعات توجيه وشعيلات ومعدات عسكرية بقيمة تفوق 7.4 مليارات دولار لإسرائيل، قال ترامب أمس الأول، خلال لقائه رئيس الوزراء الياباني في البيت الأبيض، «في الأساس، ستتعامل الولايات المتحدة مع الأمر كاستثمار عقاري، فغزة بالنسبة لنا هي صفقة عقارية، حيث سنكون مستثمرين في تلك المنطقة، ولن نتعجل في اتخاذ أي خطوة». وأضاف أنه لا يرى «أي عجلة لفعل أي شيء» في غزة، مؤكدًا أن الولايات المتحدة لن تنشر قوات على الأرض هناك.
وأوضح: «لن تكون هناك حاجة لنشر أي قوات أميركية. إسرائيل ستتولى مسؤولية الأمن، ونحن لن نرسل جنودًا، لكن مجرد وجودنا واستثمارنا هناك سيسهم في تحقيق السلام».
التبادل الخامس
وفي استعراض يشبه ما جرى خلال خمس عمليات تبادل سابقة في إطار الاتفاق، ظهر الأسرى الثلاث أور ليفي (34 عاماً) وإيلي شرابي (52 عاماً)، والألماني - الإسرائيلي أوهاد بن عامي (56 عاماً) بأوضاع مختلفة، ارتدى الأول زي الجيش الإسرائيلي واثنان زياً بني اللون عليه صورة لهما مكتوب بالعبرية أسفلها «أسير لدى كتائب القسام».
ورغم علامات المرض والتعب والإرهاق، التي ظهروا بها على منصة حملت شعار «نحن الطوفان... نحن اليوم التالي»، وجّه الإسرائيليون المفرج عنهم، رسالة شكر لكتائب القسام، مؤكدين أنهم بقوا على قيد الحياة بفضلها، وأعربوا عن غضبهم من رئيس وزرائهم بنيامين نتنياهو وحكومته «الفاشلة».
وتُعد هذه العملية الأولى من نوعها في وسط القطاع. وشهدت شوارع دير البلح انتشارا مكثفا لـ «كتائب القسام» بزيّهم الكامل، مدججين بالأسلحة، مع مركباتهم المزودة بالرشاشات الثقيلة.
مشاهد «التبادل الخامس» تُغضب إسرائيل... وأسلحة أميركية بـ 7.4 مليارات دولار لتل أبيب
وفي تعليقهم على مشاهد الرهائن الثلاثة والحالة التي ظهروا عليها، تحدث الرئيس الإسرائيلي إسحق هرتسوغ عن «جريمة ضد الإنسانية»، وتوعّد نتنياهو بأن «المشاهد الصادمة التي رآها لن تمُرّ من دون رد»، في حين وصف منتدى عائلاتهم الوضع بأنه «صور مزعجة تعتبر دليلًا واضحًا ومؤلمًا آخر لا يترك مجالًا للشك بأنه ليس هنالك وقت لنضيّعه! يجب إخراجهم جميعًا الآن!»، فيما دعا الصليب الأحمر إلى إجراء عمليات التبادل بشكل غير علني.
في المقابل، أفرجت إسرائيل عن 183 أسيراً فلسطينياً، بينهم 18 محكوماً بالسجن المؤبد، و54 بأحكام طويلة، و111 أسروا في غزة بعد 7 أكتوبر 2023.
جاء ذلك، فيما أفادت وسائل الإعلام الإسرائيلية بأن المستوى السياسي في إسرائيل قرر عدم التفاوض على المرحلة الثانية من اتفاق التبادل، وأن وفداً إسرائيليا سيذهب للدوحة، لكنه لن يتفاوض على المرحلة الثانية، وذلك بعد عودة نتنياهو من واشنطن.
رد على رسالة مصر
الى ذلك، كشفت مصادر عربية أن مصر تلقت رسائل من أميركا بأن واشنطن لا تنوي الصدام معها أو مع الدول العربية بشأن غزة، ورسالة أخرى من إسرائيل تؤكد التزام تل أبيب باتفاقية السلام. وقالت المصادر إن مصر تضغط من أجل أن تضع تل أبيب جدولا زمنيا للسماح بدخول الآليات الثقيلة الى القطاع، لبدء إعادة الإعمار دون خروج الفلسطينيين، كما أنها حذّرت من وضع قيود على عودة الفلسطينيين الذين يعالجون في القاهرة.
وكانت صحيفة واشنطن بوست نقلت أن مصر حذرت إدارة ترامب وإسرائيل من أن طرد الفلسطينيين من شأنه أن يزعزع استقرار المنطقة ويقوّض معاهدة السلام مع إسرائيل، التي وصفتها بأنه «حجر الأساس في الاستقرار والنفوذ الأميركي لعقود».
ونقلت الصحيفة الأميركية عن مسؤولين مصريين، أن الرسالة تسلمتها وزارتا الدفاع (البنتاغون) والخارجية وأعضاء «الكونغرس»، وتم نقلها أيضاً إلى إسرائيل وحلفائها في أوروبا، بما في ذلك بريطانيا وفرنسا وألمانيا.
وخلال اتصال بنظيره البرتغالي، باولو رنغير، أكد وزير الخارجية المصري بدر عبدالعاطي، أمس، أن أي تصورات لليوم التالي في غزة يجب أن تكون في إطار وحدة الضفة الغربية وغزة، وأن تشمل عودة السلطة الفلسطينية إلى القطاع.
في موازاة ذلك، وجهّت مصر تحذيراً شديد اللهجة تجاه نتنياهو وتصريحاته المنفلتة، التي دعا فيها إلى إقامة دولة فلسطينية على أراضي المملكة العربية السعودية.
وقالت «الخارجية» المصرية: «ترفض مصر بشكل كامل هذه التصريحات المتهورة، التي تمسّ بأمن المملكة وسيادتها، وتؤكد أن أمن السعودية واحترام سيادتها خط أحمر لن تسمح بالمساس به، ويُعد استقرارها وأمنها القومي من صميم أمن واستقرار مصر والدول العربية لا تهاون فيه».
وأضافت: «تشدّد مصر على أن هذه التصريحات الإسرائيلية المنفلتة تعد تجاوزا مستهجنا وتعدّياً على كل الأعراف الدبلوماسية المستقرة، وافتئاتاً على سيادة السعودية وعلى حقوق الشعب الفلسطيني المشروعة وغير القابلة للتصرف في إقامة دولته المستقلة على كامل ترابه الوطني في الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس الشرقية، وفقا لخطوط الرابع من يونيو 1967».
إلى ذلك، استقبل المرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي، أمس، وفداً من قادة «حماس»، للمرة الأولى منذ اغتيال رئيس مكتبها السابق إسماعيل هنية في مقر إقامته بطهران في 31 مايو الماضي.
وقال خامنئي لرئيس المجلس القيادي للحركة محمد درويش، والقائم بأعمال رئيس مكتبها خليل الحية، ورئيس مكتبها بالضفة زاهر جبارين، والقياديين محمد نصر وعزت الرشق: «انتصرتم على النظام الصهيوني، وفي الحقيقة على الولايات المتحدة، ومنعتموه من تحقيق كل أهدافه».
وقدّم وفد «حماس»، الذي هنأ بمناسبة ذكرى الثورة الإيرانية عام 1979، تقريراً عن الوضع الحالي في غزة والضفة، وأهدى «الانتصارات والنجاحات التي تحققت» لخامنئي، وعبّروا عن امتنانهم لدعمه المستمر.