ترامب يتلاعب بأعصاب إيران

• هدد بمحوها ثم قلل من أهمية التقارير عن ضربة ضدها
• وعد بتحولها إلى دولة عظيمة في حال تخلت عن مساعيها النووية

نشر في 04-02-2025 | 23:42
آخر تحديث 05-02-2025 | 20:47
ترامب مستعد للاجتماع مع الرئيس الإيراني لإقناع طهران بالتخلي عن سلاح نووي
ترامب مستعد للاجتماع مع الرئيس الإيراني لإقناع طهران بالتخلي عن سلاح نووي

بدا أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الذي يفجر أعاصير دولية يوميًا بمواقف مثيرة للجدل، يتلاعب بأعصاب إيران التي تعيش لحظات عصيبة بسبب الضربات التي تلقاها نفوذها الإقليمي في الأشهر القليلة الماضية، خصوصًا مع سقوط حليفها في سورية بشار الأسد والخسائر التي تكبدها حزب الله اللبناني في حربه مع إسرائيل.

وقبيل استقباله رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في واشنطن، حذر ترامب أمس إيران من «محوها» بالكامل في حال تعرضه لمحاولة اغتيال من قبل عملاء إيرانيين. وفي الوقت نفسه، قال إنه مستعد للاجتماع مع نظيره الإيراني مسعود بزشكيان لإقناع طهران بالتخلي عن جهود امتلاك سلاح نووي، وذلك رغم توقيعه على مرسوم رئاسي يقضي بإعادة فرض سياسة «الضغط الأقصى» على إيران.

وأوضح ترامب أن إيران قريبة جدًا من امتلاك سلاح نووي، وأن الولايات المتحدة لديها الحق في منع بيع النفط الإيراني إلى دول أخرى.

وعقب التوقيع، قال ترامب للصحافيين في البيت الأبيض: «الأمر صعب جداً على إيران»، مضيفاً: «آمل ألا نضطر إلى استخدامه كثيرًا»، في إشارة إلى المرسوم الرئاسي.

قيمة الريال الإيراني هبطت إلى أدنى مستوى لها على الإطلاق بعد استئناف حملة «الضغط الأقصى»

وينص المرسوم على توجيه وزارة الخزانة الأميركية بفرض «أقصى قدر من الضغط الاقتصادي» على إيران من خلال العقوبات المصممة لشل صادرات النفط في البلاد. كما يوجه ترامب في مذكرته وزارتي الخزانة والخارجية بتنفيذ حملة «تهدف إلى خفض صادرات النفط الإيرانية إلى الصفر».

ودفع ترامب صادرات النفط الإيرانية إلى ما يقرب من الصفر خلال فترة من ولايته الأولى بعد إعادة فرض العقوبات، لكنها ارتفعت مجددًا في عهد جو بايدن. واتهم ترامب سلفه المنتمي للحزب الديمقراطي بعدم فرض عقوبات صارمة على تصدير النفط الإيراني. ويقول ترامب إن هذا الأمر شجع طهران وسمح لها ببيع النفط لتمويل برنامج الأسلحة النووية والجماعات المسلحة في الشرق الأوسط.

واليوم، قال ترامب على منصته «تروث سوشل»: «أريد أن تكون إيران دولة عظيمة وناجحة، لكن أريدها أيضًا أن تكون دولة لا يمكنها امتلاك السلاح النووي»، مضيفًا: «أفضل اتفاقًا نوويًا سلميًا مع إيران خاضعًا للتفتيش، يسمح لإيران بالنمو والازدهار سلميًا».

وقال أيضًا إن التقارير التي تفيد بأن الولايات المتحدة «بالتعاون مع إسرائيل سوف تفجر إيران وتدمرها» مبالغ فيها إلى حد كبير، ووعد بتنظيم حفل كبير لدى التوقيع على اتفاق مع طهران.

وفي العاصمة الإيرانية، قال مسؤول إيراني كبير لـ «رويترز» اليوم إن طهران مستعدة لمنح الولايات المتحدة فرصة لحل الخلافات، مضيفًا أن «قضية غزة ومسار الاتفاق النووي الإيراني مسألتان منفصلتان ويجب متابعتهما بشكل منفصل». وذكر أن طهران تريد من الولايات المتحدة «كبح جماح إسرائيل إذا كانت واشنطن تسعى إلى التوصل إلى اتفاق».

وقال وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي في وقت سابق إن المخاوف الأميركية من تطوير إيران أسلحة نووية ليست مشكلة معقدة ويمكن حلها، نظرًا لمعارضة طهران لأسلحة الدمار الشامل.

مسؤول إيراني: غزة ومسار الاتفاق النووي مسألتان منفصلتان ويجب متابعتهما بشكل منفصل

وأضاف أن سياسة «الضغط الأقصى ستفشل كما فشلت سياسة الضغط السابقة»، وأكد أن «إذا كان الهدف من تلك الضغوط هو عدم حصول إيران على سلاح نووي فهذا الأمر يمكن تحقيقه»، موضحًا أن إيران عضو في معاهدة الحد من الانتشار النووي، وموقفها واضح تمامًا بهذا الخصوص بحرمة إنتاج واستخدام السلاح النووي.

من ناحيته، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية إن مزاعم سعي طهران لقتل مسؤولين أميركيين هي «افتراءات من دعاة الحرب»، وإن إيران تتمسك بحقها «في متابعة العملية القانونية لتحقيق العدالة في جريمة اغتيال أبطالها الوطنيين وكبار مسؤوليها»، في إشارة إلى أمر ترامب باغتيال قائد فيلق القدس قاسم سليماني عام 2020.

في غضون ذلك، هبطت قيمة الريال الإيراني إلى أدنى مستوى لها على الإطلاق، إلى 850 ألف ريال مقابل الدولار، بعد استئناف حملة «الضغط الأقصى» على إيران.

وأفاد مصدر في الرئاسة الإيرانية «الجريدة» بأن بزشكيان تلقى أخيرًا اتصالًا من زعيم عربي كانت بلاده تسعى للتوسط مع واشنطن لإبلاغه بأن ترامب يرغب في مفاوضات رسمية ومباشرة وعلنية على مستوى قادة الدولتين.

وكانت الخلافات على أشدها في الداخل الإيراني خلال الأسابيع الماضية بين الدوائر السياسية المتقاتلة حول هوية رئيس أو أعضاء فريق التفاوض الإيراني مع الأميركيين، بعد أن بات الانخراط في المفاوضات مسألة وقت فقط بموافقة المرشد الأعلى علي خامنئي على إجرائها.

وطفا موضوع الخلافات إلى السطح، حين قامت وكالة الأنباء الإيرانية بنشر تقرير عن زيارة الأمين العام السابق للمجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي شمخاني لمعرض الإنجازات النووية الإيرانية، وأطلقت عليه لقب مسؤول المفاوضات النووية.

وفي مقابلة نادرة له مع التلفزيون الإيراني، بعد منعه من الترشح لانتخابات رئاسة الجمهورية، انتقد علي لاريجاني، الرئيس السابق لمجلس الشورى، «من يلهثون وراء المفاوضات مع الولايات المتحدة في حين لم تحصل إيران على أي رسالة رسمية من قبل الجانب الأميركي بشأن المفاوضات».

وانتقدت الخارجية الإيرانية أيضًا الخبر الذي نشرته وكالة الأنباء الإيرانية، معتبرة أن المسؤول عن أي مفاوضات هي الخارجية فقط.

وكانت الخلافات قد وصلت إلى أوجها بين الإصلاحيين الذين يصرون على ضرورة أن يقود مساعد الرئيس الإيراني للشؤون الاستراتيجية محمد جواد ظريف المفاوضات، والأصوليين الذين يعتبرون ظريف شخصًا غير جدير بالثقة وقد يفرط بكل إنجازات النظام.

back to top