«الوجه والكارما» قصص مشبَّعة بالحلم والتمرُّد

• مجموعة قصصية للكاتبة التونسية مديحة جمال

نشر في 04-02-2025
آخر تحديث 03-02-2025 | 17:47
غلاف الإصدار
غلاف الإصدار
تخوض الكاتبة التونسية مديحة جمال تجربتها الأولى في الكتابة القصصية، من خلال مجموعتها «الوجه والكارما وقصص أخرى».

تسبر حكايات الكاتبة التونسية مديحة جمال الواقع عبر إصدارها القصصي «الوجه والكارما»، الذي يتضمَّن 18 قصة متفاوتة الحجم، متنوعة المضمون، إضافة إلى طُرق السَّرد المختلفة،

تروي من خلالها حكايات واقعية ممزوجة بخيال أدبي بديع، جاء بأنساق قصصية تمس شريحة كبيرة من البشر في مختلف أصقاع العالم، لأنها بحثت عن موضوعات إنسانية مشبَّعة بالحلم والشعر والتمرُّد، ضمن إطار ثقافي جميل خلال مجموعتها القصصية الأولى.

«الساعة الخامسة»

الإصدار يتضمَّن 18 قصة متنوعة، هي: «يا وجهي هل أشبهك؟»، «أحمر شفاه»، «الساعة الخامسة»، «الخرافة»، «خبر عاجل»، «شطحة»، «يا وجهي كم أشبهك»، «قصائد ظالمة»، «ماركيز ليس أفضل مني»، «الليلة الأخيرة قبل نهاية العالم»، «الوجه»، «جانفي سطل ماء بارد»، «وجوه عالقة»، «ملك الجنوب»، «سمكة مشوية بطعم النبيذ الأبيض»، «لونا»، «الكارما»، «غزو الأحذية».

الحكايات تمس شريحة كبيرة من البشر في مختلف أصقاع العالم

الأضداد المتصارعة

وفي مقدمة الإصدار، تقول الكاتبة والشاعرة التونسية سلوى الرابحي: «الوجه والكارما وقصص أخرى، حكايات كُتبت بلغة جمعت بين هذيان اللحظة المحمومة، وحكمة التجربة بين جمالية الرؤى وقُبح العالم، قصص تحدِّثنا عن أوجهنا المتعددة، والأضداد المتصارعة فينا، وتأرجحنا بين القُبح والجمال، والخنوع والرفض، وغليان أصواتنا الداخلية، وهدوء ملامحنا بين صورة نريدها لأنفسنا، وصور أخرى لنا يرسمها الآخرون».

وتضيف: «نحن أمام مرآة تخلخل صور أوجهنا، فتعرّينا (الكارما) أمام النوايا، باعتبارها ارتداد أفعال الخير أو الشر بمثلها على صاحبها، إنها قصص تصفع أبطالها والقارئ في آن بنهايات محمومة بالسؤال، وزعت الكاتبة عالمها القصصي على 3 أجزاء حملت العناوين التالية: يا وجهي هل أشبهك؟ يا وجهي كم أشبهك؟ وجوه عالقة».

الظاهر والباطن

وحول حكاية «جانفي سطل ماء بارد»، قالت الرابحي: «البطلة في القصة كانت ثائرة رافضة للظلم والقهر، وكان وجهها المعروض في التلفاز يشابه روحها، تلك التي يقطنها الفن. تعدَّدت أوجه الشخصيات في هذا الجزء، لكن المسافة الفاصلة بين الظاهر والباطن تكاد تكون منعدمة، فالوجه بتقاسيمه وتعبيراته ليس سوى صدى لما يعتمل في النفس من رؤى، حتى لو كانت فكرة مجنونة، أو فكرة لا يمكن تصديقها. يكفي أن تكون الشخصية مؤمنة بفكرتها، مصدقة لنبضاتها في الروح والجسد والملامح».

أبواب الخيال

وعن الحكايات الحالمة في المجموعة، ذكرت: «هو الحلم يهدي حياة أخرى لصاحبه، ويفتح له أبواب الخيال والفن والخلود. وجوه عالقة بين المنزلتين، فلا هي شبيهة بما تريد أن تكون، ولا هي مختلفة أو مزيفة، إنها الوجوه الجامدة في لحظة ما، فلا يحق لها القفز في الزمن أو الالتفات إلى الوراء. هي تلك الأرواح المعذبة، المنتظرة لخلاصها. هي تلك الوجوه التي لم تنصفها العدالة في الأرض، فبقيت تتأرجح بين حياة وموت، عالقة في لحظة سرقت منها الحياة، أو هي وجوه عالقة في لحظة مضت، فلا تستطيع تجاوزها، لأنها بكل بساطة لحظات استثنائية لا يمكنها أن تتكرر، لفرط حلاوتها، مثال ذلك أن تعلق في قصة حُب قديمة، فلم يعد قلبك قادراً على الحُب من جديد، وقد يصل بك الأمر إلى أن تعلق في رائحة منْ أحببت، فتصير أنفاً يرفض أن يشم عطراً غيره».

مرآة مشروخة

واختتمت الرابحي حديثها عن المجموعة القصصية، قائلة: «حكايات مديحة جمال أتت مثل ماء متدفق من شلال عالٍ، أو مثل مطر غزير وكثيف، قصص مشبَّعة بالحلم والشعر والتمرُّد. في المجموعة القصصية ستكون أمام قصص تجعلك تفر من مرآة مشروخة، أو تقف أمام مرآة تنعكس فيها ملامح روحك حُرة من أعين الآخر، وربما في حكايات أخرى تكون فيها أنت المرآة».

ورود الحقل تتحول إلى نجوم مضيئة في «الخرافة»

من أجواء قصة «الخرافة»: «كانت الأمواج تتقاذف المركب المكتظ بالأعين الجاحظة في سواد الليل الحالك، تغلبت نرجس على خوفها بالتحديق في النجمة الأكثر لمعاناً في السماء، فقد كان والدها، الحالم دائماً، يروي لها قصة حين كانت صغيرة عن أرواح ورود غادرت الحقل وتحوَّلت إلى نجوم مضيئة. من النجمة الأكثر تلألؤا، أطلَّت عليها عينا والدها وهما تشعان بالفرح النقي لحظة تخرجها في الجامعة، إلا أنها كتمت صرختها هذه المرة وهي تسترجع ذكراهما: لقد كانتا مغرورقتين بدمع حزين، فكيف لم أنتبه في ذلك اليوم إلى الحزن المخبَّأ في بريقهما وأنا العليمة بكل ندوب روحه؟ أخبر كل ركاب الحافلة أن ابنته، نرجسة حقله، قد تحصَّلت اليوم على الشهادة الكبيرة، وأصبحت دكتورة في علم الفيزياء، وأنه يعتبرها نجمته التي تضيء له ظُلمة ما عاناه في هذه الحياة، فبارك له جميع الركاب، وفرحوا لأجله فرحاً صادقاً عميقاً. كان هندامه مهترئاً، ووجهه شديد السُّمرة من فرط تعرضه لسياط الشمس أثناء العمل، وكانت مشيته مُثقلة بالتعب. كل ذلك كان كافياً لكي يتخيَّل كل مَنْ يقابله بسرعة مؤلمة. ما دفعه هذا الرجل من عُمره فداء هذا اليوم، يوم تحصل نرجسته على الشهادة الكبيرة، لكنه رغم ذلك كان وجهه بشوشاً، حالماً مُحباً للحياة، للضوء، والحلم، والغناء، والقصص، والخرافات».

back to top