التكويت غلطة مطبعية
نفت وزارة الشؤون الاجتماعية وشؤون الأسرة خبر تكويت مهنة بيع الخضار، وهو خبر كان النكتة الأكثر تداولاً يوم أمس. والواقع أن هذا ليس تقليلاً من شأن هذه الخطوة وأمثالها، لأن أي دفع باتجاه استنفار طاقات الإنسان الكويتي وقدراته هو مطلوب وبإلحاح، حتى بغضّ النظر عن الدوافع أو النواتج. لكن تخطّي كل القضايا الملحة وتجاهل الكثير من المناصب المهمة والانشغال بتكويت أو تأميم بيع الخضار... فهنا كانت الصدمة، وهنا كانت المفاجأة التي لم يتوقعها أحد.
وذلك لأن لدينا وظائف ملحّة تتطلب التكويت، وهذا التكويت ضروري، إما تحقيقاً للأمن الوطني، أو لتعديل التركيبة السكانية، أو لخفض نفقات الدولة، أو لاستيعاب الآلاف المؤلفة من الخريجين السنويين.
لهذا فإن التكويت، إن كان جاداً، يجب أن يتوجه إلى هذه الوظائف، وأن يصب في هذا الاتجاه، أي اتجاه تأمين البلد، وخفض النفقات، وتقليص البطالة.
وهذا ليس بحاجة إلى عمل جبار وجهد عظيم ودراسات دقيقة ومطولة... بل يحتاج فقط إلى إرادة وقرار. فعلى سبيل المثال، وزارة التربية تعاني نقصاً في معلمي الموسيقى والعلوم واللغات الأجنبية، وسنوياً ترسل الوزارة البعثات تطوف بلدان العرب بحثاً وتنقيباً عمّن يسد هذه الوظائف... في الوقت الذي لدينا آلاف من المدرسين الكويتيين من معلمي التربية البدنية أو الجغرافيا والاجتماعيات مكدسون في المدارس بلا وظائف أو عمل حقيقي.
فلماذا لا توقف جامعة الكويت قبول الانتساب إلى الكليات الأدبية المكتظة والسهلة أو ترفع نسب القبول بها، وبالتالي تحول أو تجبر الطلبة على الاتجاه إلى التخصصات التي يحتاج لها البلد؟ ولمَ لا ترفع وزارة التربية راتب مدرس العلوم أو اللغة الإنكليزية مثلاً إلى أضعاف راتب مدرس التربية البدنية؟ أليست الوزارة في سوق العمل.. والسوق يخضع للعرض والطلب، أم أن الوزارة وقبلها الحكومة ليست بالكفاءة اللازمة كي تدرك هذا الأمر؟
ورغم أن الخبر لم يكن صحيحاً، فإننا نشكر وزارة الشؤون على فتحها باب التكويت. ونتمنى أن يكون التكويت القادم حقيقياً وليس غلطة مطبعية. فالكويت بحاجة إلى جهد أبنائها وعطائهم، لأن النفط وحده لم يعد قادراً، وربما لن يكون متوافراً في المستقبل لتأمين الإنسان الكويتي واستقراره.