كلفة هامش الحرية

نشر في 23-12-2022
آخر تحديث 22-12-2022 | 18:45
 أنور السهو الخطيئة هي اليد السياسية الخفية في أنظمة دكتاتورية تحول الدين إلى سلعة ضرورية تتنفس من خلالها الشعوب الحياة الكريمة، فمصرع الشابة الإيرانية مهسا أميني أعاد مفاهيم جديدة لتصدير الثورة الإيرانية أهمها قبول حرية التعبير، فالعمامة أضعف من الاحتجاجات الشعبية، والقبضة الحديدية قاب قوسين أو أدنى أن تصبح خشبية.

التطبيق السيئ لمفهوم الخطيئة التي يتغنى بها النظام الإيراني للقضاء على خزعبلات وخرافات الشعوب المتخلفة، ولد صراعا إيرانيا- إيرانيا تصرخ بها الحشود الشعبية «نحن نغوص بالخطيئة» فيرد النظام «تسقط الإمبريالية الأميركية».

يتبنى النظام الإيراني فكرة الحفاظ على البيت الشيعي وفكرة الحامي لرموز آل البيت، وما إن يدخل المنتج الإيراني إلى الدولة المجاورة حتى ترى الدمار والقتل والتحكم بالشأن السياسي بمسميات مختلفة تصب في مجرى واحد، وهو توسيع الرقعة الإيرانية على كوكب الأرض، لكن تنسى السلطة بناء نظام حاكم يحترمه الشعب الإيراني والشعوب المجاورة ليكون خير رسول للثورة الإيرانية، على سبيل المثال تركيا التي تتشابه مع إيران من حيث المقومات الاقتصادية وتوافر الأيدي العاملة استطاعت أن تنفتح على العالم وتخلق مؤسسات وشعبا واعيا بالديموقراطية، أما إيران فملأت الشوارع بالتماثيل والرموز والشعارات صيانة للثورة المجيدة.



بناء المؤسسات الوطنية على أسس ثابتة كالشفافية والعدالة والديموقراطية أقل تكلفة من إرسال الهبات والمساعدات للميليشيات الدموية باسم رسالة الثورة التغييرية، وزيادة الثقة الشعبية بإدارة الدولة يحصن النظام من السقوط المدوي، فالخطيئة والقمع والقتل أدوات بالية مع التطور التكنولوجي ووسائل الاتصال الاجتماعي، وإعادة استخدام الثروة بالطريقة الصحيحة سور أمني في وجه الأعداء والخلايا التخريبية.

إلغاء أجهزة أمنية مثل شرطة الأخلاق وتعديل قانون الانتخابات لا يعني أن النظام أصبح مع الشعب يداً واحدة، وأن الثقة أصبحت متبادلة، بل بالعكس كلما شعر الشعب الإيراني بدوران الأجهزة في فلك تصدير الثورة وتطاير المال العام على أحلام سوداوية زادت الرغبة الشعبية بوقف هذا العبث وهذا الفساد، وإن التضييق المزيف باسم الدين يجب أن ينتهي.

وضع برامج اقتصادية لتعزيز مكانة الشعب الإيراني والدور السياسي يخلق حالة من الحب المتبادل بين السلطة والشعب وتفعيل المراقبة الشعبية عن طريق البرلمان والجمعيات المدنية يحقق الاستقرار والهدوء، ويد الإصلاح التي تحلم بها الجماهير الغاضبة ستتحقق ما دام النظام الإيراني يضع تصورات سياسة إصلاحية دون مد قدمه خارج الحدود لزيادة نفوذه والسيطرة على مصير الشعوب المجاورة.

العقيدة واحدة عند جميع الأنظمة الدكتاتورية بقدرتها على رسم طريق التجديد والتصحيح، ومع ذلك تنهار دائما بسبب الفساد الذي هو سيد العلاقة الحكومية الشعبية، كما أن ضعف المراقبة الحكومية الحكومية والمراقبة الشعبية الحكومية أيضا بتلك الدول يولّد حالة من الشك وعدم الثقة.

back to top