ثقافة مع وقف التنفيذ

نشر في 29-01-2025
آخر تحديث 28-01-2025 | 20:07
 عبداللطيف الدعيج

وزير الإعلام عندنا مستانس، وفخور جداً. فالكويت التي يقود إعلامها تم اختيارها عاصمة للثقافة والإعلام العربي لعام 2025. ويعتقد الوزير، أو هو يريد إيهامنا، بأن هذا الاختيار حدث بفعل دور الكويت الريادي ومساهماتها في عالم الثقافة.

لا نشارك السيد الوزير زهوه وفرحه، فالكويت تم اختيارها من قِبل دول هي أقل دول العالم اهتماماً بالثقافة ورعاية للإعلام. فأغلب هذه الدول تحارب الإعلام، وتقيِّد الحُريات، وتحجر على الثقافة. ومقارنةً بشعوب العالم المتمدن، فشعوب هذه الدول هي الأقل قراءة، والأقل قدرة على الاطلاع على المعلومات، لأنه في عالم هذه الدول كل شيء إما حرام أو من اختصاص أولي الأمر... وليس للعامة.

ثانياً، هذه ليست أول مرة يتم فيها اختيار الكويت عاصمة للثقافة العربية، فقد حدث هذا مرات. وفي الواقع هذه هي المرة الثالثة التي تُعلن فيها الكويت عاصمة للثقافة العربية، مُتعدية وسابقة كل الدول العربية... فما الجديد في الأمر؟

ثالثاً، وربما ليس أخيراً، فإن هذا الاختيار روتيني، إذ تُوزع الأدوار على دول المنطقة وفقاً لقدراتها ورغبتها، وليس لريادتها ومساهماتها في عالم الثقافة والإعلام. فكل عاصمة عربية كانت في يوم من الأيام عاصمة للثقافة العربية.

المؤسف أن السيد الوزير يبشرنا بهذا الإنجاز العظيم للكويت في ذات الوقت الذي يعلن بدء تطبيق قانون الإعلام الجديد الذي يسجن الناس، لا لشيء إلا لإبداء آرائهم والتعبير عن أحاسيسهم في دولة يقر دستورها بأن حُرية الرأي والتعبير مكفولة.

الإعلام، حسب الدستور، يجب أن يبقى حُراً بكفالة ورعاية المادتين 35 و36... وهما أجازتا للحكومة تنظيمه ورعايته. لكن مع الأسف، فإن الحكومات السابقة، وبمساهمات ودعم من مجالس الأمة، سعت إلى تقييد الإعلام، بدلاً من تنظيمه، وإلى الحجر عليه، عِوضاً عن رعايته، بحيث أصبح الإعلام في النهاية تابعاً للحكومة، وتعبيراً وانعكاساً دائماً لوجهة نظر ومعتقد و«حُرية» القوى الاجتماعية المهيمنة على المجتمع، وليس إعلاماً مستقلاً يعبِّر فيه كل طرف اجتماعي أو سياسي عن رأيه بحُرية وبيسر مكفولين للجميع.

back to top