الأغلبية الصامتة... العين على أميركا

نشر في 29-01-2025
آخر تحديث 28-01-2025 | 19:04
 إبراهيم المليفي

بلا شك نحن مقبلون على مرحلة مليئة بالتقلبات السياسية على الصعيدين الإقليمي والعالمي، بعد وصول الرئيس ترامب إلى البيت الأبيض، والتحولات الكبيرة في سورية ولبنان، ووقف إطلاق النار في غزة. ولعل أكثر ما يساعد على استمرار تلك الحالة من الاهتزاز هو أسلوب ترامب في اتخاذ القرارات، فضلا عن تصرفات أعضاء فريقه، مثل إيلون ماسك، الذي خلق مشاكل من العدم مع بريطانيا، وهو ما يعني أن المشاكل التي سيجلبها ترامب لأميركا لن تنحصر فيه، ولكنها ستمدد لتشمل فريقه الذي اختاره بطريقة تعتمد على تجربته في فترته الرئاسية الأولى.

ترامب، وقبل أن يؤدي القسم، شطح نحو ضم غرينلاند وأخذها من الدنمارك، ثم توجه إلى خليج المكسيك وغيره فعلياً إلى خليج أميركا، ثم سارع إلى إشراك الجيش في حملة طرد وتسفير المهاجرين غير الشرعيين، وكل ذلك مجرد بداية فقط، وقسم كبير مما يفعله سبق أن تحدث عنه في حملاته الانتخابية تحت عنوان كبير هو عودة أميركا في الصدارة وسيادة العالم وإخضاع الجميع تحت لوائها بمن فيهم الدول الحليفة لأميركا، وهو أمر لو تفحصناه في فكر ترامب ومنهجه أي مفهوم الحليف فلن نجد فيه غير التابع.

ما سبق هو وضع الدولة العظمى والقوة العسكرية الأكبر في العالم لمدة 4 سنوات قادمة، أما في روسيا وتركيا وإيران، وهم اللاعبون الرئيسيون في المنطقة من خارج الدول العربية، فكل واحدة منها لها وضع خاص ما بين الترقب وقياس درجة النفوذ وإعادة النظر في التحالفات القائمة، وتوجهات ترامب مع كل واحدة منها على حدة.

عربيا لا يمكن تجاهل حالة الانقسام تجاه ما حصل في سورية من تغيير، فدول الخليج لم تتردد في الانفتاح المتمهل على القيادة الجديدة، أما بقية الدول العربية فهي إما تتوجس من تاريخ تلك القيادة مع تنظيم القاعدة أو تراقب بحذر دون إبداء رأي واضح في أي اتجاه، وبعض تلك الدول تركت إعلامها المبرمج يقول ما يدور في رأسها دون تحمل أي مسؤولية مباشرة، ولكن النتيجة النهائية هي وجود انقسام في الموقف العربي.

أما لبنان فلا يمكن تجاهل الأحداث القياسية التي حصلت فيه، مثل انتخاب أول رئيس للجمهورية، وتكليف أول رئيس وزراء من خارج الطبقة السياسية الموجودة، ودون تأثير مباشر من سورية، كما لا يمكن تجاهل خروج لبنان الفعلي – مرحليا – من سطوة حزب الله والقرار الإيراني، وحالة الاحتضان العربي لمعطيات المرحلة الجديدة، وأعتقد أن كلمة «وأخيرا» التي قالها الرئيس جوزيف عون لوزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان اختصرت تلك الحالة.

في الختام أعود إلى مرحلة التقلبات السياسية المقبلة والمتوقعة، لأقول إن الدور الأميركي تجاه الكثير من الملفات العالمية، التي تمسنا وتمس غيرنا، يجب أن يتم التعامل معه بالكثير من الحكمة والتأني، خاصة إذا وضعنا بعين الاعتبار نوايا استكمال تصفية كل المواقع التي تهدد المصالح الأميركية وأمن إسرائيل، وهو ما يعني صراحة استكمال سياسة تقليص النفوذ الإيراني، كما حصل على الأرض في سورية ولبنان، والتي قد تطال اليمن والعراق وربما إيران نفسها، فماذا سنفعل نحن وسط كل ذلك؟

back to top