السياحة الثقافية في الكويت
سبق أن تناولنا في مقال ما يجب على الكويت استثماره من تسميتها عاصمة الثقافة والإعلام العربي لعام 2025، من حيث تنظيم الفعاليات المتعددة التي تعكس حضارة الدولة وتاريخها، وتقدّم تراثها بثوب قشيب يتم تسويقه عربياً ودولياً.
الحدث مناسبة مهمة على صعيد التنمية الثقافية، وهو ما يوجب استثمار هذه الفرصة وغيرها من الفرص في غرس الوعي الثقافي البنّاء في نفوس الأبناء، لأنّ الثقافة أسلوب حياة ونمط تفكير، وتمثّل سلوكاً وارتقاء اجتماعياً وإنسانياً، ومناسبة لدفع الجيل إلى التفاعل وفهم الثقافات الأخرى.
الثقافة والوعي مكملان لبعضهما، ففي الوعي والثقافة يكمن العيش المشترك والنظر إلى المستقبل. نفهم الثقافات المختلفة ونحترمها، وهو ما من شأنه أن ينشئ علاقات دولية أكثر نجاحاً ونماء.
الحراك الثقافي الهادف يساعد في تقريب الشعوب الحية مع بعضهما، مع التشديد على عدم التفريط في حماية الموروثات الوطنية.
وهنا لا بُد من الإشارة إلى شيء مهم وحاسم، وهو حسن اختيار نماذج الثقافة والفن، فتكون ذات قيم عليا وأهداف اجتماعية وتربوية.
كما لا نغفل عن قضية مهمة، تفرض نفسها مع هذا الحدث، وهو تعزيز ما نصطلح عليه اسم «السياحة الثقافية»، التي أصبحت أحد الروافد الرئيسية والداعمة للاقتصاد الوطني، وتسهم بشكل كبير في تحريك عجلة السياحة.
فلم تعد السياحة مقتصرة على الترفيه والتسوق، في ظل ما نراه من إقبال عالمي على المهرجانات والفعاليات الثقافية والفنية الراقية، وحتى الرياضية، مما يعزز فكرة تنمية هذا الأمر، ولاسيما أن لدينا معالم مهمة، مثل مركز جابر الأحمد الثقافي (دار الأوبرا)، ومركز عبدالله السالم الثقافي، ومكتبة الكويت الوطنية، والمتاحف الوطنية، والمعارض التشكيلية، وغيرها، إلى جانب المباني التاريخية، والإرث العمراني والمعماري، والحدائق، والأسواق التراثية، والمرافق السياحية، وهو ما يؤهل الكويت لتنظيم الفعاليات بسهولة وترحيب.
وتمثّل المناسبة فرصة لتبادل الأفكار والمعرفة، والاطلاع على تجارب الآخرين، والاستفادة منها، من خلال تقديم محتوى هادف، يحقق الغاية المرجوة من ورائه، ويخلق روح التنافس، وتشجيع الكفاءات على الإبداع والتميز.
تُعد الكويت واحدة من الدول التي تمتلك إرثا ثقافيا مميزا، يمتد عبر التاريخ، ويرتكز على مزيج من التراث المحلي والتفاعل مع الثقافات العالمية، هي محرّك للنمو الاقتصادي والاجتماعي، من خلالها تتجلى ملامح الهوية الكويتية أمام العالم، وتوفير بيئة ملهمة وحاضنة، مما يرفع من مكانة الكويت كوجهة ثقافية مميزة.
وتعتبر السياحة الثقافية الهادفة عنصرا جاذبا للسياح، حيث يفضل العديد من المسافرين زيارة الدول التي تقدّم تجارب تفاعلية ممتعة ومفيدة.
وفي الكويت، يمكن استثمار هذا الحراك السياحي عبر الاستثمار في البنية التحتية الثقافية، فهو استثمار طويل الأمد، عبر تطوير القطاعات الثقافية واستثمارها بشكل استراتيجي، يمكن للكويت أن تتحول إلى وجهة ثقافية، ومقصد سياحي، مما يسهم في تنويع مصادر الدخل الوطني، ويضعها في مصافّ الدول الرائدة بهذا المجال.