سجال بين عباس و«حماس» حول «الدولة المصغرة»
• ترامب يصر على مقترح «نقل» سكان غزة وسط رفض دولي... ومصر تنفي اتصاله بالسيسي
مع تزايد الحديث عن مصير الحكم في قطاع غزة بعد استكمال مراحل وقف إطلاق النار، شهدت الساحة الفلسطينية سجالاً بين الرئيس الفلسطيني محمود عباس وحركة حماس، محوره خطط دولية وإقليمية لإقامة «دولة فلسطينية مصغرة»، في حين أظهر الرئيس الأميركي دونالد ترامب تمسّكه بمقترح «نقل» سكان قطاع غزة الى دول مجاورة، رغم رفض عربي وأوروبي للمقترح.
وعقّبت الرئاسة الفلسطينية، في بيان، على عدد من التقارير الصحافية التي تتحدث عن وجود أفكار أميركية وإقليمية لإقامة دولة فلسطينية مصغرة، وتبادل موسّع للأراضي مع إسرائيل، محذّرة «الأطراف المتورطة في مثل هذه المشاريع المشبوهة من التمادي في التعاطي مع هذه المخططات التي تشكّل خيانة لدماء الشعب الفلسطيني وتضحياته المستمرة منذ مئة عام، من أجل قيام دولته المستقلة على كامل ترابها الوطني بعاصمتها القدس الشرقية».
وحذّر البيان حركة حماس من أن «أي حلول تمسّ بالحدود المعترف بها دولياً مرفوضة، ولن يُسمح بتمريرها على حساب نضال الفلسطينيين وثوابتهم».
واعتبر أن «مشاريع الدولة المصغرة والتهجير خيانة لدماء وتضحيات الشعب الفلسطيني»، داعيا «حماس إلى مراجعة حساباتها، وتقديم المصالح الوطنية».
وأوضحت الرئاسة الفلسطينية أن «تحقيق السلام والاستقرار لن يتم إلا من خلال تطبيق قرارات الشرعية الدولية، ومبادرة السلام العربية».
في المقابل، عبّرت «حماس»، على لسان الناطق باسمها حازم قاسم، عن «استهجانها بشدة تصريحات رئاسة السلطة بزجّ اسم الحركة فيما أسمته لقاءات مشبوهة لتداول أفكار حول إقامة دولة فلسطينية مصغرة».
وأكد قاسم «عدم وجود هكذا طروحات إلّا في خيال بعض المتنفذين في السلطة، بهدف تشويه صورة الحركة، بعدما حققته من إنجازات في إفشال مشاريع التهجير وإجبار العدو الصهيوني على وقف العدوان، وإنجاز صفقة تبادل مشرّفة».
ودعا قاسم السلطة الى «الكف عن حملة التشويه والتضليل، وتغليب المصلحة العليا لشعبنا في هذا الظرف الحساس والدقيق من عمر قضيتنا، والتجاوب مع دعوات الحركة والقوى الوطنية كافة لترتيب البيت الداخلي الفلسطيني، بما يخدم جهود إغاثة شعبنا وإزالة آثار العدوان، والوقوف معاً لحماية شعبنا وحقوقه».
مخطط ترامب
ورغم الرفض الواسع والصريح لأي مخطط لتهجير الفلسطينيين، واصل الرئيس الأميركي دونالد ترامب الضغط على مصر والأردن لاستقبال سكان غزة.
وبعد طرحه - السبت - فكرة «نقل» الغزيين الى خارج قطاع غزة، الذي حوّله العدوان خلال أكثر من 15 شهراً إلى «كومة مهدمة»، أوضح ترامب ليل الاثنين - الثلاثاء أن اقتراحه يهدف الى «تمكين الفلسطينيين من العيش في منطقة من دون اضطرابات وثورة وعنف».
وقال ترامب، على متن طائرته: «عندما تنظرون إلى قطاع غزة، فقد كان جحيمًا لسنوات عديدة، ويبدو الأمر كما يلي: بدأت حضارات مختلفة هنا قبل آلاف السنين، وكان هناك دائمًا عنف، لذلك، أعتقد أنه يمكنك جعل الناس تعيش في مناطق أكثر أمانًا، وربما أفضل بكثير، وربما أكثر راحة».
وأكد ترامب، الذي أجرى محادثات هاتفية مع عاهل الأردن الملك عبدالله الثاني، أنه تحدّث مع الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، لكنّه رفض أن يقول بشكل مباشر رأي السيسي في استقبال اللاجئين الفلسطينيين. وقال: «أود أن أفعل ذلك، أتمنى أن يأخذ بعضًا منهم، فنحن نساعدهم كثيرًا، وأنا متأكد من أنه يستطيع مساعدتنا، إنه صديق لي».
وأضاف: «إنه في جزء صعب للغاية من العالم، لأكون صادقًا، كما يقولون إنها منطقة صعبة، لكنني أعتقد أنه يستطيع القيام بذلك، وأعتقد أن ملك الأردن سيفعل ذلك أيضاً».
وردا على سؤال عن حل الدولتين، أجاب ترامب أنه سيلتقي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بواشنطن «في مستقبل غير بعيد، سيأتي إلى هنا للقائي قريباً جداً».
وكشفت القناة 12 العبرية أن ترامب لديه خطة لنقل 100 ألف من سكان غزة إلى دولة ألبانيا، مؤكدة أنها واحدة من أفقر البلدان في أوروبا وتحتاج إلى العمالة، وسيكون من الأسهل تقديم حوافز لهم، وذلك من أجل الموافقة على الاستيعاب على نطاق واسع». ونفى رئيس وزراء ألبانيا، إيدي راما، هذه التقارير أو تحمّل أي مسؤولية من هذا القبيل.
كذلك نفى مصدر مصري رفيع إجراء اتصال هاتفي بين السيسي وترامب، مؤكداً أن «أي اتصال مماثل يتم الإعلان عنه، وفقا للمتبع مع رؤساء الدول»، مشددا على ضرورة «تحرّي الدقة في هذا التوقيت الدقيق».
وبعد رفض القاهرة وعمّان أي تهجير لسكان غزة، أجرى وزير الخارجية الأميركي، ماركو روبيو، اتصالاً مع العاهل الأردني، أمس، ناقش تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار ورسم مسار للأمن والاستقرار بالمنطقة».
في المقابل، قال وزير خارجية فرنسا، جان نويل بارو، اليوم، إن فكرة توطين الغزيين في دول أخرى لا تتوافق مع القرارات الدولية، وذلك عقب موقف مماثل من المانيا، فيما شدد المستشار الألماني، أولاف شولتس، على أن الوقت قد حان لبحث المستقبل السياسي لغزة.
وفي طهران، قال وزير خارجية إيران، عباس عراقجي، إنه على ترامب إرسال الإسرائيليين إلى غرينلاند، بدل نقل الفلسطينيين الى الأردن ومصر.
300 ألف فلسطيني
ووسط مشاعر مختلطة بين فرح العودة والألم الناتج عن مشاهد الدمار، واصل مئات آلاف النازحين العودة إلى شمال وادي غزة، عبر شارع الرشيد وصلاح الدين، لليوم الثاني.
ووجد العائدون إلى منازلهم المنطقة في حالة خراب، مع سعى كثيرين منهم للبحث عن مأوى بين الأنقاض أو عند أقارب فرّقتهم الدروب في رحلة عودة تشوبها الفوضى.
ووفق المكتب الحكومي بغزة، تمكّن 300 ألف نازح من العودة إلى محافظتَي غزة والشمال.
وعشية وصول مبعوث ترامب للشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، إلى السعودية قبل أن يتوجه في اليوم التالي إلى القدس، أعلنت قطر أنها تواصل تهيئة الأجواء لبدء مفاوضات المرحلة الثانية من اتفاق وقف النار، فيما قالت هيئة البث العبرية إن محادثات أولية بشأن إطار المرحلة الثانية بدأت بالفعل.