مشروع تكويت القطاع التعاوني
تناولت وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي يوم الأحد الموافق 19 يناير 2025 خبر إصدار وزيرة الشؤون الاجتماعية وشؤون الأسرة والطفولة الدكتورة أمثال الحويلة القرار الوزاري رقم (25) لسنة 2025 بشأن تشكيل لجنة برئاسة وكيل الوزارة لمتابعة تنفيذ خطة تكويت الوظائف في الجمعيات التعاونية بالتنسيق مع الأطراف المعنية، والمتمثلة في الهيئة العامة للقوى العاملة واتحاد الجمعيات التعاونية الاستهلاكية، للإسراع في تنفيذ خطة تكويت الوظائف بالجمعيات والاتحادات التعاونية، وذلك إعمالاً لأحكام قرار مجلس الوزراء رقم (193) الصادر في اجتماعه رقم 7/ 2023 المنعقد بتاريخ 6 فبراير 2023 بشأن تكليف وزارة الشؤون الاجتماعية والهيئة العامة للقوى العاملة بوضع خطة تنفيذية لمشروع تكويت الوظائف الإشرافية في الجمعيات التعاونية واتخاذ كل الإجراءات اللازمة لتنفيذ المشروع.
ومن الجدير بالذكر أنه في 16 مايو 2023 قام المدير العام للهيئة العامة للقوى العاملة بالتكليف السيد مرزوق العتيبي بتوقيع مذكرة تفاهم مشتركة بين الهيئة العامة للقوى العاملة ووزارة الشؤون الاجتماعية، استهدفت تكويت الوظائف الإشرافية والقيادية في القطاع التعاوني. وتأتي هذه المذكرة في إطار توجيهات النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية ووزير الدفاع بالوكالة السابق الشيخ طلال الخالد، بتفعيل سياسة تكويت الوظائف بما يتواءم مع توجهات الحكومة بزيادة نسب توظيف الكويتيين في القطاع الأهلي.
ومن خلال تحليل القرار الوزاري رقم (25) لسنة 2025 الذي أصدرته معالي وزيرة الشؤون الاجتماعية وشؤون الأسرة والطفولة د. أمثال الحويلة، وكذلك المذكرة الموقعة في 16 مايو 2023 وتتبع آثارهما على أرض الواقع، نجد أن مجموع عدد الوظائف الإشرافية (مدير عام ونائبان للمدير العام) في القطاع التعاوني يتراوح ما بين 210 إلى 220 وظيفة، بفرض أن عدد الجمعيات التعاونية في الكويت يتراوح ما بين 70 - 73 جمعية تعاونية. كذلك فإن عدد وظائف رؤساء الأقسام في القطاع التعاوني يتراوح ما بين 210 - 290 وظيفة إشرافية، بفرض أن عدد وظائف رؤساء الأقسام في كل جمعية هو من 3 - 4. وبناءً على ذلك، فإن مجموع عدد الوظائف المتوقع شغلها بالتكويت في القطاع التعاوني نتيجة لهذا القرار سيتراوح ما بين 420 - 510 وظائف قيادية وإشرافية. وتجدر الإشارة إلى أن أغلب هذه الوظائف يُفترض أنها مشغولة بالكويتيين حالياً، طبقاً للقرار رقم (16) لسنة 2016 الذي يشترط تكويت الوظائف الإشرافية في الجمعيات التعاونية.
وتماشياً مع ما تم ذكره، فإن ظاهر الخبر يوحي بأنه سيفتح مجالاً وفرصاً كثيرة للكويتيين للعمل في القطاع التعاوني، إلا أنه استناداً إلى ما سبق ذكره فإن ذلك بعيد عن أرض الواقع! حيث أصدرت وزارة الشؤون القرار رقم (68/2023)، الذي تشترط المادة 50 منه ألا يكون المتقدم للوظيفة الإشرافية متقاعداً لأي سبب كان، وبذلك يُحرم جميع المتقاعدين الكويتيين من العمل في القطاع التعاوني. وبشكل عام يمكن أن نلتمس العذر للوزارة إذا كان الهدف من عدم توظيف المتقاعدين الكويتيين هو إعطاء فرصة وأولوية لحديثي التخرج من الكويتيين الذين يرغبون بالعمل في المجال التعاوني، ولكن أن يتم إبعاد المتقاعدين الكويتيين فقط بسبب أنهم متقاعدون، فهذا توجه خاطئ يمكن أن يُفرغ القطاع التعاوني من بعض الخبرات الوطنية في المجالات الإدارية والقانونية والاقتصادية والمالية والتسويقية. وفي نفس الوقت، يفتح المجال التعاوني للعمالة الوافدة لزيادة وجودها في هذا القطاع الحيوي.
إن الواجب الوطني يتطلب تكويت جميع الوظائف في الجمعيات التعاونية، ولا يقتصر الأمر فقط على الوظائف الإشرافية في هذا القطاع الحيوي، بل يجب أن يشمل جميع الوظائف في القطاع التعاوني. وهذا لا يعني أن يتم فتح المجال لكل من هب ودب، بل يجب أن يتم تحديد الشروط والمؤهلات العلمية والخبرات العملية الواجب توافرها لمختلف الوظائف في المجال التعاوني، وإجراء المقابلات الشخصية للتأكد من كفاءة المتقدمين لشغل هذه الوظائف المتخصصة، وتسريع وتسهيل الإجراءات لتنفيذ خطة تكويت الوظائف في الجمعيات والاتحادات التعاونية.
وبهذه المناسبة، أرجو أن يطلع المسؤولون عن التركيبة السكانية على الدراسة التي أعدها فريق التركيبة السكانية المشكل برئاسة معالي الوزير السابق أحمد الكليب بتاريخ 23/8/2020، وعلى التوصيات العديدة والقيمة التي اقترحها الفريق في تقريره بشأن تكويت الوظائف ليس فقط في المجال التعاوني، بل في مختلف المجالات الأمنية والتعليمية والاقتصادية والاجتماعية والإنسانية والتنظيمية.
ودمتم سالمين.