الأوليغاركية
باختصار، الأوليغاركية أو الأوليغارشية تعني الأقلية، أو سياسياً حكم الأقلية، بالطبع عكس الديموقراطية التي هي حكم الأكثرية. وفي الغالب كانت الأقلية هي الأقلية الثرية أو النخبة التي تتحكم بحكم ثرائها في الآخرين. وقد عُرفت الأوليغاركية في العصور القديمة بالطبع، ولكن أقرب أمثلة زمنياً لنا هي روديسيا وجنوب إفريقيا، حيث تحكمت أقلية بيضاء بالقرن الماضي في أغلبية السكان السود بالطبع، بالإضافة أيضاً، وكما هو معلوم، إلى ولاية زنجبار التي حكم بها قلة من العرب جموع الأفارقة السود، وانتهى حكمهم بالتمرد عليهم عام 1964، وقُتل في هذا التمرد معظم العرب (عشرون ألفاً) أغلبهم عمانيون. النظام السوري المنهار أيضاً هو نظام أوليغاركي تحكمت به القلة العلوية في جميع مكونات الشعب السوري.
لقد عادت الأوليغاركية بصور مخففة في عدة أنظمة، وعلى الأقل اتهمت بعض الدول بأنها تميل إلى هذه الأوليغاركية بسبب انحيازها أو تفضيلها لطبقات أو فئات على الآخرين. ولم تسلم دول عديدة وعريقة في الديموقراطية من أنها أوليغاركية كالولايات المتحدة، التي اتهمها بعض مواطنيها بأنها تميل إلى تفضيل الأثرياء، في وقت صنف البعض الاتحاد السوفياتي السابق بأنه نظام أوليغاركي لأنه يفضل الشيوعيين على المواطنين الآخرين. أي أن النظام الأوليغاركي ليس بالضرورة أن يكون نظاماً قمعياً، بل قد يكون نظاماً ديموقراطياً كالنظام الأميركي، ومع هذا فهو لم يسلم من تهمة «الأوليغاركية» بحجة أن النخبة من الأنجلوساكسون هي من تتحكم فيه.
واليوم وهنا في الكويت فإننا نرى دعوات إلى حكم الأقلية أو الأوليغاركية، إذ إن هناك اتجاهاً واضحاً يطرح نفسه بصراحة ووضوح، يميل إلى حصر الحكم أو المشاركة السياسية والإدارية في «الأصليين» من الكويت... والأصليون من الكويتيين هم سكان ما قبل 1920. من تجنسوا بعد هذا التاريخ هم درجة ثانية لا يستحقون المشاركة السياسية ولا يشغلون المقاعد الإدارية أو حتى الوظائف الإشرافية، حسبما تسعى له القلة الداعمة لمثل هذا الطرح.
وهذا الاتجاه مع الأسف ليس اتجاه مجموعة منحرفة أو طائشة، ولكنه اتجاه ناشط أعلن أكثر من مرة عن هويته «الأوليغاركية» فيما يقترحه من قوانين أو تعديلات دستورية تقصر شغل الوظائف الإشرافية والعليا وحتى الترشيح والانتخاب على النخبة من الكويتيين الأصليين. ومن المؤسف أن هناك استجابة وتعاطفاً مع هذا الاتجاه من الكثيرين ممن يهيمنون على وسائل الإعلام أو الأجهزة الحساسة.