الجنسية والخيانة العظمى

نشر في 26-01-2025
آخر تحديث 26-01-2025 | 07:20
 بدر خالد البحر

فقدنا أمل القصاص لعقود مضت من مرتكبي جرائم الخيانة العظمى بحق الوطن بعد صدور أحكام ضدهم بالسجن لا ترقى لعدالة الإعدام، ثم ازددنا حسرة حين أطلق سراحهم محمولين على الأكتاف في منظر مقزز مثير للاشمئزاز فخورين ببطولاتهم وولائهم للعدو، عادوا يسرحون ويمرحون، عادوا لمقار أعمالهم قبل ارتكابهم للخيانة، حدث ذلك للخلايا الإرهابية التي أدينت بتفجيرات مصافي النفط قبل الغزو، ولخلية العبدلي!

ولكننا في الخلية الأخيرة عزمنا على إقامة دعوى أو شكوى للنيابة، متى كان الوضع مواتياً، مستندين إلى الأسباب التي ذكرناها في مقالنا المنشور نوفمبر 2022 بعنوان «شبهة بطلان قرار الفتوى والتشريع» لنواجهها برأينا في بطلان ما بررته من جواز إعادة تعيين بعض أعضاء خلية العبدلي في أعمالهم رغم إدانتهم بجريمة خيانة عظمى ارتكبوا فيها عمداً، طبقاً لما جاء في حكم محكمة التمييز، أفعالاً تمس وحدة وسلامة أراضي الكويت، وجلب وتخزين ونقل مواد متفجرة وأسلحة وذخائر، وتدربوا على استعمالها بقصد استخدامها، وسعوا لدى دولة أجنبية وتخابروا معها ومع جماعة «حزب الله»، للقيام بأعمال عدائية لإشاعة الذعر والفوضى بالكويت، وقبلوا منهما أموالاً ومنافع بقصد ارتكاب أعمال تضر بالمصالح القومية للبلاد، وانضموا إلى «حزب الله» لنشر مبادئ ترمي إلى هدم النظم الأساسية بطرق غير مشروعة، والانقضاض على النظام الاجتماعي والاقتصادي، متدربين على حمل الأسلحة والذخائر.

وقد أجاز قرار «الفتوى» إعادة تعيينهم لوظائفهم باعتبار الحكم الصادر من محكمة التمييز، بشأن جريمة أمن الدولة، يدخل في نطاق عدم جواز إثبات «السابقة الجزائية الأولى» في الصحيفة الجنائية لهؤلاء، مما جعلنا نطعن بقرار إدارة الفتوى كونها ارتكبت مخالفة صريحة لنص المادة الأولى من القانون نفسه الذي استندت إليه بشأن عدم إثبات السابقة الجزائية الأولى، لأن القانون قد استثنى الصادرة بحقهم أحكام أمن دولة وبالمحصلة فلا يجوز إعادة تعيينهم لشغل وظائف عامة، حتى وإن حصلوا على العفو الخاص لأن هذا العفو ينصب على العقوبة دون الجريمة ولا يمحو الآثار المترتبة على الحكم الجزائي، علاوة على أنهم لم يرد إليهم اعتبارهم.

كما ارتكبت إدارة الفتوى مخالفة أخرى باستنادها إلى قانون 47/‏2005، الذي جاء واضحاً بنص لا يقبل التأويل، حين خص بالذكر «أعضاء هيئة التدريس» فقط، ولم يذكر أعضاء هيئة التدريب الذين استخدمت لهم إدارة الفتوى هذا القانون لإعادة تعيينهم بغير وجه حق. وبالتالي فإن هؤلاء المحكوم عليهم بجريمة أمن دولة ليسوا من الأصناف التي أجاز لها القانون العودة، لنرفض رفضاً قاطعاً وقوف من أدينوا بالخيانة أمام أبنائنا الطلبة، فأي قدوة نضع أمامهم لينهلوا منها العلم؟!

ولما اشتمل مؤخراً مرسوم سحب الجناسي المدانين بالخيانة العظمى حمدنا الله أن جعل سموه يشفي صدور الكويتيين، ويطفئ غليلنا بسرعة فاقت قدرتنا على الاحتفاء به لفرحتنا فكتبنا نظماً حراً تعددت بحوره هذه بعض أبياته:

المشعلُ أَلمعُ أنواراً مِنَ الشُّهُبِ

في سيفهِ الفصلُ عند الخَطْبِ والكُرَبِ

يا من بترت حبال الزور فانقطعت

كلُّ الرزايا من عارٍ ومن صخبِ

مالت علينا الدنيا في مصائبها

وجنسوا في حمانا كلّ مُغتصبِ

ودنسوا في رحاب الدار شائبةً

وجمّعوا من ردايا الشاةِ والذّنبِ

حتى أتيت بحزمك قاصماً يقظاً

ترعى حمى الدار فيه محتسبِ

***

إن أصبت فمن الله وإن أخطأت فمن نفسي.

back to top