التربية الإعلامية والمعلوماتية درع المجتمع

نشر في 24-01-2025
آخر تحديث 23-01-2025 | 21:29
 فوزية أبل

مع التطورات السريعة في عالم التكنولوجيا وزيادة كثافة الأخبار والمعلومات، أصبحت التوعية الإعلامية أولوية ملحّة في المجتمعات الحديثة. يعد الوعي الإعلامي مهارة أساسية تمكّن الأفراد من التعامل بشكل صحيح مع التدفق المستمر للمعلومات عبر وسائل التواصل والإعلام الرقمي.

ويهدف الوعي الإعلامي إلى تمكين الأفراد من فهم الرسائل الإعلامية وتحليلها نقديًا. في ظل انتشار الأخبار الزائفة والمضللة، تشير الدراسات إلى أن 59% من مستخدمي الإنترنت حول العالم قد تعرضوا لأخبار كاذبة على الأقل مرة واحدة في الشهر. ويعزز الوعي الإعلامي القدرة على التمييز بين المحتوى الصحيح والمزيف، ما يقلل من انتشار المعلومات المضللة ويحمي المجتمع من آثارها.

ولا تقتصر التوعية الإعلامية على جيل معيّن. بل يجب أن تشمل: الشباب، باعتبارهم الأكثر استخدامًا لوسائل التواصل الاجتماعي. تشير تقارير إلى أن 78% من الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 16 و24 عامًا يستخدمون وسائل التواصل يوميًا.

والأطفال، لتعزيز التربية الإعلامية من سن مبكرة، مما يساعدهم على فهم الرسائل وتحليلها بدلًا من الانسياق ورائها.

وكبار السن، الذين قد يكونون أكثر عرضة للتأثر بالمعلومات المغلوطة بسبب نقص الخبرة الرقمية.

وأمام هذا لا يعنينا سوى التربية الإعلامية المُهتمة بتدريب الأفراد على التفكير النقدي وتحليل المحتوى الإعلامي، وتقييم المحتوى، وتحليل مصادر الأخبار، والتحقق من المصداقية. وفهم الرسائل الإعلامية، وتفكيك النصوص البصرية أو المكتوبة لفهم القيم والمصالح التي تعبّر عنها.

وأهمية اكتساب مهارات التفكير النقدي، وفقًا لتقرير «يونسكو» (2023)، تؤدي التربية الإعلامية إلى تحسين القدرة على التفكير النقدي بنسبة تصل إلى 85% بين الشباب الذين يخضعون لبرامج تعليمية متخصصة.

وأمام كمّ المعلومات المضللة التي تملأ الفضاء الإلكتروني، تجدر الإشارة أيضًا للإيجابيات التي يمكن الاستفادة منها على سبيل المثال، تسهيل الوصول إلى المعلومات، تعزيز التواصل الاجتماعي، دعم التعليم عن بُعد ولكن هذا لا يخلو من تحديات، مثل التأثير النفسي السلبي بسبب التنمر الإلكتروني. وتضخيم الأخبار الكاذبة، خاصة في أوقات الأزمات. واستغلال البيانات الشخصية لأغراض تجارية أو سياسية.

ولكي يتمكن المجتمع من التعامل بفعالية مع الإعلام الرقمي، يجب أن تركز الجهود من خلال إطلاق حملات توعية جماهيرية، لتعريف الناس بمخاطر المعلومات المغلوطة.

وتدريب الصحافيين والإعلاميين والمدرسين، ليكونوا نموذجًا يحتذى في نشر الوعي الإعلامي. وكذلك إدخال المناهج التعليمية المتخصصة، لتعزيز المهارات الإعلامية في المدارس والجامعات.

أخيرًا، الوعي الإعلامي ليس رفاهية، بل ضرورة في عصرنا الحالي. إن تطوير هذا الوعي يتطلب تعاونًا جماعيًا بين الجهات المسؤولة في الدولة، والمؤسسات التعليمية، ومنصات الإعلام.

عبر تعزيز التربية الإعلامية، يمكننا بناء مجتمعات قادرة على الاستفادة من الإيجابيات، والتصدي للتأثيرات السلبية، والارتقاء إلى مستوى أعلى من التفكير النقدي في التعامل مع الإعلام.

back to top