مجاراة الكبار

نشر في 24-01-2025
آخر تحديث 23-01-2025 | 21:21
 د. حمود حطاب العنزي

وَإِنِّي لأَرْجُو اللَّهَ حَتَّى كَأَنَّنِي

أَرَى بِجَمِيْلِ الظَّنِّ مَا اللَّهُ صَانِعُ

تناول الكاتب المخضرم تركي الدخيل هذا البيت في مقالٍ أدبي مُتقن بجريدة الشرق الأوسط في 7 ديسمبر 2024.

وهنا نحاول مجاراة الكبار، فنقول: إن حُسن الظن بالله ملجأ القلوب المُنكسرة، وراحة للنفوس المُنهكة، وسعادة للأرواح المُتعبة، وفيه تجد لذة الدنيا ونعيم الآخرة، ومَنْ أحسن الظن بالله دُبِّرَ أمره من صاحب الأمر.

وعلى النقيض، سيئ الظن بالله، يغشاه الهم والغم والحزن. قال تعالى: {... وَطَائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنفُسُهُمْ يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ يَقُولُونَ هَل لَّنَا مِنَ الْأَمْرِ مِن شَيْءٍ قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ...} [سورة آل عمران - 154].

إذا أمعنا التفكير تدبَّرنا، فالنار لم تحرق سيدنا إبراهيم، عليه السلام، والبئر لم تغيّب سيدنا يوسف، عليه السلام، والبحر لم يُغرق سيدنا موسى، عليه السلام، والحوت لم يأكل سيدنا يونس، عليه السلام. قال صلى الله عليه وسلم (فيما معناه): «لو اجتمع الإنس والجن على أن يضروك بشيء لن يضروك إلا بما كتبه ﷲ عليك، ولو اجتمع الإنس والجن على أن ينفعوك بشيء لن ينفعوك إلا بما كتبه ﷲ لك».

وهنا يتبادر للذهن سؤال: ما معنى حُسن الظن بالله؟

هو أن يُحسن العبد ظنه بربه أنه يقبل توبته، وأنه يعفو عنه، ويجتهد في أسباب العفو من الصدقة، والرحمة للفقراء، وكثرة الاستغفار، والتوبة، والندم، والإقلاع، وكثرة الأعمال الصالحات، مع اليقين أن الله يقبلها، وأنه لا يردَّها جل جلاله.

قال أعرابي: «مَنْ يحاسبنا إذا متنا؟ قالوا له: الله سبحانه وتعالى، قال: نجونا ورب الكعبة».

ولن يتجاوز الرصد قول عامر بن عبد قيس، حين قال: «أربع آيات في كتاب الله إذا ذكرتهن لا أُبالي على ما أصبحت أو أمسيت:

قول الله تعالى: {ما يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِن رَّحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِن بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [سورة فاطر - 2].

وقوله تعالى: {وإِن يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِن يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلَا رَادَّ لِفَضْلِهِ يُصِيبُ بِهِ مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ}

[سورة يونس - 107].وقوله تعالى: {.... سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا} [سورة الطلاق - 7].

وقوله تعالى: {وَمَا مِن دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ } [سورة هود - 6].

ونضيف خامسة، قال تعالى: {قُل لَّن يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ} [سورة التوبة -51].

back to top