المضمون والفحوى من رحلة المغرب الأقصى

نشر في 24-01-2025
آخر تحديث 23-01-2025 | 21:13
 د. خالد الصيفي

أما وقد حطّ الرّكْب رحاله لما نادته أوطانه، وارتاح من وعثاء السفر، فحمد الله لينال الأجر، فلا بُد من توثيق ما رأيناه في المغرب، ليقرأه المسافر لها فلا يستغرب، ولطالما وثّق المسافرون رحلاتهم، لا سيما بالصور وبالرسائل مع أحبائهم، لكننا فضّلنا طريقة الرحالة قبل زمن الحداثة، حيث الكتابة عن المحطات ووصف اللقطات بأسلوب أدب الرحلات، نستعمل فيه السجع ليطرب له السمع، فيكون للمعنى أوعى وللذكرى أدعى.

وقد كانت مراكش أول مقر، وخير ما بدأنا به السفر، حيث الحدائق الفخمة والقصور الضخمة، والنوافير الرشيقة والميادين العتيقة، وتقاليد البربر تجول بين المدينة والبَر. ومنها عرجنا جهة رباط الفتح، حيث المحيط الشرح، وغذاء النظر بمشاهد الشجر، وبياض الدور وبهاء الزهور، وصومعة حسان المشيدة بإتقان، ونهرها الرقراق يودعنا ويشكو الفراق. ومنها انطلقنا لإفران حيث جامعة الإخوان، وبنيان الغرب كأنك في جبال الألب، ولو صادفنا فيها الجليد لاستحقت العناء من بعيد. وبعدها وصلنا فاس فوجدنا زحمة الناس، وإذا بنا ننساق وسط الأسواق، ففتحنا الجيوب بين متاهات الدروب، وأصبح العاجز هو القادر وظفرنا بكل نادر. ثم توغلنا شمالاً جهة طنجة، حيث السرور والبهجة، وطارق يناجينا ومن جبله يحيينا، والأندلس من ورائه تختلس، نظرة الشوق بعتمة الغلس، فتحبس العبرات وتطيل النظرات، كأنها تنادينا فتكاد تبكينا. ثم نزل الوفد المتعاون بلدة شفشاون، كنز الشمال وهدية الجبال، ومزيج الماء بغيوم السماء، وزرقة المنازل بين درب صاعد وآخر نازل. ثم إلى تطوان بيضة الألوان ومروى الظمآن، بنهرها المنساب وسهلها الجذاب، وعراقة أهلها ونبل أصلها. وبالدار البيضاء زدنا الغلّة فختمنا الرحلة، بعد أن تنفسنا هواءها النسيم، وصلينا بمسجدها العظيم، بموقعه المحيط بضفاف المحيط، وبذلك تمت جولة الرابطة في بلاد المغاربة، بحمد الرحمن ودعاء المنان، والصلاة والسلام على سيد الأنام الهاشمي العدنان.

back to top